كتب: أحمد خالد
أكَّدت النائبة آمال عبد الحميد، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن القرض الأوروبي بقيمة 4 مليار يورو، إلى جانب مذكرة التفاهم التي تصاحبه، يمثّل نقلة نوعية تجاوز مجرد توفير السيولة. فالمذكرة والقرض يركّزان على البعد الاجتماعي ودعم الفئات المستحقة ضمن إطار إصلاحي شامل، وهو ما يجعلهما جزءاً من رؤية أوسع لإصلاح الاقتصاد الوطني. كما أشارت إلى أن لهذا التمويل هدفاً إضافياً يتمثل في تخفيف قيود التمويل الخارجي عن مصر وتخفيف احتياجات ميزان المدفوعات والميزانية، إضافة إلى تعزيز موقف الاحتياطي النقدي الأجنبي ومساعدة الدولة في معالجة نقاط الضعف الخارجية والمالية الراهنة.
تُبرز عبد الحميد، في حديثها، أن العلاقات المصرية الأوروبية ليست حديثة العهد، فإطار التعاون يمثل اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ عام 204، لكنها لم تقف عند هذا الحد، بل شهدت نقلة نوعية حين تم ارتقاء العلاقة إلى مستوى “شراكة استراتيجية وشاملة” خلال عام 2024. هذا التطور يمهّد الطريق أمام فصل جديد من التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، بحسب ما أكدت النائبة، التي شدت على أن القاعدة الأساسية لهذه الشراكة ليست فقط قيمة التمويل وإنما فلسفتها أيضاً.
تقول النائبة إن القيمة الحقية لهذا الاتفاق لا تكمن في قيمة القرض وحدها، بل في “فلسفتها” التي تربط بين تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية داخل مصر وبين جذب استثمارات أوروبية طويلة الأمد. وأضافت: “أوروبا لا تكتفي بتقديم التمويل، بل تساهم في بناء بيئة اقتصادية قادرة على جذب الاستثمارات وتنويع القاعدة الإنتاجية المصرية”. وتضيف أن هذا التعاون يتناغم مع مسار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وهو ما ينسجم أيضاً مع أولويات الاتحاد الأوروبي في مجالات التحول الأخضر والرقمي.
وفي إطار حديثها عن الرؤية الأوسع لشراكة، أشارت عبد الحميد إلى أن هذه الشراكة تسق بشكل كامل مع “رؤية مصر 2030″، وبالتحديد في محوري التحول الصناعي والطاقة المتجدة. كما ذكرت أن ما يتصل بالسياسات الخارجية والاقتصادية يجعل هذه الشراكة تماشى مع توجهات الاتحاد الأوروبي في تعزيز التحول الأخضر وتبني الرقمنة كركائز لتحقيق التنمية المستدامة. وصفت النائبة هذا التقارب بأنه “يمكن أن يعيد رسم خريطة الإنتاج في حوض المتوسط”، وهو تعبير ينسجم مع التوقعات بإعادة ترتيب أولويات الإنتاج وتعزيز موقع مصر كمركز صناعي واستثماري في المنطقة.
وجهت النائبة سؤالين إلى الحكومة يعتبران منطلقين رئيسين لصرف الدفعة الثانية من القرض. الأول يتمثل في أسباب تأخر صدور الائحة التنفيذية لقانون التخطيط العام لدولة، مع أن القانون نفسه نص على إصدارها خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، وهو ما تجاوز ثلاث سنوات حتى الآن. أما السؤال الثاني فتمحور حول المبر وراء التأخر في إجراء التعديلات المطلوبة على قانون حماية المنافسة، وذلك لضمان الاستقلال القانوني لجهاز حماية المنافسة ومنع المارسات الاحتكارية، بما يتوافق مع المواد 215 و216 من الدستور. وختمت بالنائبة بأن على الأجهزة التنفيذية أن تلتزم بتنفيذ هذه الاشتراطات والإصلاحات من أجل تحقيق المستهدفات بحلول عام 2030، وهو ما يعكس التزاماً واضحاً بإطار زمني طموح ينسجم مع طموحات الشعب المصري.
تشير التصريحات إلى أن القرض الأوروبي بقيمة 4 مليار يورو ليس مجرد تمويل مالي، بل هو رافعة تُسهم في تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات الخارجية والمالية، وتدفع باتجاه بيئة اقتصادية أكثر استقراً وجذباً لاستثمارات. كما أنها خطوة تعكس ثقة الشركاء الأوروبين في مسار الإصلاحات الوطنية وتقيمهم لجوانب الاجتماعية التي تُعنى بها السياسات الاقتصادية، وهو ما يعز إمكانية تحقيق نمو مستدام وتوفير دعم أفضل لفئات المحتاجة.
هذه التطورات تفتح باً أمام حوار موسّع حول آليات التنفيذ وآليات الشفافية وتقيم الأثر، بما يضمن أن تكون نواتج هذه الضخّة الاقتصادية في خدمة البنية الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع، وتحقيق التوازن بين الاستدامة المالية والعدالة الاجتماعية. وسيبقى المعيار الأساسي هو مدى قدرة الحكومة على ترجمة هذه الحزمة إلى نتائج ملموسة تعز من الرخاء العام وتخف عبء الفئات الأكثر احتياجاً، وذلك بما يتوافق مع رؤية مصر 2030 ومبادئ الإصلاح الاقتصادي الشامل.
في ختام المطاف، تزداد أهمية هذا القرض الأوروبي بقيمة 4 مليار يورو عندما ينعكس في سياسات وطنية واضحة تُحدِث توازناً بين الاستقرار المالي والتزامات الاجتماعية. فالتوازن بين دعم الاستثمارات الخارجية وتحقيق أهداف العدالة الاجتماعية يظل الركيزة الأساسية التي يراهن عليها البرلمان المصري، وهو ما يضع على عاتق الحكومة مهمة تنفيذ الإصلاحات الازمة وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية مناسبة لتسريع الوصول إلى مرحلة يمكن فيها لجميع المصرين أن يروا ثمرة هذا التعاون الطويل مع الشركاء الأوروبين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































