كتب: علي محمود
تلقى دار الإفتاء سؤالاً نصه: “ما حكم صلاة المرأة بالنقاب؟” جاء في السؤال أن طالبة جامعية رصدت زميلاتٍ يصلين في مصلى السيدات وهن مُسدِلات النقاب على وجوههن، فهل تجوز هذه الهيئة في الصلاة أم أن فيها إشكالاً شرعياً؟ في ردّه الرسمي تناول مفتي الجمهورية حكم صلاة المرأة بالنقاب وأسباب النظر في هذا الموضوع وما ورد من نصوص دينية تتعلق بتمام هيئة السجود وشروط صحة الصلاة وستر البدن.
نص السؤال ورد المفتي
جاء السؤال كما ورد للدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية حول مشهد عملي في بيئة جامعية، حيث تُقدِم بعض الفتيات على أداء العبادة ووجوههن منقوعة تحت النقاب. وسعى السائل إلى التعرّف على الحكم الشرعي لما يراه من إسدال النقاب على الوجه أثناء الصلاة، خصوصاً في حالات لا تكون فيها حاجة ظاهرة كمرضٍ أو سفرٍ أو عذرٍ معتبر شرعاً.
موقف دار الإفتاء: يكره صلاة المرأة بالنقاب
أوضح المفتي عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية أن ستر المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين -والقدمين بحسب قول جماعة من الفقهاء- من شروط صحة الصلاة، وأنه يكره صلاة المرأة بالنقاب إذا كان النقاب مسدلاً ومرتخياً على الوجه بلا حاجة معتبرة شرعاً. وأكد المفتي أن الكراهة محمّلة على ما ورد من أحاديثٍ ونصوصٍ تتعلق بكمال هيئة السجود وتمامها، وبما يقتضيه الملامسة في محلها الذي بينه الشرع.
الأدلة النصية التي استدل بها المفتي
استند المفتي في بيانه إلى ما ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُصَلِّ أَحَدُكُم وَثَوبُهُ عَلَى أَنفِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَطمُ الشَّيطَانِ» أخرجه الإمام الطبراني، منبهاً إلى أن إيصال الثوب إلى الأنف أو الوجه على نحو يسد ملامسة الجبهة والأنف في السجود يعني إخلالاً بما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هيئة السجود. كما نقل المفتي عن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرتُ أَن أَسجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعِظَامٍ: الجَبْهَةُ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنفِهِ- وَاليَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكفِتَ الثِِّيَابَ وَلَا الشَّعْرَ» أخرجه الشيخان، وهو نصّ يوضّح أن الجَبْهَة والأنف من أعضاء السجود التي خصّها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
تأثير النقاب على كمال هيئة السجود
بيّن المفتي أن صلاة المرأة بالنقاب في حال كان النقاب منسدلًا ومرتخيًا على الوجه تنأى عن كمال هيئة السجود وتمامها، خاصة إذا كانت المرأة قادرة على كشف محاذيرها دون عارضٍ يمنعها. وذكّر بأن السجود شرعاً يكون على سبعة أعضاء معيّنة، ومنع غلق الوجه أو حجب الجبهة والأنف عن اللمس يؤدي إلى نقص في الهيئة التي حدّث عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لذلك يرى المفتي الكراهة في ترك الملامسة التامة لهذه الأعضاء أثناء الصلاة بلا حاجة.
شروط صحة الصلاة وستر البدن وفق أقوال الفقهاء
أشار المفتي إلى أن من شروط صحة الصلاة ما اتفق عليه بعض الفقهاء من ستر المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين، مع وجود اختلافٍ في استثارة القدمين عند جماعات منهم. ومن هذا المنطلق جاء التحفّظ على صلاة المرأة بالنقاب عندما يحجب الوجه كلياً عن ملامسة الجبهة والأنف، إذ إن الشرع أوجب هيئةً معينةً للسجود لا تُستكمل في حال وجود ما يعيق وصول الجبهة أو الأنف إلى موضع السجود.
الحالات المعتبرة للعذر في صلاة المرأة بالنقاب
ذكر المفتي أن التكيّف الشرعي في هذه المسألة يقتضي مراعاة الأعذار المعتبرة، فلا تُحمّل المرأة ما لا طاقة لها به إذا كان هناك عارضٌ مثل المرض أو السفر أو نحو ذلك. وفي مثل هذه الحالات قد يكون إسدال النقاب على الوجه مطلقاً من الضرورات التي تبيح الاختلاف في هيئة الصلاة، بينما تكون الكراهة قائمة في حال القدرة وعدم وجود عذرٍ شرعيٍ معتبرٍ.
تأويل الحديث وعلاقته بالزي الديني
نبه المفتي إلى أن النصوص الواردة فيما يتعلق بتمام السجود لا تستهدف التقليل من الستر الشرعي العام، بل تَحُضّ على إتمام الشعيرة بكمالها الذي أراده الشرع. واستشهد بحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ليدلل على أن وضع الثوب على الأنف أو جعل الوجه مغطياً أثناء الصلاة أمر مذكور في النصوص باعتباره ممنوعاً ومنافيًا لتمام الهيئة، وهو ما ساق المفتي كسببٍ لقولِه بأنه يكره صلاة المرأة بالنقاب في حالات عدم وجود حاجة.
آثار الفتوى على الممارسة العملية في المساجد والمصليات
أوضح بيان دار الإفتاء أن هذه المسألة تستدعي وعي المرأة بمقاصد العبادة وبالهيئة المطلوبة للسجود، مع مراعاة الأعذار والحالات التي تستدعي التخفيف. وينبغي أن تؤخذ الفتوى بعين الاعتبار في سياقات الواقع العملي، لا سيما في المصليات العامة والمؤسسات التعليمية حيث تظهر الصور المختلفة للالتزام بالزي والستر، مع التذكير بأن الكراهة المذكورة مرتبطة بحالة إسدال النقاب على الوجه أثناء أداء الركوع والسجود وعدم وجود مبرر شرعي لذلك.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































