كتب: سيد محمد
زين خان — (صحفي) أعلن الزوهران ممداني، المرشح الديمقراطي المتوقع فوزه في انتخابات عمدة مدينة نيويورك المقررة في الرابع من نوفمبر، أن “الإسلاموفوبيا” باتت أمراً متأصلاً في الساحة السياسية الأميركية وأن حملات بعض الجمهوريين ضده تهدف إلى ترحيله ونزع الجنسية عنه. جاءت تصريحات ممداني رداً على دعوات موجهة من اثنين من نواب الحزب الجمهوري في مجلس النواب إلى وزارة العدل للتحقيق في مسار حصوله على الجنسية الأميركية، وهو ما أثار انتقادات واسعة من مسؤولين ديمقراطيين وجماعات حقوق المدنية للمسلمين واعتُبر بمثابة هجوم عنصري ضد مرشح مسلم.
دعوات تحقيقٍ من نواب جمهوريين ومسألة الجنسية
طالب النائبان راندِي فاين من ولاية فلوريدا وآندي أوجلِز من ولاية تينيسي وزارة العدل الفيدرالية بمراجعة مسار حصول زوهْران ممداني على الجنسية الأميركية. وينتقد النائبان، المعروفان بدعمهما القوي لإدارة دونالد ترامب، انخراط ممداني في منظمة سياسية هو عضو فيها، ويطالبان بفحص سجل التجنيس والتأكد من عدم وجود مخالفات أو احتيال أدت إلى منحه الجنسية. وصرح فاين مؤخراً لصحيفة نيويورك بوست قائلاً إنه يرى ضرورة “إلقاء نظرة متشددة” على كيفية حصول هؤلاء الأشخاص على الجنسية، وإن كان هناك احتيال أو خرق للقواعد “نحتاج إلى سحب الجنسية وترحيلهم”.
مطالب بسحب الجنسية والترحيل وبلاغات عن “عدو داخلي”
أضاف فاين في تصريحاته لوسيلة الإعلام الأميركية: “أعتقد أننا بحاجة إلى أن نلقي نظرة صارمة على كيف أصبح هؤلاء الناس مواطنين، وإذا كان هناك أي احتيال أو أي انتهاك للقواعد علينا نخصم الجنسية ونرحلهم.” وتابع قائلاً: “أعلم أن هناك الكثير منا قلقون جداً، جداً بشأن العدو الداخلي — أشخاص جاؤوا إلى هذا البلد ليصبحوا مواطنين، ليقوموا بتدميره.” وتأتي هذه التصريحات في سياق حملة ضغط بدأها النواب الجمهوريون منذ أشهر في محاولة لإثارة المسائل المتعلقة بجنسية ممداني وولائه السياسي.
ادعاءات بشأن الانتماء إلى منظمة سياسية
من جانبه، دفع النائب آندِي أوجلِز منذ يونيو الماضي باتجاه فتح تحقيق من وزارة العدل في ملف ممداني، مبيناً أن انتماءه إلى جماعة “الديمقراطيون الاشتراكيون في أميركا” (DSA) يثير تساؤلات حول طبيعته السياسية، وزعم أنه لم يُفِصِل عن هذا الانتماء في عملية منحه الجنسية. ويستند مدعّو التحقيق إلى توصيف المنظمة بأنها “منظمة شيوعية” لم يُفصح عنها، وهو ادعاء لاقى رفضاً واستياءً واسعاً من قبل مناصري ممداني ومجموعات حقوقية اعتبرته محاولة لتسييس عملية التجنيس واستهداف سياسي.
ممداني يرد: الإسلاموفوبيا جزء من المشهد السياسي
رد ممداني خلال مقابلة مع برنامج MSNBC The Weekend: Primetime على هذه الهجمات بالقول إن الإسلاموفوبيا باتت “متأصلة” في السياسة الأميركية، وأنها أصبحت أمراً طبيعياً ومقبولاً إلى درجة أن مخاطبتها تُعدّ إثارة لمسألة هوية مزعجة، بينما في الواقع هو مجرد تسمية لواقع قائم. وأشار ممداني إلى أن الكثير من هذا السلوك ينبع من رفض الاعتراف بوجود المسلمين كجزء من النسيج المجتمعي في المدينة، مؤكداً أن المطالبة بسحب جنسيته تعبّر عن رغبة في إقصاء مجموعة بأكملها عن المشاركة السياسية.
