كتب: علي محمود
في الأول من نوفمبر 2025، شهد العالم افتتاح المتحف المصري الكبير، حدثٌ طال انتظاره واعتُبر حلقةً بارزة في سجل الحضارة الإنسانية. في مقالٍ لوزير الري نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط، توصّف إقامة المتحف بأنه أكثر من مكان لعرض الآثار؛ إنه شهادة حية على رحلة الإنسان المصري وعلاقته بالماء عبر آلاف السنين. يشدّ المتحف المصري الكبير الزائرين ليقفوا أمام تاريخٍ بنته حضارة ربطت وجودها وبقاؤها بنهر النيل، ذلك الشريان الذي منح الحياة وعلم التنظيم والصمود للأجيال المتعاقبة.
المتحف المصري الكبير يجمع كنوز الحضارة وذكريات النيل
يبرز المتحف المصري الكبير كمكانٍ لا يقتصر دوره على حفظ المقتنيات الملكية والآلهة والأساطير فحسب، بل يمتد ليكون مقامًا لتأمل علاقة المصري القديم بالمكان والماء والزمن. داخل جدران المتحف تتجلى براعة المصري القديم في توظيف مياه النيل لصنع نظام حياة متكامل، إذ لم يكن النهر موردًا ماديًا فحسب بل كان فكرةً ومصدرًا للوحدة والنظام. ومن هذا المنطلق، يعمل المتحف على عرض عناصر توضح كيف قرأ المصري القديم رسائل النهر وابتدع نظم الري وشق الترع وأقام السدود ليستغل الطمي ويصنع حضارة استمرت لآلاف السنين.
مركب خوفو الشمسي ودلالات الماء والخلود في المتحف المصري الكبير
من بين المعروضات التي تلفت الأنظار داخل المتحف، يحتل مركب خوفو الشمسي مكانةً متميزة. كانت هذه السفينة الخشبية مدفونة بجوار الهرم الأكبر لآلاف السنين قبل أن تنتقل مؤخراً لتستقر في المتحف المصري الكبير. لا يُنظر إلى المركب على أنه مجرد وسيلة نقل قديمة، بل كرمزٍ لفلسفة المصري القديم في فهم الماء والحياة والموت. اعتبر المصري المركب طريقًا للعبور بين العوالم، ووسيلةً تربط الأرض بالسماء، وتجسد مفهوم الخلود الذي ارتبط بتيار النيل كممر يستمر عبر الزمن.
التصميم المعماري والحدائق: محاكاة لمجرى فيضان النيل
صُمم المتحف المصري الكبير ومساحاته المفتوحة وحدائقه بطريقةٍ مستوحاة من مجرى النيل وأراضي فيضانه، ما يمنح الزائر تجربةً تحاكي الرحلة التي عاشها المصري القديم مع الماء. العناصر المعمارية والمساحات الخضراء تُعيد تشكيل الإحساس بتاريخٍ اعتمد على إدارة المياه، وتُبرز كيف أن إدارة موارد النيل لم تكن موضوعًا تقنيًا فحسب بل جزءًا من منظومة ثقافية متكاملة. بهذا التصميم، لا يكتفي المتحف بعرض القطع الأثرية، بل يسعى لأن يجعل الزائر يعيش تجربةً زمنية تربطه بماضٍ صنعته مياه النيل.
نهر النيل كمصدر إلهام وموضوع متكرر في المتحف المصري الكبير
يتجلى في نص مقال وزير الري الذي نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط تأكيدٌ على أن النيل شكل مركزية الوجود المصري، وأن كل إبداعٍ بشريٍ في تلك الحضارة كان مرتبطًا بقدرة الإنسان على إدارة هذا المورد. المتحف المصري الكبير يروي قصة النهر بجانب قصص الملوك والمعابد والتماثيل، ليؤكد أن النيل لم يكن مجرد نهرٍ بل فكرة كونية ألهمت المصريين معنى الخلق والاستمرار. من خلال المعروضات والسرد المتحفي، يعرض المتحف كيف أن فهم النيل كان أساسًا لبناء نظم الري والقناطر والجسور التي مكّنت المجتمع من الصمود والتجدد.
المتحف المصري الكبير ودعوة للحفاظ على الموارد الطبيعية والتراث المادي
يشدّد المقال على أن الحفاظ على التراث المادي لا ينفصل عن مسؤولية الحفاظ على الموارد الطبيعية. المتحف المصري الكبير يقدم رسالة واضحة: صون الآثار ومقتنيات الأجداد لا يقل أهمية عن حماية نهر النيل من الهدر والتلوث والجفاف، لأن النيل هو الأثر الحي والشاهد الدائم على عبقرية الإنسان المصري. وفي اعتبار المتحف دعوةً للتفكر، يرى كاتب المقال أن افتتاحه يجب أن يستحضر روح الإبداع والإتقان التي تميّز بها المصري القديم، وهي قيم يمكن أن تُوجه اليوم نحو إدارة مواردنا المائية بكفاءة وبمقتضيات التنمية المستدامة.
الربط بين الخبرة التقليدية والتكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه
يؤكد نص المقال أن نجاح الحضارة المصرية في مواجهة تحديات الطبيعة جاء من قدرتها على التوفيق بين الإيمان والعلم، وبين الخيال والعمل. وبنفس الروح، يقترح الكاتب أن المسيرة الحالية في إدارة موارد النيل تستند إلى إرثٍ من العلم والخبرة المتراكمة، مستعينين اليوم بالمعرفة والتكنولوجيا الحديثة لتعزيز كفاءة استخدام المياه وضمان حق الأجيال القادمة في هذه الثروة. المتحف المصري الكبير، في عرضه لتقنيات وقصص الماضي، يسلّط الضوء على ضرورة استلهام التجارب القديمة مع توظيف أدوات العصر الحديث للحفاظ على النهر وتراثه.
المتحف المصري الكبير رمز للربط بين الماضي والمستقبل
يصف المقال المتحف بأنه رمزٌ يربط بين أصالة الماضي وإمكانيات المستقبل، وأن افتتاحه يمثل مناسبة لاستحضار الروح التي أتاحت للمصريين القدماء أن يصنعوا حضارةً خالدة. المتحف المصري الكبير لا يكتفي بعرض تماثيل وبرديات؛ بل يقدّم رؤيةً متكاملة تربط بين الفن والعلوم والاقتصاد المرتبط بالمياه. عبر هذا الربط، يصبح المتحف منصة تعليمية وثقافية تدعو إلى التفكير في طرقٍ للحفاظ على التراث والموارد، وتحث على الإبداع في ما يتعلق بإدارة النهر وتوظيفه لخدمة المجتمع والتنمية.
المتحف والمكانة الوطنية: استلهام قيم الإبداع والاحترام
في كلماته الختامية ضمن المقال المنشور لوكالة أنباء الشرق الأوسط، يدعو وزير الري أن يكون افتتاح المتحف المصري الكبير مناسبةً لاستلهام قيم الإتقان والاحترام للمورد الإلهي الذي هو النيل. يعتبر كاتب المقال أن حماية تمثالٍ أو بردية ومراعاة عوامل الزمن له شبيهٌ في واجب حماية النهر من التهدر والتلوث، وأن هذا الوعي يجب أن يتأصل في السياسات والجهود المجتمعية لضمان أن يظل نهر النيل منبعًا للحياة والخلود والحضارة كما كان دومًا.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































