كتب: سيد محمد
شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم جدلاً واسعاً حول المادة الأولى والمادة الثة من مشروع قانون يفرض رسماً على مباني وزارة الخارجية بالخارج، انتهت أحداثها إلى حذف المادة الثة من المشروع. وتركز النقاشات حول تفاصيل الرسم المقر وكيفية تطبيقه داخل مصر وخارجها، إضافة إلى مصادر تمويل هذا الرسم وكيفية توزيع موارده بين صناديق عدة ترتبط بواقع العاملين بالسلك الدبلوماسي والقنصلي وبأبنية الوزارة.
تفاصيل رسم 50 جنيها في المادة الأولى وتطبيقه داخل البلاد
تنص المادة الأولى في مشروع القانون على فرض رسم لا يجاوز 50 جنيهاً على كل تصديق تجريه الوزارة المختصة بشؤون الخارجية داخل جمهورية مصر العربية. كما تقضي بأن يتم فرض رسم لا يتجاوز 20 دولاراً أميركياً أو ما يعادله بالعملات الأجنبية على كل تأشيرة دخول أو مرور تصدرها السلطات المصرية عند منافذ الدخول، وعلى كل تأشيرة أو عمل قنصلي يُجرى بمعرفة سفارات وقنصليات جمهورية مصر العربية في الخارج. وتحد فئات الرسم المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بقرار يصدره رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، وذلك بناء على عرض من الوزير المختص بشؤون الخارجية.
خلال مناقشة هذه المادة، أكدت النائبة إيرين سعيد رفضها القانون ورأت أنه غير دستوري. وفي ردها أشارت إلى أن الرسوم المقترحة ليست منافية لدستور فحسب، بل تثير تساؤلات حول شفافية تطبيقها ومراقبتها من جهة الرقابة البرلمانية. وفي المقابل، أكد المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية أن القانون وُضع من أجل صالح العام، وأنه لا يوجد ما يوجب التشكيك في دستوريته عند هذا الحد، مع الإشارة إلى أن الأرقام قديمة نسبياً مقارنة بتقيمات سنوات خلت. وأوضح أن الرسوم الحالية تشكل الحد الأقصى، وأن الوزارة ستعمل تدريجياً على تطبيقها بما يسهم في دعم صندوق خاص بأبنية الخارجية. كما أشاد بدور المجلس في مناقشاته واعتبر أن النص المقدم متمسك به من قبل الحكومة.
وفي هذا السياق، أضاف الوزير أن المادة الأولى ستخضع لمراجعة والتطبيق بشكل يحافظ على مصالح المصرين في الخارج، وأن الحكومة تظل متمسكة بالنص كما ورد من الجهة المختصة. واصل المجلس مناقشته لمادة الأولى حتى أقرّها كما تقدمت بها الحكومة، مع الإشارة إلى أن الاطار العام يهدف إلى توفير موارد لصندوق مباني الخارجية بالخارج من خلال الرسوم المقرة لمواطنين داخل البلاد في إطار التصديقات والتأشيرات التي يجريها وزرار الخارجية.
موقف النواب من دستورية الرسم وتداعياته على الخارج والداخل
بعد إقرار المادة الأولى، طرحت النقاشات مسألة دستورية المادة الثة، حيث اعترضت كل من النائبة مرفت الكسان عن حزب مستقبل وطن، والنائبة إيرين سعيد عن حزب الإصلاح والتنمية، على بنودها وأكدتا أن وجود هذه المادة في القانون الحالي يُعد غير دستوري، مطالبتين بحذفها. أشارت النائبة مرفت الكسان إلى أن تقسم نسبة الإيراد إلى نسب مختلفة يعتبر أمراً غير دستوري، وشدت على ضرورة حذفها إذا لم توفر آليات أكثر شفافية.
من جهة أخرى، أوضحت النائبة إيرين سعيد أن المشكلة الأساسية تكمن في أساس وجود المادة الثة ضمن قانون 1982، وأن وجود استثناءات تخص تطوير الأبنية لا يمكن أن يكون مبراً لزيادة موارد من الخزانة العامة، خاصة إذا كان ذلك يتم عبر صندوق خاص يمول من اشتراكات الأعضاء. وشدت على أن الرقابة البرلمانية لا تمتد إلى صندوق خاص من هذا النوع، وهو ما يثير قلقاً حول مدى شفافية مصادر الأموال وتوجيها.
