كتب: أحمد خالد
أجمعت نصوص السنة واعتراض العلماء على أن المحافظة على الوضوء لها فضائل كثيرة وخواص روحية وشرعية. تكمن أهمية المحافظة على الوضوء ليس في كونه عملاً شكليًا فحسب، بل في ما يترتب عليه من حماية من وساوس الشيطان، وزيادة في الخير والدين، وطمأنينة القلوب، ووسائل تقرب إلى الله تعالى. في هذا المقال نعرض فوائد المحافظة على الوضوء كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء والمحدثين، من دون إضافة أو تحريف لما ورد في النصوص الأصلية.
المحافظة على الوضوء والوقاية من شر الشيطان والغضب
من الفوائد التي أوردتها النصوص الشرعية أن المحافظة على الوضوء تقي المؤمن من شر الشيطان، وتحدّ من حالات الغضب. ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن الغضب من الشيطان… فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» (رواه الإمام أحمد وأبو داود). وبيّن شراح الحديث أن المراد عند الغضب هو الوضوء التام المصحّح كوضوء الصلاة، وأن التوضؤ يطفئ نار الغضب كالذي يطفئ النار بالماء كما في المعنى المشار إليه في الحديث. ولذلك اعتبر العلماء تشديدًا على أهمية المحافظة على الوضوء حينما يداهم الإنسان غضبه أو شدّته.
المحافظة على الوضوء وزيادة العمر ومحبة الملائكة
أشارت الروايات إلى أن من أسباب زيادة العمر ومحبة الملائكة الإحسان في الوضوء والإدامة عليه. ففي الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أنس: «أسبغ الوضوء يزيد في عمرك، ويحبك حافظاك» (طبراني في المعجم الأوسط والصغير)، مما يدلّ على أن الإحسان في الوضوء واستدامته له أثر مرغوب فيه من جهة البركة والرعاية الإلهية التي قد تتجسد بمحبة الملائكة وحفظهم.
زوال الآثام وفضل الوضوء على الطهارة الحسية والمعنوية
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوضوء سبب في زوال بعض الآثام عن حواس المؤمن وأطرافه، حيث رُوي: «إذا توضأ المسلم ذهب الإثم من سمعه وبصره ويديه ورجليه»، ورواه الإمام أحمد، كما ورد في صحيح مسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره». هذه النصوص تظهر الوضوء كعمل تطهيري لا يقتصر على الطهارة الحسية بل يشمل أثرًا معنويًا يتصل بزوال الخطايا وبقاء القلب نقيًا.
المحافظة على الوضوء وقبول الدعاء والذكر عند النوم
من الفوائد المهمة للوضوء استحقاق قبول الدعاء وانقضاء الحاجات لدى ذي النيات الخيرة، فقد روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من يبيت على طهارة ثم يقوم في الليل يذكر الله ويسأله خير الدنيا والآخرة يوفَّق لذلك. كما جاء في الحديث الشريف عن هدي النبي في وضوء النوم والاستلقاء على الشق الأيمن مع ذكر كلمات التوحيد والتسليم، مما يدل على أن المحافظة على الوضوء تجعل المسلم في حالة استعداد للذكر والدعاء وقبول التقرب إلى الله في أوقات الحساسية الروحية كالنوم واليقظة.
المحافظة على الوضوء وفضلها في الشفاعة وعلامة يوم القيامة
ورد عن الصحابة أن المحافظين على الطهارة والوضوء سيكون لهم علامة يميزون بها يوم القيامة؛ فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يعرِف من أمته لم يره فقال: «هم غُرّ محجلون بلُقّ من آثار الوضوء» (رواه ابن ماجه وأحمد). ويشمل هذا المعنى أن من إدام الوضوء ينعكس أثره الظاهر على الجسد، ويكون ميزة تميّزهم عند المنظر العام في القيامة، كما أن المحافظة على الوضوء تقرب صاحبها من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في المرتبة المخصوصة للمحافظين على سنن الطهارة.
الوضوء والاستغفار ودعاء الملائكة للمحافظ عليه
نقشت النصوص أن إدامة الطهارة تستحث على استغفار الملائكة والدعاء لمن يبتغي الطهارة، فقد رُوي أن من بات طاهرًا بات في شعاره ملكٌ يدعو له بالاستغفار، وما هذا إلا انعكاس لحرص السلوك الشرعي على تطهير الحالة الروحية ليصبح المرء محل دعاء الملائكة حتى في نومه. هذا الوعد يعزز قيمة المحافظة على الوضوء كعمل يومي يلازم المؤمن ويُظْهِر أثره حتى في حياة الإنسان الداخلية وفي ما لا يرانا من علائق السماء.
الوضوء والاستعداد للموت وفرصة الشهادة
تضمن النص أن من استمر على الطهارة والوضوء قد يكون مستعدًا للقاء الله إذا فاجأه الموت، وأن هذا الاستعداد قد يجعل صاحبه يحصل على مرتبة الشهادة إن توفاه الله وهو على وضوء، لما في الطهارة من إظهار لإيمان القلب وحسن الاستعداد للقاء الخالق. وقد ورد في ذلك إخبارٌ من النبي صلى الله عليه وسلم لصحبه بفضل النوم على طهارة والاستعداد بالوضوء لما قد يأتي من أمرٍ فجائي كالموت.
الوضوء سنة نبوية ومراد العلماء في إدامته
اعتبر الفقهاء والباحثون في علوم الشريعة إدامة الوضوء من السنن المستحبة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأكد بعض العلماء أن المراد بالوضوء هنا هو الوضوء الشرعي الكامل لا مجرد الغسل اللفظي. ونقل الشراح كالإمام الخطيب الشربيني أن الندب لإدامة الوضوء مقصود به الوضوء الشرعي، وأن في ذلك تعلماً وعملاً بمقتضى السنة. وبذلك تكون المحافظة على الوضوء امتثالا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومواكبة لهدي الصحابة الذين كانوا يكررون الوضوء ويحرصون عليه.
خلاصة من النصوص: دعوة للعناية بآثار الوضوء
تجمع النصوص السابقة على أن المحافظة على الوضوء مرتبطة بعديد من الفوائد الملموسة والباطنة: الوقاية من وساوس الشيطان والغضب، زيادة العمر ومحبة الملائكة، زوال الذنوب عن الحواس والأطراف، قبُول الدعاء والذكر، رفع الحظ في الشفاعة وعلامة يوم القيامة، دعاء الملائكة والاستعداد للموت، وأن كل ذلك منصوص عليه في السنة ونقله العلماء عن السلف. ومن هنا تتضح أهمية أن تكون المحافظة على الوضوء عادة عملية تمارسها النفس المسلمة باستمرار، ليست فقط لعمل خارجي بل لثمره الروحي الشرعي الذي تضمنته الأحاديث وأقوال العلماء.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































