كتب: صهيب شمس
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الثلاثاء، الموافق الرابع من شهر بابه حسب التقويم القبطي، بتذكار استشهاد واخس وسرجيوس. هذا التذكار يسجل في كتاب السنكسار الكنسي الذي يوثق سير الآباء الشهداء والقديسين، ويشكل حدثاً مركزياً في قراءة الصلوات اليومية لدى الكنيسة، حيث يروي السنكسار تفاصيل حياة الشهيدَين ووقائع استشهادهما كما نقلت التقاليد الكنسية.
سير الاستشهاد بحسب السنكسار
يورد السنكسار أن استشهاد واخس وسرجيوس كان نتيجة إيمان راسخ بالمسيح رغم موقعهما كضابطين في جيش الإمبراطور مكسيميانوس. يذكر الكتاب أن كلا القديسين قد آمن بالسيد المسيح، ولما علم الإمبراطور بهذا الإيمان أمر بالقبض عليهما وتجريدهما من رتبتيهما العسكرية. تُعرض في السنكسار هذه الوقائع بوصفها أمثلة على ثبات الإيمان والتضحية في مواجهة الاضطهاد.
أحداث الاعتقال والاضطهاد
وفق نص السنكسار، اتخذت السلطات الإمبراطورية إجراءات صارمة عقب اكتشاف إيمانهما؛ فقد تم تجريدهما من رتبتهما العسكرية كضباط في جيش الإمبراطور مكسيميانوس، ثم فرّقت الأوامر بينهما، فأُرسل القديس سرجيوس إلى أنطيوخس وإلى سوريا حيث سُجن. أما القديس واخس فقد صدر الأمر بقتله فوراً، فذُبح فأُلقي جسده في نهر الفرات. تبرز هذه الحوادث في السرد السنكساري كدليل على حدّة الاضطهادات التي واجهها المؤمنون في تلك الحقبة.
حكاية الجسد الطاهر على الشاطئ
تتابع قراءة السنكسار أن العناية الإلهية لم تغب عن جسد الشهيد الاخـر، إذ قذفت أمواج الفرات جسده إلى الشاطئ بالقرب من بعض النساك. يظهر في السرد أنّ ملاك الرب قد ظهر لاثنين من هؤلاء النساك وأمرهما بحمل الجسد الطاهر. وعند وصولهما وجدا الجسد محفوظاً، وبجواره نسر وأسَد يحرسانه؛ فما كان منهما إلا أن مجّدا الله ودفنوه بإكرام عظيم في مغارتهما. تُستخدم هذه الحوادث في السنكسار للتأكيد على القداسة الإلهية وحفظ الله لشهدائه، كما تُقدّم كحكاية تعلِّم المؤمنين معنى الجليل في الضائع.
دور السنكسار في تذكر استشهاد واخس وسرجيوس
يعتبر السنكسار مرجعاً مركزياً في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لحفظ ذكرى الأحداث الكنسية والشهداء، ومن ثم فإن سرد استشهاد واخس وسرجيوس فيه يندرج ضمن مهمة السنكسار الدينية والتربوية. يقرأ السنكسار في الصلوات اليومية نصوصاً تتناول سير القديسين وتذكارات الأعياد وأيام الصوم، ما يجعل من هذه النصوص عنصراً أساسياً في الحياة الطقسية والروحية للمؤمنين.
السنكسار والتقويم القبطي
يوضح النص أن كتاب السنكسار يعتمد ترتيباً زمنياً حسب أيام السنة، ويستخدم ثلاثة عشر شهراً في عدّه، كل شهر فيها ثلاثون يوماً، ويُضاف إلى ذلك الشهر الأخير المكمل ويسمّى نسيء أو الشهر الصغير. كما يذكر السنكسار أن التقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ من يوم 12 سبتمبر، وما يعنينا هنا هو أن تذكر استشهاد واخس وسرجيوس يندرج في هذا السياق التقويمي الذي تنظّم من خلاله الكنيسة قراءات السنكسار والطقوس المرتبطة بالأعياد.
السنكسار كوثيقة تعليمية وروحية
يؤكّد السنكسار بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنه، مثل الكتاب المقدس، لا يخفي عيوب البعض، بل يذكر ضعفات أو خطايا بعض الأشخاص بهدف بيان حروب الشيطان وطرق الانتصار عليها. من هذا المنطلق يُعرض استشهاد واخس وسرجيوس في السنكسار ليس فقط بوصفه سرداً تاريخياً، بل أيضاً كدرس أخلاقي وروحي، يدعو المؤمنين إلى العبرة والمثل من الحوادث السابقة على مدى التاريخ الكنسي.
أهمية تذكار استشهاد واخس وسرجيوس في الطقوس اليومية
تَرِد رواية استشهاد واخس وسرجيوس ضمن قراءات السنكسار المصاحبة للصلوات اليومية، ما يجعل هذا التذكار حاضراً في ذاكرة الكنيسة ووجدان المؤمنين. إن إدراج مثل هذه القصص في مناسك العبادة اليومية يسهم في ترسيخ مواقف الإيمان والشهادة لدى الجماعة، ويذكّر المؤمنين بأن الشهادة والإخلاص للإيمان كانت وما تزال من أعظم القيم التي احتفل بها التقليد الكنسي.
الإرث الروحي والدرس المستفاد
ترسّخ قصة استشهاد واخس وسرجيوس في السنكسار فكرة أن الإيمان بالرب يتطلب ثباتاً وشجاعة في مواجهة التجارب. من خلال سرد الاعتقال والتجريد والقتل ثم العناية الإلهية بالجسد المحترم، يقدم السنكسار نموذجاً لِما يعنيه التكريس الإيماني والاستِشهاد. يبقى هذا السرد جزءاً من الإرث الروحي الذي تحفظه الكنيسة وتقدمه للأجيال كمرجع لدرس الأخلاق والاحتذاء.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































