كتب: صهيب شمس
وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى آسيا في ما يمكن وصفه بأسبوع حافل بالمحطات الدبلوماسية والاقتصادية، حيث تركزت الأنظار على لقائه المرتقب مع نظيره الصيني شي جين بينغ. “أسبوع ترامب في آسيا” يفتح ملف التجارة والأمن والتحالفات الإقليمية، وسيحدد الكثير من مسارات العلاقات بين واشنطن وبكين وباقي شركاء المنطقة خلال فترة ولايته الثانية. تبدأ الجولة بقضائه وقتاً في العاصمة الماليزية كوالالمبور تزامناً مع قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، قبل أن يتوجه إلى اليابان ثم إلى كوريا الجنوبية حيث من المقرر أن يلتقي شي على هامش قمة آبيك.
أجندة “أسبوع ترامب في آسيا” ومحور التجارة
تتصدر القضايا التجارية جدول أعمال “أسبوع ترامب في آسيا”، إذ يسعى البيت الأبيض إلى إبرام صفقات تفتح فرصاً للشركات الأمريكية وفي الوقت ذاته تحافظ على إيرادات الرسوم الجمركية المتدفقة إلى الخزانة الأمريكية. وعلى الرغم من تعدد الأطراف في ملف التجارة العالمي، يبقى مفتاح نجاح زيارة ترامب مرتبطاً بالعلاقة مع الصين. لقاء ترامب مع شي، الأول منذ 2019، قد يحدد اتجاه العلاقات بين القوتين الأكبر عالمياً لبقية فترة ولاية ترامب الثانية. الرئيس الأمريكي أقر بأن الرسوم الجمركية القاسية على الواردات الصينية غير مستدامة، ويبحث عن آليات لإقناع بكين باستئناف شراء الصادرات الزراعية الأمريكية وتسهيل وصول الشركات الأمريكية إلى السوق الصينية وتخفيف القيود على الوصول إلى خامات الأرض النادرة.
الموقف الصيني وتأثيرات خامات الأرض النادرة
من منظور بكين، يبدو أن شي جين بينغ مصمم على تظهير موقف تفاوضي قوي خلال لقائه مع ترامب. الصين تستخدم نفوذها في السوق العالمية لموارد الأرض النادرة—التي تعد ضرورية لصناعة أشباه الموصلات والأسلحة والسيارات والهواتف الذكية—كأداة ضغط في المفاوضات. إضافة إلى ذلك، أدى توقف طلب الصين على بعض المنتجات الزراعية الأمريكية إلى إلحاق أذى بقاعدة ناخبي ترامب الريفية. وعلى الرغم من استعداد بكين لتحمل آثار الرسوم الجمركية، إلا أنها تواجه تحديات داخلية أهمها بطالة الشباب وازمة العقارات وديون حكومية محلية آخذة في التراكم، ما يجعل الموازنة بين المواجهة الاقتصادية مع واشنطن والضغوط الداخلية أمراً معقداً.
ما يمكن أن يحاول ترامب تحقيقه مع الصين
أهداف ترامب المتوقعة خلال “أسبوع ترامب في آسيا” تتضمن إعادة إقناع الصين بزيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية وتخفيف القيود المفروضة على شركات أمريكية في الوصول إلى الموارد الحيوية مثل الأرض النادرة. كما يسعى إلى تأمين تسهيلات للشركات الأمريكية في السوق الصينية وتجنب تصعيد حرب تجارية شاملة قد تضر بالاقتصاد الأمريكي والعالمي على حد سواء. أي انفراج جزئي في التوترات سيعد انتصاراً ليس فقط لواشنطن وبكين، بل أيضاً لاقتصادات المنطقة التي تضررت من تبعات الرسوم والقيود التجارية.
