كتب: صهيب شمس
روسيا تستهدف أقمار بريطانية عسكرية، بحسب ما كشف عنه رئيس قيادة الفضاء البريطانية في مقابلة صحفية، مشيراً إلى أن موسكو تتدخل وتلاحق الأصول الفضائية العسكرية للمملكة المتحدة بشكل متكرر، بل تحاول أيضاً تشويشها عبر نظم أرضية على أساس أسبوعي. التصريحات تعكس تصعيداً في الأنشطة المضادة للفضاء منذ الغزو الروسي لأوكرانيا وتضع تساؤلات حول قدرة بريطانيا على حماية أصولها الفضائية الحساسة.
تفاصيل استهداف روسيا لأقمار بريطانية عسكرية
اللواء بول تيدمان، قائد قيادة الفضاء بالمملكة المتحدة، تحدث للمرة الأولى عن مستوى التدخل الروسي في أصول بريطانيا الفضائية العسكرية. قال إن “هم يهتمون بما نفعله ويطيرون بالقرب نسبياً”، مشيراً إلى وجود حمولات على أقمار روسية قادرة على رؤية أقمار بريطانيا العسكرية ومحاولة جمع معلومات عنها. وصف تيدمان هذا النشاط بأنه “متعمد” وأنه تصاعد منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا، مع تكرار محاولات الاقتراب والمراقبة.
محاولات روسيا تستهدف أقمار بريطانية عسكرية عبر التشويش الأرضي الأسبوعي
بحسب تيدمان، فإن روسيا لم تكتف بالمراقبة فقط، بل تستخدم نظم تشويش أرضية لمحاولة تعطيل إشارات الأقمار البريطانية العسكرية. وأكد تيدمان أن بريطانيا ترى أقمارها تُشوش من قبل الروس “بشكل مستمر إلى حد معقول” وعندما سئل عن التكرار أجاب ببساطة “أسبوعياً”. كما أشار إلى أن بريطانيا قامت بتركيب تقنيات مضادة للتشويش على أقمارها العسكرية، لكنه أعترف بأن هذه الجهود لم تمنع كافة محاولات التشويش.
تداعيات تكنولوجيا الحمولات المراقبة
الحمولات الموجودة على الأقمار الروسية قادرة على تصوير أو رصد أقمار أخرى ومحاولة جمع بيانات عن مواقعها ووظائفها. هذا النوع من القدرات يمكّن الدول من تتبع نشاطات الأقمار المضادة وجمع معلومات استخباراتية عن بنية ووظائف المنظومات الفضائية المعادية. تيدمان ذكر أن كلا من روسيا والصين اختبرا أسلحة مضادة للأقمار، ما يزيد من المخاطر التشغيلية على الأقمار العاملة.
قدرات المملكة المتحدة مقابل أساطيل روسية وصينية متنامية
تمتلك بريطانيا نحو نصف دستة أقمار مخصصة لأغراض عسكرية توفر الاتصالات والمراقبة، في حين أن الولايات المتحدة والصين وروسيا تمتلك كل واحدة أكثر من مئة قمر عسكري أو سواتل ذات استخدامات عسكرية. كما أن الأسطول المشترك الروسي والصيني قد نما بنسبة 70% خلال العقد الماضي، بحسب التصريحات؛ ما يهيئ خلفية من التنافس والقدرات المتزايدة التي تؤثر في أمن الأصول الفضائية البريطانية.
التهديد بالأسلحة النووية الفضائية والليزر
حذر تيدمان والجهات الأمريكية أيضاً من أن روسيا تعمل على تطوير قدرات قد تسمح بنشر أسلحة نووية في الفضاء. وأضاف أن كل من روسيا والصين طوّرا واختبرا أنظمة مضادة للأقمار، كما طورتا ليزرات يمكن استخدامها لتشويش أو تهييج أو “تعمية” أقمار خصم. ردّاً على ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية عن نية لاختبار حسّاسات لرصد تهديدات ليزرية في الفضاء، كجزء من إجراءات لحماية الأقمار العسكرية.
ازدحام المدار وأرقام المخاطر التشغيلية
اللواء تيدمان أعرب عن قلقه إزاء ما يجري في الفضاء ليس بسبب التهديدات فحسب بل لنمو الازدحام في المدار. هناك نحو 45 ألف جسم في المدار، بينها حوالي 9 آلاف قمر صناعي، ويتوقع أن يشهد هذا العام نحو 300 إطلاق صاروخي آخر. هذا الازدحام يزيد من خطر التصادم ويعقّد عمليات التعقب والدفاع وحماية الأقمار العاملة.
مركز RAF Fylingdales ودور الحراسة والتحذير المبكر
كان تيدمان يتحدث أثناء زيارة إلى قاعدة RAF Fylingdales في نورث يوركشاير، المقر البريطاني والأمريكي لنظام الإنذار المبكر لصواريخ باليستية. الموقع، الذي تغيّرت فيه ثلاثة “قباب غولف” من حقبة الحرب الباردة إلى هرم بارتفاع 30 متراً يضم آلاف الهوائيات، يوفّر تغطية 360 درجة من القطب الشمالي إلى شمال أفريقيا ومن البحر المتوسط إلى المحيط الأطلنطي. راداره قادر على تتبع أجسام بحجم علبة، لمسافة تصل إلى 3000 ميل (4800 كيلومتر) داخل الفضاء. هذا النظام تديره الولايات المتحدة بدعم من متعاقدين بريطانيين، وتعتمد بريطانيا في وقت مواجهة التهديدات على تعاون وثيق مع الحلفاء.
الجاهزية والدفاع الصاروخي والفرص الاستثمارية
أظهر الحديث أن المملكة المتحدة ما تزال تملك قدرة محدودة في مجال الدفاع الصاروخي الباليستي، رغم وعود الحكومة بالاستثمار في مجالي الفضاء والدفاع الصاروخي. تيدمان قال إن بريطانيا التزمت باستثمار مليار جنيه في منظومات متكاملة للدفاع الجوي والبالستي، وتوقع أن يكون لعنصر فضائي دور في كيفية حماية المملكة المتحدة من تهديدات مماثلة لما تصفه الولايات المتحدة بمشروع “القبة الذهبية”. في الوقت ذاته، تنفق المملكة المتحدة نحو 1% من ميزانية دفاعها على الفضاء مقارنة بحوالي 3% في فرنسا و5% في الولايات المتحدة، وهو ما جعل تيدمان يدعو إلى منح الفضاء أولوية أعلى، مع الإشارة إلى أن نحو 450 مليار جنيه من الاقتصاد البريطاني معتمد على الفضاء.
المراقبة اليومية للصواريخ والتهديد الروسي في أوكرانيا
في غرفة العمليات بقاعدة Fylingdales، يعمل أفراد من سرب التحذير الفضائي الثاني في سلاح الجو الملكي على مدار الساعة لاكتشاف إطلاق أي صاروخ. النظام متصل بأقمار واستشعارات أمريكية تتيح اكتشاف إطلاق من أي مكان بالعالم، ويقول ضابط الوردية إنه “مع مصادر أخرى كنا سنعرف أن بريطانيا تحت تهديد خلال دقيقة تقريباً”. أثناء التغطية الإعلامية، وصل إنذار بإطلاق صاروخ باليستي مما أكد أن الفريق يراقب إطلاقات قصيرة المدى تقريباً يومياً، وأن روسيا تقف خلف إطلاق صواريخ متكرر إلى أوكرانيا، وهو سبب قائم منذ إنشاء Fylingdales في حقبة الحرب الباردة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































