كتب: سيد محمد
المشي الطويل يومياً أظهر فائدة واضحة لصحة القلب مقارنة بالتجوال القصير المتكرر، وفق دراسة جديدة نُشرت في دورية Annals of Internal Medicine. وجدت الدراسة أن المشي لمدة لا تقل عن 15 دقيقة متواصلة، أي نحو 1,500 خطوة متتالية، يمنح القلب تمريناً فعلياً أفضل من تقسيم المشي إلى نزهات قصيرة متعددة على مدار اليوم. تظهر النتائج أهمية تغيير نمط المشي لدى الذين لا يمارسون نشاطًا بدنيًا كافياً، إذ يمكن للمشي الطويل يومياً أن يخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة حتى لدى الأقل نشاطاً.
تفاصيل الدراسة والمنهجية
تابع الباحثون المشاركين في الدراسة من جامعة سيدني والإموري الإسبانية على مدار ثمانية أعوام. شملت الدراسة 33,560 بالغاً أعمارهم بين 40 و79 عاماً في المملكة المتحدة، جميعهم يسجلون أقل من 8,000 خطوة يومياً. قُسّم المشاركون إلى مجموعات بحسب طول فترات المشي التي أدّوها، واعتمد التصنيف على بيانات عدّاد الخطوات الذي ارتداه كل مشارك لمدة أسبوع كامل. راقبت الفرق البحثية نمط المشي والفترات المستمرة من المشي بدلاً من الاعتماد فقط على إجمالي عدد الخطوات.
ما الذي يعنيه المشي الطويل يومياً لصحة القلب
أظهرت نتائج الدراسة أن المشي الطويل يومياً، أي المشي المستمر لعشر إلى خمس عشرة دقيقة أو أكثر، ارتبط بانخفاض مخاطر أمراض القلب والموت بالمقارنة مع المشي في فترات قصيرة متناثرة. الفكرة الأساسية أن المشي المتواصل يمنح الجسم وقلب الإنسان فترة كافية للعمل بمعدل أعلى وبوتيرة ثابتة تؤدي إلى فوائد قلبية أكبر من مجرد تجميع عدد من الخطوات القصيرة. الباحثون قالوا إن المشي لمدة 15 دقيقة على الأقل بدون توقف يعادل تقريباً 1,500 خطوة متتالية، وهي مدة تمنح القلب “تمرينًا جيدًا” وفق توصيف نتائجهم.
النتائج لدى الأقل نشاطًا
حتى بين الأشخاص الذين يعتبرون أقل نشاطًا — أي من يمشون أقل من 5,000 خطوة يومياً — كان للمشي الطويل تأثير ملموس. بين هؤلاء المشاركين، خفّ خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة بشكل ملحوظ عندما كانوا يمشون في فترات أطول بدل الاعتماد على كثير من النزهات القصيرة. وأقرّ الباحثون بأن جزءًا من هذا الأثر قد يعكس فرق اللياقة البدنية الأوليّة بين الأشخاص، غير أنهم حاولوا تعديل تحليلاتهم لأخذ عوامل مثل التدخين والسمنة وارتفاع الكوليسترول في الاعتبار لتقليل إمكانية التضليل الناتج عن اختلافات الحالة الصحية الأساسية.
تصريح الباحثين وخبراء الإحصاء
أوضح أحد الباحثين المشاركين وقائد الفريق، البروفيسور إيمانويل ستاماتاكيس، أن التركيز التقليدي على عدد الخطوات أو كمية المشي الإجمالية أغفل دور أنماط المشي نفسها. قال إن الدراسة تُظهر أن “حتى الأشخاص الذين يعانون من قلة النشاط البدني يمكنهم تعظيم منفعة صحة القلب عن طريق تعديل نمط المشي والمشي لفترات أطول في المرة الواحدة، ويفضل أن تكون لمدة 10–15 دقيقة عندما يكون ذلك ممكنًا.” من جانب آخر، حذّر بروفيسور كيفن ماكونواي، الأستاذ الفخري لعلم الإحصاء التطبيقي في الجامعة المفتوحة، من أن الدراسة تُظهر وجود ارتباط بين المشي وصحة القلب لكنها لا تثبت السبب المباشر؛ أي لا يمكن الجزم أن المشي الطويل هو السبب الوحيد وراء التحسن.
كيف يتوافق ذلك مع توصيات الصحة العامة
تتماشى نتائج هذه الدراسة مع الإرشادات العامة لمنظمات الصحة، مع تركيز مختلف على نمط المشي. توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) ب150 دقيقة على الأقل من النشاط المعتدل أسبوعياً مثل المشي السريع، ومن المفضل توزيع هذا الوقت بالتساوي عبر أيام الأسبوع. كما تشير التوصيات إلى أن البالغين فوق 65 عاماً يجب أن يسعوا للتحرك يومياً حتى إن اقتصر النشاط على حركات خفيفة داخل المنزل. الدراسة الحالية تلفت الانتباه إلى أن تخصيص فترات مشي متواصلة لا تقل عن 10–15 دقيقة يمكن أن يزيد من فوائد تلك الدقائق ضمن إجمالي النشاط الأسبوعي.
توصيات المشي الطويل يومياً للمتقدمين في السن وذوي الحالات القلبية
أشارت الممرضات والخبراء السريريون إلى أن ممارسة المشي بشكل تدريجي تساهم في تكييف الجسم وبناء القدرة على مزيد من النشاط مع مرور الوقت. قالت إميلي ماكغراث، الممرضة العليا في مؤسسة القلب البريطانية، إن التمارين تساعد الجميع على حياة أكثر سعادة وصحة، وإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والدورة الدموية قد يجدون أن التمرين يسهل إدارة حالتهم ويُحسّن شعورهم العام. وأكدت أن البدء بحركات بسيطة وزيادتها تدريجيًا يجعل النشاط أسهل مع الوقت، وأن التحسينات الصغيرة تضاف إلى أثر كبير على المدى الطويل.
نصائح السلامة أثناء المشي الطويل يومياً
سلَّطت الدراسة والخبراء الضوء أيضاً على جوانب الأمان عند المشي، لا تضيف الدراسة معلومات عن مخاطر محددة لكنها نصحت باتباع احتياطات عامة خصوصًا عند المشي أو ركوب الدراجة في ظروف مظلمة أو إضاءة منخفضة. يُنصح بارتداء ملابس عاكسة أو استخدام مصباح يدوي أو مصباح رأس لزيادة الرؤية أمام مستخدمي الطريق الآخرين. ينبغي البقاء يقظًا والانتباه للمحيط، واستعمال الممرات أو المسارات المخصصة إن توفرت، والعبور عند نقاط العبور المخصصة حيث يكون سائقو المركبات أكثر احتمالاً لرؤية المتنقلين وتوقع عبورهم.
ماذا يعني هذا للممارسات اليومية
بناءً على ما توصّل إليه الباحثون، يمكن للأشخاص الذين لا يمارسون نشاطًا كثيرًا إدخال تغيير بسيط على روتينهم اليومي عبر تخصيص وقت للمشي المستمر لمدة عشرة إلى خمس عشرة دقيقة بدل تقسيم نفس الوقت إلى فترات قصيرة متناثرة. مثل هذه التعديلات قد تبدو بسيطة لكنها، بحسب نتائج الدراسة، قد تعطي قلب الإنسان “تمرينًا جيدًا” وتحسّن مخاطر الإصابة على المدى الطويل، حتى لو ظل إجمالي عدد الخطوات اليومي منخفضًا نسبياً مقارنة بالمعايير الشائعة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