وفي إطار الحوار، أكد المستشار محمود فوزي أن الحكومة لديها صلاحيات لتخصيص موارد لصندوق بعد موافقة المجلس على الموازنة، ويمكن لوزارة المالية توجيه ما تراه مناسباً من موارد لصندوق، مع أن البرلمان سيتمكن متابعة ذلك عبر التحليلات المالية والرقابة. وشرح أن الدستور يرد ذكره في المادة 38 بخصوص النظام الضريبي ودوره في دعم الأنشطة الاقتصادية، وأن صندوق البناء الخاص ليس موًلاً بالكامل من اشتراكات الأعضاء. كما أشار إلى أن الصندوق يخضع لرقابة من خلال الوزارة وليست الرقابة المباشرة على الصندوق نفسه.
تفاصيل المادة الثة وآثارها على تمويل مباني الخارجية
تفيد المادة الثة بأن الإيراد الناتج عن الرسم مخص لصندوق العام لتمويل مباني وزارة الخارجية بالخارج، ويُعد مورداً من موارد الصندوق. كما تقضي بتخصيص نسبة 5% من تلك الموارد لتوزيعها بين صندوق التأمين على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي بنسبة 70%، وبين صندوق التأمين الخاص لعاملين بوزارة الخارجية من غير أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي بنسبة 30%.
اعترضت النائبتان المذكورتان على هذا التوزيع، معتبرتين أن وجود نسب محدة لهذا الصندوق يجعل من غير المكن تطبيقها بشكل عادل ويفتح باً لما يشير إليه الدستور من أن النظام المالي يجب أن يكون واضحاً وشفاً. كما أكدت إيرين سعيد أن وجود صندوق خاص غير خاضع لرقابة البرلمان يجعل المبرات التي تُساق من أجل تمويل الصندوق غير كافية، وأنه من المكن أن يؤدي إلى تعارض مع النصوص الدستورية.
في المقابل، جادل المستشار محمود فوزي بأن التعديل المقترح من قبل الحكومة يَسْمح بتعديل توزيع النسب بما يضمن تحقيق أهداف التمويل، وأن الرقابة البرلمانية ستكون متاحة عبر وزارة الشؤون النيابية، وأن الحكومة تبقي على النص كما جاء من الجهة المعنية. كما أكد أن الصندوق يخضع لرقابة وفقاً لقوانين التأمين الموحد وأنه يتمتع بشخصية اعتبارية خاصة، مع إمكانية متابعة أعماله عبر الوزارة المعنية وليس عبر البرلمان مباشرة.
الحوار البرلماني وخلاصة النقاش وتعديل المشروع
طلبت النائبتان من المجلس إعادة توضيح موقفهما من الاعتراضات، وتأكيداً على الرقابة، شدت النائبة مرفت الكسان على أن الرقابة على الصندوق الخاص تأتي عبر هيئة الرقابة المالية وليست الرقابة البرلمانية المباشرة، وأنه يجب حذف نسبة الـ5% إذا كانت الموافقة على 5% من الإيرادات ستذهب إلى صندوق الأعضاء، مع ضرورة استعراض الائحة المنظمة لصندوق وآليات الرقابة. بالمثل أوضحت النائبة إيرين سعيد أن الدستور يتيح أحوال استثنائية لكن ليس في هذه الظروف الملحة، وأن الاعتماد على موارد عامة لصندوق خاص خارج إطار الرقابة البرلمانية يمثل مخالفة دستورية.
من جانبه، عرض المستشار محمود فوزي خيارات لمجلس، واقتُرح تعديل المادة الأولى بحذف الإحالة إلى المادة الثة كلياً، أو الاكتفاء بتعديلها دون حذفها بشكل كامل، وهو ما اعتبره الوزير خياراً يشكل حلاً وسطاً يحق أهداف المناقشة. وفقاً لما أُبلغ لمجلس، كان القرار الأخير بأن يوافق المجلس على حذف المادة الثة، مع تعديل المادة الأولى كما قدمته الحكومة. وهذا الإجراء أنهى الجدال حول الجزء الخاص بالمادة الثة، وترك الباب مفتوحاً لمسار التنظيمي لمادة الأولى بما يحافظ على الهدف المالي لمشروع.
وبهذا انتهت مناقشات المجلس حول المسألة، حيث صوت المجلس بالموافقة على حذف المادة الثة وتعديل المادة الأولى كما قدمته الحكومة، وهو ما يفتح صفحة جديدة في إطار تنظيم الرسوم المرتبطة بتصديق التصاريح والتأشيرات والتصديقات الخاصة بالشئون الخارجية داخل مصر وخارجها.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































