كتب: سيد محمد
الحكمة عطية ربانية كلمة تحمل في طياتها معنى عميقًا ينطلق من القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ، وهي فكرة تؤكد أن فهم مراد الله واجتهاد الإنسان في التمييز بين الحق والباطل مرتبط بصفاء القلوب ونقاء النيات. الحكمة عطية ربانية لا تُنال بالعلم وحده، بل تحتاج إلى نور يقدمه الله للقلوب المستعدة، كما عبرت النصوص الشرعية وتفسيرات أهل العلم.
الحكمة عطية ربانية في النسق القرآني
يفتح القرآن مجالًا واسعًا للحديث عن الفهم والحكمة، ويشير إلى أن النور الإلهي هو مصدر التمييز بين الحق والباطل. في سياق الآيات، يتبين أن المراد بالحكمة ليس مجرد تراكم معرفة بل هو فهم يضيء القلب ويقوده إلى الرشد. وقد أشار المفسرون إلى أن الحكمة تتضمن معرفة القرآن بأحكامه وتفصيلاته ومراد الله، مما يجعل القول بأن “الحكمة عطية ربانية” صورة دقيقة لتفسير العلاقة بين التلقي الرباني والجهد البشري في فهم النصوص.
تفسير ابن عباس لمعنى الحكمة
عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]، ورد توضيح مفاده أن الحكمة هي معرفة القرآن: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وحلاله وحرامه وأمثاله. هذه القراءة تجعل من “الحكمة عطية ربانية” ليست مجرد تعبير شعري بل وصفًا لوظيفة عملية في فهم النصّ الشرعي وإدراك مقاصده، وتؤكد أن الله هو المانع والموفّق لمن يمنحه هذا النور والفهم.
الحكمة عطية ربانية والفقه النبوي
تأتي تعابير السلف والعلماء لتؤكد أن الفقه ليس مجرد تراكم للمعلومات بل هو نتيجة لتوفيق من الله. قال النبي ﷺ: “من يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين.” هذا الحديث يربط بين الإرادة الإلهية ونيل الفقه، ويعزز الفكرة القائلة إن الحكمة عطية ربانية وليست مقتصرة على التحصيل الدراسي أو الاجتهاد النظري وحده. الفقه، بهذا المعنى، هو فهم مراد الله بعمق، وحصوله يقتضي صفاء القلب واستقامة النية.
تأملات وكلمة وكيل وزارة الأوقاف
بيّن الدكتور أسامة فخر، وكيل وزارة الأوقاف، أن الفهم عطية إلهية لا تُنال بالتعلم فقط، بل بتطهير القلب وصفاء النية. هذا التصريح ينسجم مع ما أورده المفسرون والحديث النبوي عن طبيعة الفقه والحكمة؛ إذ يشير إلى أن النور الذي يمنحه الله للفهم لا يعوضه أي علم مادي ما لم يكن القلب مؤهلاً لاستقباله. ومن هنا يتضح أن السلوك والقصد يلعبان دورًا محوريًا في الوصول إلى الفهم الذي يدل على أن الحكمة عطية ربانية.
دلالات لفظية وروحية للحكمة
الحديث عن الحكمة يتضمن بعدًا لغويًا وعمليًا وروحيًا. لغةً، ترتبط الحكمة بالتمييز والرشاد، وشرعًا، تعبر عن معرفة دقيقة بنصوص الشريعة ومقاصدها. روحيًا، تتصل الحكمة بنور يقذفه الله في القلوب الصافية كما نُصّ على ذلك في التعابير القرآنية والنبوية، وتؤكد أن الإنسان حين يبتغي الحق ويخلص النية، يُفتح له مقام من الفهم والتبصّر. وهنا يتجلى المعنى العملي للقاعدة القائلة: الحكمة عطية ربانية، بما يعني أن استقبال هذا النور مرهون بصفاء القلوب وصدق النوايا.
أثر الحكمة على التمييز بين الحق والباطل
تساعد الحكمة على التفريق بين ما يرضي الله وما لا يرضيه، بين الصواب والخطأ في قضايا الدين والدنيا. وقد ورد في النصوص أن الفهم يساعد صاحبه في معرفة ناسخ الآية ومنسوخها، والمحكم من المتشابه، وهذا نوع من التصنيف الذي يتطلب نورًا خاصًا لا يمنحه العلم النظري وحده. وعليه، فإن الاعتراف بأن “الحكمة عطية ربانية” يضع المسألة في إطارها الصحيح: السعي للعلم مطلوب، لكن القبول النهائي للفهم المستنير مرتبط بتوفيق من الله.
دعاء وبعد روحي للحكمة
احتوت النصوص على دعاء يعبر عن رغبة الإنسان في نيل هذا النور والفهم: “اللهم أنر بصيرتنا، وارزقنا فهماً يقرّبنا إليك، ونورًا يهدينا إلى الحق.” إن هذا الدعاء يوضح الجانب الروحي في سعي المؤمن نحو الحكمة، حيث تتقاطع الطاعة والنية مع طلب التوفيق الإلهي. المرتكز هنا أن الإنسان يطلب من الله أن يمنحه ما لا يستطيع تحصيله بالوسائل البشرية فقط، مؤكدًا أن الحكمة عطية ربانية ينبغي أن تُستحضر في كل مسعى علمي وروحي.
حقوق النشر وإشارة تحريرية
نص المادة التحريرية يذكر أن مدير التحرير نبيل الشيمى، وأن جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر — الجمهورية أون لاين. كما يحظر نشر أو توزيع أي مادة دون إذن مسبق من المؤسسة. هذا التنبيه يؤكد أن النص منشور تحت حقوق محفوظة وأن الاقتباس أو إعادة النشر يتطلب موافقة الجهة المالكة للمادة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.













































































































