كتب: سيد محمد
كشف تقرير لمنظمة العمل الدولية، عرض له مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن 58% من العمال في وظائف غير رسمية عام 2025، ما يعكس هشاشة سوق العمل وضعف العلاقة بين النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل لائقة. وبرز التقرير الذي يتتبع تطور العدالة الاجتماعية منذ إعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية عام 1995 وحتى 2025، كمرآة للتقدم المحرز في بعض المجالات والتحديات العميقة المستمرة في أخرى، لا سيما ظاهرة العمالة غير الرسمية وتأثيرها على فئات واسعة من السكان والاقتصادات الوطنية.
تطور العدالة الاجتماعية خلال ثلاثين عاماً
رصد التقرير تغيّرات مهمة في مؤشرات أساسية منذ 1995 وحتى 2025، مشيرًا إلى تحسّن في الصحة والتعليم وانخفاض في بعض أشكال العمل الضار. فقد تراجعت عمالة الأطفال من 20.6% في 1995 إلى 7.8% في 2024، بينما انخفضت الوفيات المرتبطة بالعمل بأكثر من 10% منذ عام 2000. كما ارتفعت نسب إتمام التعليم الثانوي بنسبة 22% منذ عام 2000، وانخفضت فجوات الإنتاجية بين الدول بنسبة 40% منذ 1995. مع ذلك، تبقى تفاوتات كبيرة بين دول وشعوب مختلفة، تعكسها مؤشرات أخرى وردت في التقرير.
عمالة غير رسمية: 58% من العمال في وظائف غير رسمية عام 2025
يؤكد التقرير أن 58% من العمال في وظائف غير رسمية عام 2025، وهي نسبة توضح هشاشة سوق العمل عالمياً. وترتبط هذه النسبة بضعف حماية العمال من المخاطر المهنية والاجتماعية، وبقاء شريحة كبيرة من العاملين خارج منظومة الضمانات والتعويضات، ما يحد من أثر النمو الاقتصادي على تحسين ظروف العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتشمل العمالة غير الرسمية قطاعات واسعة من الاقتصاد حيث يفتقد العاملون إلى عقود رسمية أو تغطية اجتماعية كافية.
تفاوتات عالمية في الثروة والأجور
أبرز التقرير أن تركز الثروة العالمي لا يزال كبيرًا، إذ يسيطر 1% من السكان على 38% من الثروة العالمية. كما يذكر التقرير أن عدم المساواة في الأجور عالميًا ما زال مرتفعًا، رغم تراجع طفيف في نصيب أغنى 10% من 56% إلى 53%. وأشار إلى أن نصيب العمال من الدخل القومي تراجع في الدول مرتفعة الدخل رغم ارتفاعه في الدول النامية، ما يعكس اختلافًا في مسارات التوزيع والرفاه عبر المجموعات والدول.
أبعاد الفقر والحرمان: أطفال ومياه ورعاية
يتضمن التقرير بيانات صادمة عن الأطفال والفئات الأضعف، إذ أن طفلًا واحدًا من كل أربعة لا يحصل على مياه نظيفة، وأن نحو 138 مليون طفل ما زالوا في سوق العمل، نصفهم في أعمال خطرة. وفي سياق آخر، يتحمل النساء ثلاثة أرباع أعمال الرعاية غير المدفوعة عالميًا، مما يحد من فرص مشاركتهن الكاملة في سوق العمل ويزيد من تبعات العمالة غير الرسمية على النساء والأسر.
الشباب والبطالة والعزوف عن التعليم والتدريب
أشار التقرير إلى أن الشباب، ولا سيما النساء منهم، يواجهون معدلات مرتفعة من البطالة أو العزوف عن التعليم والتدريب، حيث بلغت نسبة من هم خارج التعليم والتدريب وسوق العمل 28% عام 2024. وتزداد هشاشة هذه الفئة مع ضعف الروابط بين النمو الاقتصادي وإيجاد وظائف لائقة، ما يجعل انتقال الشباب إلى سوق العمل الرسمي أقل احتمالًا إذا لم تتخذ سياسات مستهدفة.
التحولات البيئية والاقتصادية: أثر التغير المناخي والطاقة النظيفة
ناقش التقرير تأثير التغير المناخي على العمال، موضحًا أن 71% من العمال تعرضوا للإجهاد الحراري عام 2024. كما أوضح التفاوت في تبعات التغير المناخي، إذ تسهم الفئات الأفقر بنسبة 12% فقط من الانبعاثات لكنها ستتكبد 75% من خسائر الدخل الناتجة عنه. وفي الانتقال إلى الطاقة النظيفة، يتوقع التقرير فقدان ستة ملايين وظيفة في الوقود الأحفوري مقابل خلق 24 مليون وظيفة جديدة في القطاعات الخضراء، ما يستلزم إعادة تأهيل سبعين مليون عامل بمهارات جديدة للتكيف مع هذه التحولات.
التحول الرقمي وتأثيره على التوظيف
يتوقع التقرير أن يؤدي التحول الرقمي إلى إعادة تشكيل أسواق العمل، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يهدد بتغيير ربع الوظائف. ولفت إلى أن النساء قد يتعرضن لمخاطر أكبر بسبب تركّزهن في القطاعات الإدارية التي قد تتأثر أولاً بالأتمتة. كما تحد الفجوة الرقمية من استفادة الاقتصادات الأقل دخلًا من مزايا الرقمنة، مما يزيد من فرص اتساع الفوارق بين الدول.
التحديات الديموغرافية والطلب المستقبلي على الرعاية
عرض التقرير تحولات ديموغرافية متباينة: انخفاض معدلات الخصوبة والشيخوخة في الدول الغنية يثيران مخاوف من نقص العمالة، بينما تواجه الدول الأفقر فائضًا في الأيدي العاملة. كما يزداد الضغط على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، ويتوقع التقرير ارتفاع الطلب على وظائف الرعاية طويلة الأمد بحلول عام 2050، ما يستدعي سياسات لإعادة توزيع الأعباء ودعم قطاعات الرعاية.
السياسات المطلوبة لتجديد الالتزام بالعدالة الاجتماعية
ختم التقرير بتأكيد أن تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب تجديد الالتزام العالمي وتوسيع نطاق السياسات الاجتماعية لتشمل مجالات التمويل والصناعة والصحة والبيئة. وشدّد على أهمية تعزيز الحوار المجتمعي والشراكات مثل “التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية” (Global Coalition for Social Justice)، وإعادة تطبيق المؤسسات العمالية القائمة وتكييفها مع التحديات الجديدة وتوسيعها لتشمل مختلف جوانب السياسات العامة، بهدف ضمان نمو أكثر شمولًا وعدالة. كما ركز التقرير على الحاجة إلى سياسات تضمن حماية الفئات الأضعف وتقليل أثر العمالة غير الرسمية وتعزيز فرص التحوّل إلى وظائف لائقة ومستقرة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































