كتب: صهيب شمس
وافق البرلمان البرتغالي اليوم على مشروع قانون يقضي بحظر النقاب “لدوافع جنسية أو دينية” في معظم الأماكن العامة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والمجتمعية. يتضمن مشروع القانون، الذي قدمه حزب تشيجا اليميني المتطرف، عقوبات مالية وجنائية تهدف إلى منع ارتداء البرقع والنقاب الذي ترتديه المسلمات، وفق ما أفادت به وكالة رويترز. وينص النص المقترح على غرامات تتراوح بين 200 و4000 يورو (ما يعادل 234 إلى 4671 دولارًا أمريكيًا)، كما يفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على من يُجبر آخرين على ارتداء النقاب.
تفاصيل مشروع القانون ومضامينه
يتناول مشروع القانون جوانب متعددة من تنفيذه وتطبيقه، ويستهدف بشكل أساسي ارتداء البرقع والنقاب في الأماكن العامة. ويبيح المشروع استثناءات محددة تشمل الرحلات الجوية والمقرات الدبلوماسية ودور العبادة، حيث سيبقى ارتداء النقاب مسموحًا في هذه المواقع. كما ينص المشروع على تضييق نطاق الأسباب المقبولة لإخفاء الوجه بحيث لا تشمل الدوافع الجنسية أو الدينية في الأماكن العامة، مع إبقاء بعض الحمايات القانونية ضد الإكراه على ارتداء أي غطاء للوجه.
آليات تطبيق حظر النقاب والعقوبات المقترحة
تضمنت الصيغة النهائية لمشروع القانون تحديد نطاق الغرامات والجزاءات الجنائية المرتبطة بخرق الحظر. تنص العقوبات المالية على غرامات تتدرج بين 200 و4000 يورو، بينما تصل العقوبات الجنائية إلى السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في حال ثبوت إجبار شخص على ارتداء النقاب. وتؤكد المادة المقترحة أن فرضية وجود إجبار تستدعي تدخلًا جنائيًا، في حين تُعالج حالات ارتداء النقاب طوعياً بموجب الجزاءات الإدارية المالية المبينة في النص.
الاستثناءات المعلنة لحظر النقاب
أبرز ما تضمنه مشروع القانون هو الإبقاء على استثناءات أوسع من تلك الموجودة في بعض التشريعات الأوروبية الأخرى. وفق نص المشروع، سيظل ارتداء النقاب مسموحًا به داخل الطائرات وفي المقرات الدبلوماسية وأثناء ممارسة العبادة داخل دور العبادة. وهذه الاستثناءات تمثل محاولة لموازنة ما اعتبره القائمون على المشروع حماية للنظام العام مع احترام بعض الحريات في فضاءات محددة.
ردود فعل سياسية داخل البرلمان حول حظر النقاب
شهدت الجلسة البرلمانية مناقشات حادة بين أعضاء مختلف الأحزاب. واجه أندريه فينتورا، زعيم حزب “تشيجا”، عدداً من النائبات من أحزاب يسارية عارضن مشروع القانون، لكن مشروع الحظر أُقر بدعم من ائتلاف يمين الوسط. وجاءت تصريحات فينتورا علانية، قائلاً: “نحمي اليوم عضوات البرلمان، بناتكم وبناتنا، من الاضطرار إلى ارتداء البرقع في هذا البلد يوماً ما”. من جهتها، قالت أندريا نيتو، النائبة عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم، قبل التصويت: “هذا نقاش حول المساواة بين الرجل والمرأة. لا ينبغي إجبار أي امرأة على تغطية وجهها”.
المواقف والسياقات الاجتماعية المتعلقة بحظر النقاب
توضح النقاشات داخل البرلمان أن الجدل لا يقتصر على مسألة أمنية فحسب، بل يشمل مناقشات حول المساواة بين الجنسين والحرية الدينية والاندماج الاجتماعي. وتُشير الملاحظات البرلمانية إلى أن قضية أغطية الوجه مثل النقاب والبرقع أصبحت خلافيّة في عدد من دول أوروبا، حيث يرى بعض السياسيين أنها ترمز إلى تمييز على أساس الجنس أو قد تمثل تهديدًا أمنيًا، بينما يراها آخرون مسألة حرية دينية وشخصية يجب حمايتها. ويشير نص مشروع القانون إلى اعتماد معايير تضبط هذه الموازنة من جهة وتفرض عقوبات للحالات التي تُعتبر إجباراً من جهة أخرى.
الموقف الأوروبي وترتيب البرتغال بين الدول التي تطبق حظر النقاب
في حال إقرار مشروع القانون وتجاوزه مراحل التشريع النهائية، سيصبح البرتغال من بين الدول الأوروبية التي تفرض حظراً كاملاً أو جزئياً على أغطية الوجه، إلى جانب دول أدرجتها وسائل الإعلام مثل فرنسا والنمسا وبلجيكا وهولندا. وتعكس هذه الخطوة سياقاً أوروبياً أوسع حيث تتفاوت السياسات بين الدول بشأن حظر النقاب، ما يجعل مسألة التشريعات الوطنية مرتبطة بتجارب وأحكام قضائية واجتماعية متباينة في القارة.
خيارات الرئيس والدور الدستوري في قضية حظر النقاب
يزال أمام الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا خيار استخدام حق النقض “الفيتو” ضد مشروع القانون أو إحالته إلى المحكمة الدستورية لمراجعته، مما يضع مرحلة تشريعية جديدة قد تطيل أمد الحسم النهائي بشأن التطبيق. وتشير المواد المشمولة في النص إلى أن هذه السبل الدستورية متاحة للرئيس، وبالتالي فإن مصير مشروع الحظر سيتحدد أيضاً عبر قرارات رئاسية أو دستورية لاحقة قبل أن يدخل حيز التنفيذ.
واقع ارتداء النقاب في البرتغال وخلفية النقاش
يُشير السياق الأوروبي المذكور في مداولات البرلمان إلى أن عدد النساء المسلمات اللواتي يغطين وجوههن في أوروبا ضئيل للغاية، وأن حالات تغطية الوجه نادرة نسبياً في البرتغال نفسها. ومع ذلك، فقد تحولت هذه الممارسة إلى محور نقاش سياسي واجتماعي أوسع، إذ يستغلها مؤيدون للتشديد في القوانين كدليل على ضرورة فرض معايير عامة للاندماج والأمن، بينما يراها معارضون تدخلاً في الحريات الشخصية والعقيدة الدينية. وعلى رغم قلة انتشار هذه الممارسة محلياً، فقد اكتسبت القضية زخماً سياسياً في إطار المناقشات الانتخابية والتحالفات البرلمانية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