تأثير الزيارة على دول الآسيان وأجندة قمة آسيان
يأمل قادة دول الآسيان أن يسهل حضور ترامب مسار تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد عام عصيب شهد تذبذب صادرات بلدان المنطقة نتيجة الحرب التجارية. بالنسبة لعدد من دول جنوب شرق آسيا، خاصة تلك المشاركة في سلاسل الإمداد الإلكترونية، فإن أي تهدئة في التوترات الأمريكية-الصينية ستخفف من الضغوط على صادراتها. وعلى الهامش، تبقى الأزمة في ميانمار ملفاً لم يجذب اهتمام إدارة ترامب بصورة بارزة خلال هذه الجولة، لكن استمرار الصراع هناك ظل يطغى على كل اجتماعات الآسيان منذ الانقلاب العسكري في 2021.
الجانب الصناعي وتأثر سلاسل التوريد الإقليمية
تشكل آسيا محور التصنيع العالمي، والعديد من الدول يعتمد اعتماداً كبيراً على السوق الأمريكية. الاتفاقات أو تخفيض الرسوم قد ينعش آمال المصانع في فيتنام وإندونيسيا وسنغافورة وتايلاند، في حين أن فرض رسوم تتراوح بين 10% و40% قد يصيب تلك الاقتصادات بالركود. شركات مثل Micron Technology التي تملك منشآت في ماليزيا يمكن أن تتأثر مباشرة بسياسات التعرفة، ما يجعل ملفات الرقائق والمكونات الإلكترونية أحد الملفات الحساسة خلال “أسبوع ترامب في آسيا”.
موقف اليابان والصفقات المرتقبة مع طوكيو
في اليابان، يلقى ترامب اختباراً مبكراً لآثار زيارته على العلاقة مع حكومة السيدة سناي تكايتشي، التي تعهدت بزيادة الإنفاق الدفاعي والمساهمة الأكبر في تحمل الأعباء الأمنية المشتركة مع واشنطن. من المتوقع أن يسعى الطرفان إلى إتمام اتفاقية جمركية تقلص الرسوم على السيارات اليابانية من 27.5% إلى 15%، ما قد يعزز قدرة شركات مثل تويوتا وهوندا ونيسان في السوق الأمريكية. وفي المقابل، وعدت اليابان باستثمارات ضخمة في الولايات المتحدة لتعزيز سلاسل التوريد في قطاعات الأدوية والرقائق.
ملفات كوريا الجنوبية وإمكانية صفقات استثمارية
تتصدر قضية الرسوم الجمركية موضوع اهتمام كوريا الجنوبية خلال محادثاتها مع ترامب، إذ تعمل سيول على تخفيض الرسوم من 25% إلى 15% على صادراتها إلى الولايات المتحدة. الخلاف حول مطلب ترامب باستثمارات كورية مقدمة بقيمة 350 مليار دولار أثار مخاوف في سيول من تأثير اقتصادي محتمل. ومع ذلك، تحدث مسؤولون كوريون مؤخراً عن تقدم ملموس في المفاوضات ويأملون في توقيع اتفاق نهائي خلال القمة بين ترامب والرئيس الكوري لي جاي ميونغ.
إمكانات لقاء ترامب وملف كوريا الشمالية
أثارت التكهنات بشأن احتمال لقاء ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ضجة إعلامية، لكن لا توجد مؤشرات مؤكدة على ترتيب لقاء من هذا النوع خلال جولة “أسبوع ترامب في آسيا”. على الرغم من التصريحات المتبادلة التي حملت إشارات إلى رغبة محتملة في التواصل، تبقى الأجندة الرسمية تركز على القضايا الاقتصادية والدبلوماسية الظاهرة ضمن جدول الزيارات.
كيف تقرأ الأسواق والتوقعات من نتائج الزيارة
هبوط مؤشرات الأسهم الأمريكية في كل مرة تتصاعد فيها الخلافات مع الصين يوضح مدى هشاشة الوضع الاقتصادي العالمي أمام أي تصاعد في الصراع التجاري. بالنسبة لترامب، نجاح “أسبوع ترامب في آسيا” سيقاس بقدرته على إبرام صفقات مع حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتأمين تقدم ملموس في المباحثات مع الصين لتخفيف القيود على التبادل التجاري وفتح أسواق جديدة للمنتجات الأمريكية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































