كتب: علي محمود
أكد الدكتور حسين كمال، مدير عام مركز ترميم الآثار في المتحف المصري الكبير، أن الأول من نوفمبر 2025 يمثل لحظة تاريخية في افتاح رسمي لأكبر مشروع ثقافي العالم، وهو ما يراه كمال بمثابة علامة على النصر الكبير في ميدان الصناعات الثقافية. وفي إطار حديثه الذي نشره مركز معلومات مجلس الوزراء، أشار إلى أن عملية ترميم قطع الملك توت عنخ آمون تدخل ضمن نشاطات المركز، وأن جهود الترميم استمرت منذ عام 2016، حيث تم العمل على تأهيل القطع وتعديل وضعها لعرض أمام الزوار في المتحف الجديد. كما أكد أن ذلك المسار الترمي كان جزءاً من رؤية شاملة لإبراز جزء مهم من التاريخ المصري عبر العرض المتحفي الأكبر في العالم.
وفي سياق التحديثات الكبرى بشأن التشغيل التجريبي لمتحف، أوضح كمال أن التشغيل تم على مراحل، بدءاً من ديسمبر 2023، عندما تم افتاح الدرج العظيم وميدان المسلة والأتريوم كمرحلة أولى. وقد شهدت هذه المرحلة التجريبية حضوراً واسعاً من الزوار الذين استمتعوا بتجربة فريدة داخل صرح ثقافي يَعد بأن يكون الأكبر على مستوى العالم. وتابع بأن الهدف من هذه المراحل الأولية كان تمكين الجمهور من زيارةٍ ميزة تعكس عمق الحضارة المصرية وتاريخها الطويل، مع التزام بمعاير العرض المتحفي وتوفير الظروف الملائمة لحفاظ على القطع الأثرية.
كما أشار المسؤول إلى أن أكتوبر 2024 شهد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية، التي تمتد على مساحة تقارب 18 ألف متر مربع، وتضم 12 قاعة متصلة تُبرز تاريخ الحضارة المصرية القديمة بدءاً من عصور ما قبل الأسرات وصولاً إلى نهاية العصر اليوناني الروماني. وبذلك يتيح المتحف لزائرين رحلة تاريخية تستعرض مسيرة الحضارة المصرية وتوثقها بصورة تواكب طموحات العرض المعاصر. وفي هذا السياق، أشار كمال إلى أن المتحف يوثق تاريخ البشرية من خلال عرضٍ شامل لمسيرة الحضارة المصرية، وتوظيفه لمفاهيم عرضية تعز فهم الزائرين لتطور المجتمعات القديمة. كما لفت إلى أن العالم جيمس هنري بريستد قد وصف تاريخ البشرية بأنه “فجر الضمير الإنساني”، وهو تصوير ينسجم مع الهدف التعليمي لمتحف في تقديم فجر الحضارة المصرية كجزء من الوعي الإنساني.
وفي إطار الحديث عن قاعة الملك توت عنخ آمون، أوضح كمال أن المتحف المصري الكبير يفتح الستار عن قاعة الملك توت عنخ آمون، التي تُعد من أجمل وأكبر قاعات العرض في العالم. تمتد القاعة على مساحة تقارب 750 متر مربع، وتضم أكثر من 60 قطعة أثرية تمثل المجموعة الكاملة لملك الشاب منذ اكتشاف مقبرته في عام 192. وتُبرز القاعة مجموعات الملك توت عنخ آمون كما لم تُعرض من قبل، حيث كانت المعروضات السابقة في المتحف المصري بالتحرير لا تجاوز 180 قطعة، إضافةً إلى قطع متفرقة في متاحف الأقصر والحربي والنسيج. وبفضل التنظيم الجديد، تُعرض المجموعة كاملةً وبشكل متكامل في مكان واحد يسمح بإطلالة شاملة على حياة الملك الشاب ومراحل حكمه، وعلى تاريخ البحث العلمي الذي قاده إلى إعادة تنوير الجماهير بفهم أعمق لمكانة هذا الملك في التاريخ المصري.
