كتب: سيد محمد
الترميز بات محور نقاش بين صناعة العملات المشفرة وعملاقـات وول ستريت، حيث تسعى الأطراف المعنية إلى إدخال أسهم مرمزة أو نسخ رقمية من الأسهم التقليدية، تُسجَّل على دفتر الأستاذ الرقمي للبلوك تشين، إلى التيار الرئيسي للأسواق المالية. يؤكد مؤيدو هذه التقنية أنها “ستأكل النظام المالي بأكمله” عبر تحويل أساليب التداول والاستثمار المتعارف عليها، ما يفتح نقاشاً واسعاً حول إمكانات ومخاطر هذه الخطوة.
ما هو الترميز وكيف يعمل
الترميز هو عملية تحويل الأصول التقليدية مثل الأسهم والسندات والعقارات إلى رموز رقمية على البلوك تشين. تُمثّل هذه الرموز ملكية أو حقوقاً في الأصل التقليدي ولكنها تسجّل بشكل رقمي يمكن تداوله عبر منصات تتعامل مع هذه التقنية. يوفر الترميز إمكانية تداول هذه الأصول على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويسمح بتسوية فورية أو أسرع للمعاملات مقارنة بالأسواق التقليدية، كما يفتح المجال لتكاليف معاملات أقل وإمكانية وصول أوسع للمستثمرين التقليديين والصغار الذين لم تكن لديهم إمكانية الوصول سابقاً إلى بعض أنواع الأصول.

فوائد الترميز للأسواق والمستثمرين
يرى مؤيدو الترميز أن تحويل الأصول إلى رموز رقمية سيعزز كفاءة السوق ويزيد من الشفافية. من الفوائد المنقولة عن هذه التقنية أنها تقلل الحاجة إلى الوسطاء التقليديين، مما يؤدي بحسب المتحدثين إلى تخفيض التكاليف وزيادة سرعة تنفيذ الصفقات. كما يُنظر إلى الترميز كوسيلة لتمكين المستثمرين الصغار عبر فتح أسواق كانت مقتصرة على فئات محددة من المستثمرين، بما في ذلك الوصول إلى فئات أصول كانت سابقاً متاحة فقط للأثرياء أو المؤسسات الكبيرة. تتيح الطبيعة الرقمية للأصل إمكانية تداول مستمرة خارج أوقات جلسات التداول التقليدية، وهو ما يعيد تشكيل تصور السيولة والقدرة على الدخول والخروج من مواقع استثمارية.
دور وول ستريت والبنوك الكبرى في تبني الترميز
تشمل قائمة الداعمين لتوجه الترميز بنوكاً ومؤسسات مالية كبيرة مثل JPMorgan Chase وGoldman Sachs، التي ترى في الترميز ثورة محتملة في عمل الأسواق المالية. دعم مثل هذه الجهات يعكس اهتمام القطاع المالي التقليدي بالابتكارات التي جلبتها صناعة العملات المشفرة، ويساعد على تطوير حلول بنية تحتية وعمليات تقنية تلائم متطلبات السوق. مشاركة مؤسسات من هذا الحجم تعطي زخماً أكبر للمناقشات حول كيفية إدراج الأصول المرمزة ضمن نظم التداول الحالية وتكاملها مع البنى التنظيمية والعمليات المستعملة في أسواق رأس المال.

التحديات التنظيمية والتقنية أمام الترميز
رغم ما يحمله الترميز من إمكانيات، يواجه اعتماد هذه التقنية تحديات تنظيمية وتقنية جوهرية. تحتاج الحكومات والهيئات التنظيمية إلى وضع إطار قانوني واضح لحماية المستثمرين وضمان استقرار السوق، وذلك قبل أن يتحول الترميز إلى معيار واسع الانتشار. على الصعيد التقني، تحتاج الشركات إلى تطوير بنية تحتية قوية وآمنة لدعم أنظمة التشفير وتسجيل السجلات وتدقيقها، بما يضمن سلامة المعاملات وحماية الأصول الرقمية. كما يتطلب دمج الأصول المرمزة في الأسواق الحالية معالجة قضايا تتعلق بالتوافق مع القوانين الحالية، والضرائب، وحقوق الملكية، وإمكانية التسوية عبر شبكات مختلفة.
آفاق تطبيق الترميز وتأثيره المحتمل
يربط المعسكر الداعم للترميز بين التطبيق الواسع لهذه التقنية وإمكانية تغيير وجه الأسواق المالية العالمية. يتوقع الخبراء أن يؤدي الاستخدام الأوسع للرموز المميزة إلى إعادة تشكيل نماذج التداول والاستثمار عبر تقليل التكلفة وتعزيز الشفافية وتوسيع قاعدة المستثمرين. في الوقت نفسه، يؤكد الواقع أن الانتقال إلى منظومة تعتمد بشكل كبير على الترميز سيتطلب وقتاً للتغلب على العقبات التنظيمية والتقنية ولإرساء معايير موحدة تضمن حماية المشاركين في السوق. يبقى السؤال المطروح حول السرعة التي ستتبناها المؤسسات التقليدية لهذه الابتكارات، وكيفية تكييف الأطر القانونية والتنظيمية لاستيعاب تحول محتمل في بنية الأسواق.
محددات التنفيذ وأدوار الأطراف المعنية
يمثل التنفيذ العملي لترميز الأصول تحدياً يتطلب تنسيقاً بين القطاع الخاص والجهات التنظيمية. تقع مسؤولية بناء بنى تحتية آمنة وفعالة على عاتق الشركات التي تطور حلول الترميز، بينما تُناط بالهيئات الرقابية مهمة وضع ضوابط تحمي المستثمرين وتحافظ على سلامة السوق. كما أن تدخل مؤسسات مالية كبرى يمكن أن يسرّع من تحقيق الاعتماد المؤسسي للتقنية، لكنه أيضاً يضع تساؤلات حول كيفية إدارة المخاطر والتأكد من أن الفوائد المعلنة مترابطة مع ممارسات تشغيلية وقانونية سليمة.
الفرص والقيود في مشهد متغير
يقدّم الترميز فرصاً واضحة لزيادة الكفاءة وتوسيع المشاركة في الأسواق، لكنه في الوقت ذاته يطرح قيوداً ومخاطراً يجب إدارتها بعناية. على الرغم من الجدل والآراء المتباينة حول مدى تأثير الترميز، تظل الحقيقة أن التطور التقني يفرض نقاشاً مستمراً حول آليات الحوكمة والامتثال الفني والقانوني. وفي غياب إطار واضح وشامل، قد تبقى الفجوة بين الإمكانات النظرية للترميز والقدرة الفعلية على تنفيذها على نطاق واسع أكبر من المتوقع، وهو ما يجعل الوتيرة الحقيقية للتبني مسألة مرتبطة بتطورات تنظيمية وتقنية مستقبلية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































