كتب: صهيب شمس
أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حكماً قضائياً بأحقية المهندس في الحصول على معاش مهندس استحقه من نقابة المهندسين اعتبارًا من نوفمبر 2014، تاريخ إحالته إلى المعاش المبكر، مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية. جاء هذا القرار بعد نزاع قانوني طويل بين المهندس والنقابة التي رفضت صرف مستحقاته لسنوات، وسط تأكيد المحكمة على أن شروط الاستحقاق منصوص عليها ولا يجوز للنقابة إضافة قيود أو تحويرها.
السياق القضائي للقضية وتفاصيل الحكم
نظرت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار الدكتور فتحي محمد السيد هلال وعضوية المستشارين أحمد جلال زكي عبد الله ومحمد عبد الله مقلد في الدعوى رقم 42392 لسنة 78 قضائية، وأقرت بصفة رسمية أحقية المدعي في معاش مهندس اعتبارًا من تاريخ إحالة المدعي إلى المعاش المبكر في نوفمبر 2014. وبيّنت المحكمة أن السؤال القانوني المحوري في الدعوى كان ما إذا كانت نقابة المهندسين مخولة الامتناع عن صرف المعاش بذريعة أن الإحالة تمت برغبة العضو، وهو ما استندت إليه النقابة حين رفضت الصرف.
أسباب رفض صرف معاش مهندس
استندت نقابة المهندسين، بحسب الوقائع الماثلة أمام المحكمة، إلى أن إحالته للمعاش تمت بناءً على رغبته الشخصية، ما استندت إليه كحجة لرفض صرف المعاش النقابي. ومع ذلك أوضحت المحكمة أن هذا السبب لا يبرر حجب المنافع المنصوص عليها قانونًا، خصوصًا وأن القانون المنظم لنقابة المهندسين هو الذي يحدد شروط الاستحقاق، ولا يترك للنقابة السلطة لإضافة متطلبات أو اشتراطات جديدة على القانون.
حيثيات الحكم وتأويل القانون بشأن معاش مهندس
أفادت المحكمة في حيثيات حكمها بأن القانون رقم 66 لسنة 1974 المنظم لنقابة المهندسين حدد شروط استحقاق المعاش بدقة. وحددت المحكمة تلك الشروط بالآتي: أداء الاشتراكات المستحقة، ومضي أكثر من خمسة عشر عامًا على التخرج، وألا تقل مدة القيد بالنقابة عن عشر سنوات. وقررت المحكمة أن نصوص القانون واضحة في عدم اشتراط سبب الإحالة للمعاش، سواء كانت الإحالة بناءً على طلب العضو أو قرار إداري، مما يعني أن السبب لا يؤثر في استحقاق المعاش المقرر قانونًا.
الاستنتاج القضائي من رفض النقابة وصلاحيته على النظام القانوني
رأت المحكمة أن موقف نقابة المهندسين الذي منع صرف المعاش يشكل خروجًا على المشروعية الدستورية والإدارية، إذ لا تملك النقابة سلطة تقييد الحق في المعاش أو وضع شروط إضافية لم يرد بها نص صريح في القانون. وبناءً على ذلك قضت المحكمة بأحقيّة المدعي في معاش مهندس وصرفه اعتبارًا من تاريخ الإحالة مع احتساب ما يترتب على ذلك من آثار مالية، وهو ما يلزم النقابة برد الحقوق المالية المتراكمة منذ تاريخ الاستحقاق.
الآثار المالية والقانونية لقرار صرف معاش مهندس
أكد الحكم أن لصرف المعاش أثرًا ماليًا يعود على المدعي بدءًا من نوفمبر 2014، تاريخ إحالته إلى المعاش المبكر، بما يشمل استحقاقات سابقة لم تُصرف نتيجة رفض النقابة. وقد ربطت المحكمة هذا الأثر بالتزامات قانونية على النقابة، سواء في سياق تصحيح القرار الإداري القائم أو في إعادة ترتيب الأوضاع المالية لصالح العضو. ووضحت المحكمة أن هذه الآثار المالية تنشأ تبعًا لثبوت استيفاء شروط الاستحقاق المنصوص عليها بالقانون وليس بناءً على مسوغات رفض النقابة.
دور النصوص القانونية في حماية حقوق الأعضاء
أبرزت المحكمة دور القانون رقم 66 لسنة 1974 كمرجع حاسم في تحديد حقوق والتزامات العضو تجاه النقابة والعكس، وذلك من خلال النصوص التي أوضحت شروط الاستحقاق وحقوق الأعضاء. كما بينت المحكمة أن الالتزام بنص القانون يمنع الجهات النقابية من التوسع في تفسير أحكام الاستحقاق بما يلغي أو يحد من الحقوق المنصوص عليها، واعتبرت أن مثل هذا التوسع يعد مخالفة لمبدأ المشروعية التي تقوم عليها الإدارة النقابية.
أثر الحكم على النزاعات المشابهة وإجراءات الطعن
يشير حكم المحكمة في الدعوى رقم 42392 لسنة 78 قضائية إلى مبدأ قضائي واضح يمكن أن يؤثر في دعاوى مماثلة رفعت ضد نقابات مهنية أو جهات إدارية تعتمد في ممارساتها شروطًا إضافية لم يرد بها نص قانوني. ورغم أن الحكم خاص بدعوى فردية، إلا أن تفسير المحكمة للنصوص وما استخلصته من عدم جواز اشتراط سبب الإحالة للمعاش يمثل مبدأ يمكن أن تستند إليه دعاوى أخرى في حال تكرار ممارسات منع الصرف استنادًا إلى أسباب ليست منصوصة في القانون.
موقف النقابة وحدود سلطاتها بما يتعلق بمعاش مهندس
خلصت المحكمة إلى أن سلطات نقابة المهندسين محددة بنصوص القانون ولا تشمل السلطة لابتداع شروط جديدة للاستحقاق، وأن أي إجراء يستند إلى تلك الشروط المفترضة يعد مخالفًا لمقتضيات المشروعية. وبهذا المعنى فإن القرار القضائي لا يقتصر على إعادة حق مالي فحسب، بل يؤكد أيضًا حدود القانون في تنظيم العلاقة بين النقابة وأعضائها، ويمنع التوسع الإداري في سلب حقوق مكتسبة قانونًا.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