ولفت الدكتور كمال إلى أن فريق مركز ترميم الآثار عمل منذ عام 2016 على ترميم وتأهيل القطع الخاصة بالملك توت عنخ آمون، خاصة تلك التي كانت غير صالحة لعرض سابقاً. وقد تضمن العمل فحصاً دقيقاً لسلامة القطع وتثبيت وضعها وتدبير ظروف العرض التي تراعي الحفاظ على المواد الأثرية، إضافة إلى إعادة تجميع بعض القطع وإعدادها بطريقة تيح لزائرين رؤية تفاصيلها في أبهى صورة داخل المتحف المصري الكبير. وبين أن الجهد الترمي كان جزءاً من استراتيجية أوسع تستهدف تقديم مجموعة الملك توت في إطار يتيح لها التواجد الكامل لمرة الأولى منذ عقود داخل صرح واحد، بما يعز مكانة الحضور المصري في المجالين التاريخي والآثري والوعي العالمي بمكتنزاته.
وفي سياق العلاقة بين الترميم والعرض، يرى الخبراء أن عرض المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون في المتحف المصري الكبير يمثل نقطة تحول في فهم الجمهور لمومياء والقطع المرتبطة بها، كما يعز قدرة المتحف على تمكين الباحثين والزوّار من الاطلاع على تفاصيل دقيقة حول تقنيات الترميم وأساليب الحفاظ المعاصرة. ويرى كمال أن هذه النقلة النوعية تبرز تحسينات في جودة العرض وتنظيم القطع وتكاملها داخل قاعة واحدة، ما يتيح لزائرين تبّع قصة الملك الشاب من اكتشاف مقبرته حتى وصول المجموعة إلى هذا التجميع المتكامل في المركز الثقافي الأضخم في العالم.
إلى جانب ذلك، يؤكد المسؤلون أن العمل الذي بدأ قبل نحو تسع سنوات يعبّر عن جهدٍ مؤسي متعد المسارات، يجمع بين الترميم الآثري، والتأهيل الفني، وتنظيم العرض، والتسويق العلمي لمتاحف. وهو ما يسهم في تحقيق هدف المتحف المصري الكبير بأن يكون منصة عالمية لعرض التاريخ المصري القديم وتوثيق حضارة الإنسان عبر فترات طويلة من الزمن. وتؤكد المصادر أن التشغيل التجريبي طوال عام 2023 وحتى نهاية 2024 جاء ضمن خطة مدروسة تسمح بتقيم الأداء وتعديل أوجه العرض وخدمات الزوار وفق أس علمية دقيقة، بما يجعل الافتاح الرسمي في نوفمبر 2025 محطة بارزة في قطاع الثقافة والآثار.
وبهذا المعنى، يتعزّز إدراك الجمهور بأن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى حديث، بل هو مشروع ثقافي يوثق تاريخ البشرية عبر الحضارة المصرية القديمة، ويعيد تقديم ثراء القطع الأثرية إلى الجمهور بجودة عالية وبطريقة تُبرز دور العلم في الحفاظ على هذه الثروة الحضارية. كما يرسخ وجود قاعة الملك توت عنخ آمون كإحدى أبرز عناوين العرض في العالم، حيث تحق رؤية العرض الشامل لمجوهرات والقطع والآثار المرتبطة بالملك الشاب، وتؤكد أهمية العمل التراثي في الجمع بين الماضي والحاضر في تجربة مشاهدة متكاملة.
تظل المناسبة مرتبطة بمسار زمني محد، حيث يظل يوم 1 نوفمبر 2025 بمثابة نقطة افتاح رسمية تعكس بناء مشروع ثقافي عالمي يحاكي قص الحضارة المصرية القديمة ويمثل تويجاً لجهود سنوات من الإعداد والترميم والإعداد لعرض، ويعز مكانة المتحف المصري الكبير كمركز ثقافي عالمي يفتح أبوابه أمام محبي التاريخ والبحث العلمي والزائرين مختلف أنحاء العالم.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































