كتب: أحمد خالد
في قلب محمية ماشية واسعة في كوينزلاند، تكفي كلمة واحدة لإطلاق حركة منظومة كاملة من العمل والاعتماد على النفس: كلمة رايتو. تستخدم المزارعة بيك سميث هذه الكلمة البسيطة لتسخير طاقة كلابها العاملة، وعلى رأسها الكلب الحدودى ديوك البالغ من العمر ثلاث سنوات، الفائز بتحدي “كوبر” للعملاء لعام 2025. كلمة رايتو أصبحت بمثابة الإشارة التي تعني بدء التحضير للخروج والعمل في المزارع الشاسعة، وحضورها في الحقل يغيّر إيقاع يوم المزرعة بأكمله.
قيمة كلمة رايتو في إدارة مزرعة تمتد 53 ألف هكتار
تدير بيك سميث محطة مواشٍ واحدة بمفردها على مساحة تبلغ 53 ألف هكتار قرب قرية ستونهنج في منطقة القنوات بولاية كوينزلاند. في هذه البيئة الواسعة، تصبح الكفاءة وسرعة الاستجابة من العوامل الحاسمة. عند نطق كلمة رايتو، يعلم كلابها أنها إشارة للخروج من الأقفاص والنزول عن السيارات والدخول إلى الأشواك والأطر لإتمام الأعمال المطلوبة. وفق سميث، “إنها الكلمة السحرية”، إذ تحمل مجموعة من الوسائل العملية التي تنظم تحرّكات القطيع والكلاب والمزارعة في آن واحد.
ديوك: كلب عمل تفوّق في تحدي “كوبر”
ديوك، الكلب الحدودي الأسود والأبيض، توّج يوم الإثنين بطلاً لتحدي “كوبر” الوطني لكلاب العمل بعد أن سجّل مسافة بلغت 556 كيلومتراً خلال ثلاثة أسابيع عمل متواصل. يعتمد التحدي على أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع (GPS) لرصد المسافات والسرعات وساعات العمل التي يقطعها كل كلب أثناء إدارة الماشية. هذا القياس الكمي سمح بتسجيل جهود ديوك على نحو دقيق، وإبراز دوره العملي في إدارة قطعان الماشية عبر تضاريس رُحبة تشمل شجيرات المالغا المتشابكة.
تفاصيل الترتيب ونتائج التحدي لعام 2025
حلّ في المركز الثاني مزارع من نيو ساوث ويلز، دنزيل بامبريدج، مع كلبه المختلط بين الكيلبي والحدودي والمسمّى باك، بعد أن غطى مسافة 316 كيلومتراً. أما المركز الثالث فذهب إلى تاليا كارول وكلبها الكيلبي ستان، الذي سجل 184 كيلومتراً. على مدار عقد من إقامة هذا التحدي، سجّل المتنافسون مسافات مجمعة تعادل نحو دورتين ونصف حول الساحل الأسترالي، وفق ما أفاد منظمو الفعالية، ما يعكس حجم العمل الذي تقوم به كلاب المُواشي في الأراضي الأسترالية الواسعة.
الصعوبات الطبيعية ودور كلمة رايتو في تخطّيها
خلال أوائل 2025 غمرت الفيضانات أجزاء واسعة من المنطقة، واضطرت سميث إلى مواجهة تحديات ضخمة للوصول بالمواشي إلى مناطق آمنة. في إحدى المهمات الصعبة، شارك ديوك في رحلة استغرقت ثماني ساعات لنقل ثور مريض إلى مكان آمن. تذكر سميث أن ديوك كان يعود باستمرار إلى الثور كلما فقدت المزارعة أثره، موضحة: “كل مرة فقدت فيها رؤية الثور كان ديوك يظهر ثم يعود إلى الثور وأخيراً أعدناه إلى البيت”. وتعلّق سميث قائلة إن وجود ديوك كان السبب في الوصول بالثور حيث احتاج أن يكون.
الحياة اليومية لفريق “الزّو كرو” وكيف تَسْتَخْدِم كلمة رايتو
ديوك ليس كلب العمل الوحيد في مزرعة سميث؛ بل هو جزء من ما تسميه المزارعة “فريق الحديقة” أو “زُو كرو”، الذي يضم مع ديوك ماعزاً وعجولاً مُرضعة وبطاً وإوزاً وقطّاً مهماً في عملية التجميع اسمه مانغو. هذه الحيوانات المتنوعة ترافق سميث في أعماق المحطة وتخفف من وطأة العمل الشاق عندما تقع المصاعب. وتؤكد سميث أن الاعتماد على الحيوانات كان مهماً نفسياً أيضاً خلال العام الصعب، قائلة: “كان هناك الكثير من الدموع وكل ذلك هذا العام، لكن لو لم يكن لدي الحيوانات لكان الأمر أصعب بكثير. إنهم يقولون الكثير بقولهم لا شيء على الإطلاق.”
الصفات التي تميّز كلاب العمل حسب الممارسة الميدانية
تُظهِر تجربة ديوك كيف يمكن لكلاب العمل المدربة جيداً أن تغطي مساحات شاسعة وتتفادى العقبات الطبيعية عبر تحرّكات متكررة ومعدّلة في الحقل. تُعد القدرة على التنقّل بين الشجيرات والتعامل مع الماشية المتعبة أو المريضة من الصفات العملية المطلوبة، إلى جانب التعلّم السريع لاستجابةٍ لأوامر بسيطة مثل كلمة رايتو التي تنسق عمل الفريق بأكمله. الاعتماد على أوامر مختصرة وواضحة يوفر وقتاً وجهداً للمزارع الواحد الذي يدير ملايين الأفدنة أو عشرات الآلاف من الهكتارات بمفرده.
الأثر الرمزي والعملي لفوز ديوك على المجتمع الريفي
فوز ديوك في تحدي “كوبر” لم يكن مجرد تكريم لمسافة مقطوعة، بل شهادة على الدور الحيوي لكلاب العمل في استدامة نشاطات تربية المواشي على امتداد الأراضي النائية. يسهم هذا الانتصار في تسليط الضوء على الجهود اليومية للمزارعين الذين يعملون بمفردهم، وعلى أهمية التدريب والروابط بين الإنسان والحيوان في المهام الشاقة. كما يعكس الاهتمام بالتقنيات الحديثة مثل أطواق GPS في قياس الأداء وتوثيق إنجازات هذه الكلاب التي تواجه تضاريس وظروف جوية قاسية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.
