كتب: علي محمود
قال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات أحمد عامر إن مقبرة خنتي كا تمثل واحدة من أهم مقابر الأسرة السادسة، وتقع شمال هرم الملك “تيتي” بجبانة سقارة الأثرية. وأوضح عامر أن مقبرة خنتي كا تعتبر جزءًا من شارع المقابر الذي يضم مصاطب كبار المسؤولين مثل “مري” و”روكا” و”كاجمني”، وأن ما تشتمل عليه جدرانها من نقوش ورسومات يعكس موقع صاحبها المرموق في البلاط الملكي ومكانته الاجتماعية والوظيفية.
موقع مقبرة خنتي كا وأهميتها التاريخية
يقع موقع المقبرة في نطاق سقارة التي تمثل مشهدًا أثريًا ذا كثافة تاريخية ومعتقدية، وتبرز مقبرة خنتي كا بين المصاطب الأخرى لارتباطها بعصر الأسرة السادسة. بيّن الخبير أن المصطبة تشير إلى مكانة صاحبها داخل المنظومة الإدارية للدولة القديمة، وأن نقوشها الجدارية تقدم شواهد فنية واجتماعية مهمة تعين الباحثين على فهم بنية المجتمع والاقتصاد في تلك الحقبة. ومن خلال إشارتها إلى المواسم الزراعية والطقوس الدينية والحياة اليومية يتمكن علماء المصريات من ترجيح أوجه الإنتاج المحلي وتنظيم العمل خلال العام.
اللوحة المختفية من مقبرة خنتي كا وخصائصها
أشار عامر إلى وجود لوحة أثرية مختفية من مقبرة خنتي كا، منقوش عليها فصول ومشاهد تعكس الحياة الاقتصادية والاجتماعية في عصر الدولة القديمة. وتقدر مساحة هذه اللوحة بنحو 40×60 سم، وهي مصنوعة من الحجر الجيري، وتعد من القطع النادرة التي توثق مشاهد الحياة اليومية والتصوير الفني في تلك الفترة التاريخية. ولفت الخبير إلى أن هذه اللوحة زودت الباحثين بمعلومات أعمق وأكثر وضوحًا حول أنماط الإنتاج والطقوس والمواسم الزراعية، وأن غيابها يمثل خسارة مؤقتة للمصدر البصري الذي كان يضيء كثيرًا من جوانب الدراسة الأثرية والاجتماعية.
محتويات المقبرة وفن العمارة والتنظيم الإداري
ذكر عامر أن مقبرة خنتي كا لا تزال تحتوي على معلومات غنية عن فن العمارة والتنظيم الإداري في الدولة القديمة، وأن المصطبة نفسها تمثل نموذجًا معماريًا يتيح دراسة توزيع المساحات واستخداماتها داخل مصاطب كبار المسؤولين. وتبرز الرسومات الجدارية واللوحات المنحوتة كوثائق تؤكد وجود نظام مرتبط بتوثيق الأعمال والطقوس والمواسم الزراعية، ما يساعد على إعادة تركيب لمسات الحياة اليومية والاجتماعية في ذلك العصر. وبهذا الشكل تصبح المقبرة مصدرًا ذا قيمة مزدوجة: تاريخية وفنية وإدارية.
رد المجلس الأعلى للآثار والإجراءات القانونية
أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن ما تم تداوله عبر عدد من المواقع الإخبارية بشأن اختفاء لوحة أثرية من الحجر الجيري من مقبرة خنتي كا في منطقة آثار سقارة أثار تحركًا رسميًا فوريًا. وأكد خالد أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة وإحالة الموضوع برمته إلى النيابة العامة للتحقيق. وبحسب ما أعلن، فقد تم تشكيل لجنة أثرية برئاسة الدكتور عمرو الطيبي المشرف على منطقة آثار سقارة لجرد محتويات المقبرة والتثبت من حالة القطع الأثرية المتواجدة بداخلها.
وضع المقبرة قبل الواقعة وإجراءات الجرد
نوه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن المقبرة كانت مغلقة تمامًا وتُستخدم كمخزن للآثار منذ اكتشافها في خمسينيات القرن الماضي، وأنها لم تُفتح منذ عام 2019. وعقب العلم بالواقعة تم تشكيل اللجنة الأثرية المختصة للمعاينة والجرد، وفور وصول تقرير اللجنة تم تحويل الموضوع إلى النيابة العامة في ذات اليوم لفتح تحقيق بشأن الملابسات والوقوف على حقيقة ما جرى بشأن اللوحة المختفية. وتابع خالد أن وزارة السياحة والآثار تتابع مجريات التحقيق بالتنسيق مع الجهات المعنية حرصًا على صون وحماية التراث الأثري المصري والحفاظ عليه من أي تجاوزات أو ممارسات غير قانونية.
دور الإنقاذ الأثري والمتابعة المستمرة
أشار الخبير أحمد عامر إلى أن أي قطعة أثرية من مقبرة خنتي كا أو غيرها تعتبر مرجعًا علميًا لا بد من الحفاظ عليه، وأن فقدان لوحة من الحجر الجيري يسلط الضوء على أهمية الإجراءات الوقائية والرقابية في المواقع والأرشيفات التي تحتفظ بالمقتنيات. وبيّن أن التجهيز اللوجستي لأمور التخزين والحماية يجب أن يترافق مع عمليات جرد دورية وتوثيق مستمر يضمن عدم تعرض القطع للأضرار أو الاختفاء، كما أن التنسيق بين الجهات الأثرية والجهات القضائية يظل عنصرًا أساسيًا في متابعة مثل هذه الوقائع.
الأبعاد الأثرية والاجتماعية للمشاهد المصورة
تحتوي الرسومات في مقبرة خنتي كا على مشاهد متعددة تشمل الطقوس الدينية والعمل الزراعي والحياة اليومية، وهذه المشاهد تقدم وثائق مهمة لفهم البنية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة القديمة. وأشار الخبراء إلى أن مثل هذه المواد تساعد في تتبع توزيع العمل، وأنماط الإنتاج، والاتصالات بين النخبة الحاكمة والطبقات العاملة. وفي ضوء ما أكده عامر فإن اللوحة المختفية كانت من تلك المواد النادرة التي تضيف بعدًا بصريًا ومعلوماتيًا لا يمكن تعويضه بسهولة عبر النصوص وحدها.
متابعة السلطات وحماية التراث
جددت وزارة السياحة والآثار التزامها بمتابعة التحقيقات والتنسيق مع الجهات المختصة، مؤكدة أهمية حماية المواقع الأثرية وتحسين سبل الرقابة والحفظ. وفي حالة مقبرة خنتي كا فإن فتح تحقيق فوري من النيابة العامة يشير إلى جدية التعامل مع شكاوى أو بلاغات تتعلق بالآثار، ويعكس أيضًا حرص الجهات الرسمية على الحفاظ على الموروث الثقافي والآثاري للمجتمع المصري. كما أن تشكيل لجان متخصصة لجرد المحتويات يُعد خطوة أساسية لمعرفة الحالة الحقيقية للموقع والقطع الموجودة داخله.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