خلفية انتخابية: فوز حزبي وإشارة إلى الأزمة الوطنية
دفع موقف ممداني إلى ربط الهجوم عليه بالتحولات السياسية المحلية والوطنية؛ فقد فاز ممداني بفارق كبير في انتخابات حزبه التمهيدية في يونيو، وهو الفوز الذي وصفه بأنه فوز ملحوظ حقق أكبر عدد أصوات في تاريخ ولاية المدينة لانتخابات تمهيدية داخل الحزب الديمقراطي. وضمن ردوده على محاولات المساس بمواطنيته، استشهد ممداني بالظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، مشيراً إلى أن الأميركيين يواجهون مخاوف يومية تتعلق بتأمين الرعاية الصحية والمواد الغذائية والإيجارات، وفي ظل هذا القلق، يرى أن التركيز الجمهوري ينصبّ على محاولات تجريد مرشح مسلم من جنسيته بدلاً من معالجة قضايا حياة الناس الأساسية.
اتهامات واتهامات مضادة في الساحة السياسية
لم تقتصر الهجمات على نواب مجلس النواب؛ إذ ظهر اسم أندرو كومو، الحاكم السابق لولاية نيويورك الذي استقال في 2021 أثناء التحقيقات بشأن اتهامات بالتحرش الجنسي، كمهاجم لممداني أيضاً. ففي لقاء إذاعي حديث ألمح كومو إلى أن ممداني قد يرحب بحدث إرهابي مثل هجمات 11 سبتمبر، قائلاً: “اللهم لا نريد 11/9 أخرى… هل تتخيّل ممداني في المقعد؟” وردّ عليه مقدم البرنامج بالقول: “سيكون يهتف.” ثم ضحك كومو وأضاف: “هذه مشكلة أخرى.” وبعد ردود فعل وانتقادات لهذه التصريحات، حاول كومو التنصل بالقول إنه يفهم أن الكلمات قد تُفسّر على نحو يُشمئز منه البعض.
حملات رقميّة مثيرة للجدل وتهمة فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي
كما واجهت حملة كومو انتقادات إضافية بعد أن نُشر ثم حُذِف فيديو مولّد بتقنية الذكاء الاصطناعي يصور ممداني على أنه “مجرمون” وارتبطت به هاشتاغات هجومية. وتعرّضت الحملة لاتهامات بنشر محتوى عنصري ومنمّق ضد مرشح مسلم، وهو ما أثار غضباً واسعاً من قبل مناصري ممداني وجماعات حقوق الإنسان التي رأت في ذلك جزءاً من نمطٍ أوسع لاستهدافه على أساس الدين والهوية.
ردود فعل ديمقراطية ومواقف مجموعات حقوقية
أدان مسؤولون ديمقراطيون وجماعات حقوق المدافعين عن المسلمين هذه الخطوات واعتبروها استهدافاً عنصرياً ومناهضاً للمسلمين. وأشارت هذه الأطراف إلى أن توجيه اتهامات تتعلق بالتجنيس وفتح تحقيقات انتقائية في ملفات المواطنين يخدم غايات سياسية تستهدف إقصاء فئات بعينها من الفضاء العام. من جهة أخرى، شدد ممداني على أن دعوات نزع الجنسية عنه لا تتعلق بمخاطر ملموسة بل هي جزء من “أجندة القسوة والعقاب” التي يروج لها خصومه السياسيون حسب قوله.
هوية مزدوجة وتحفظات حول الخصوصية
يشار إلى أن ممداني يحمل جنسية مزدوجة، أميركية وأوغندية، وهو أمر ذُكر كعنصر في النقاش السياسي الدائر. غير أن المهاجمين ركزوا على انتمائه الحزبي والسياسي وعلى تهم تتعلق بعدم الإفصاح عن بعض الانخراطات التنظيمية أثناء عملية التجنيس، فيما اعتبر مؤيدوه أن هذه الادعاءات تندرج ضمن حملة تستهدف تشويه سمعته وإقصاء مرشح منتخب ديمقراطياً من الحياة السياسية عبر أدوات قانونية وسياسية.
الإسلاموفوبيا كمطلب في الملف العام وضرورة المراقبة
كرر ممداني في أكثر من مناسبة تحذيره من أن الإسلاموفوبيا ليست ظاهرة معزولة بل باتت جزءاً من المشهد العام في السياسة الأميركية، وأن تجاهلها أو التعامل معها كقضية هامشية يعزز قبولها وانتشارها. وأكد أن من يتصدى لهذه الممارسات ليس بالضرورة يزيد الأمور إثارة لكنه ببساطة “يُسَمّي الأشياء بمسمياتها” من أجل حماية حقوق المجتمع المسلم وكرامة المواطنين الذين ينتمون إلى أصول وأديان متعددة، ويضمن لهم المشاركة الكاملة في الحياة المدنية والسياسية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































