كتب: صهيب شمس
أشار مفوض شؤون المناخ في الاتحاد الأوروبي، وبكي هوكسترا، إلى أن غياب الولايات المتحدة عن كوب-30 يمثل نقطة تحول في مجرى العمل المناخي العالمي. وأوضّح في تصريحات نقلتها مجلة بوليتيكو الأوروبية أن الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر دولة مسبة لانبعاثات، تُعد لاعباً مفصلياً في مشهد الطاقة والتغير المناخي؛ لذا فإن غيابها المتوقع عن القمة يعني تفاقم الضغوط وتراجعاً في فرص الاتفاقات الدولية التي تعوّل عليها دول كثيرة. كما لفت هوكسترا إلى أن انسحاب الولايات المتحدة كطرف رئيسي قد يترتب عليه أضرار يمكن تفاديها إذا استمر التزام بعض المسؤولين الأميركين بسياسات بيئية، على الرغم من وجود رؤساء بلديات وحكام ولايات لا يزالون متمسكين بخطوط سياسة بيئية قوية. وفي السياق نفسه، من المرتقب أن يفتح مؤتمر COP-30 في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في مدينة بيليم المطلة على ساحل الأمازون. وتؤكد مصادر إعلامية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلنت أنها لن ترسل مثلين رفيعي المستوى إلى المؤتمر، وهو قرار يعكس ضغوطاً أوسع نطاقاً داخل واشنطن ضد سياسات المناخ. كما ورد أن ترامب قد أعلن بشكل رسمي عن نيته الانسحاب من اتفاق باريس لمناخ لمرة الثانية. وفي إطار متصل، وتحت ضغوط متواصلة، بذلت الولايات المتحدة جهود في مفاوضات المنظمة البحرية الدولية التابعة لأم المتحدة في لندن خلال الشهر الماضي لتجنب التصويت على رسوم مقترحة لخفض انبعاثات الكربون المرتبطة بالشحن العالمي.
أبرزت مجلة بوليتيكو أن نحو مئة دولة فشلت حتى الآن في تقديم أهداف أكثر طموحاً لخفض انبعاثات الكربون قبل قمة COP-30، وهو ما يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي نفسه قد يواجه تخلفاً في هذا المجال، رغم أن أرقام الأم المتحدة في العام الماضي أشارت إلى أن تحقيق خط 2030 قد يؤدي إلى انخفاض التلوث بنحو أقل من 3% مقارنة بمستويات عام 2019، وهو انخفاض يبدو غير كافٍ لتجنب نقاط التحول المناخية الكبرى. وتساءل هوكسترا عما إذا كان هذا التزام الكلي سوف يلبّي طموحات المجتمع الدولي أم لا، داعياً الحكومات إلى تسريع وتيرة الإجراءات وتحقيق خطوات ملموسة على صعيد التكيف مع الواقع المناخي الجديد وتطوير أسواق الكربون، معتبرًا أن ذلك يمثل جزءاً أساسياً من مسار COP-30.
غياب الولايات المتحدة عن كوب-30: أثره على النظام الدولي لمناخ
يركز هذا المحور على المخاطر التي قد تنشأ عن غياب الولايات المتحدة عن قمة COP-30، وتداعياتها المحتملة على التوازنات السياسة الدولية في مجالات المناخ والطاقة. يرى هوكسترا أن وجود الولايات المتحدة مُمثّلاً على مستوى عالٍ كان من شأنه أن يعطي القمة زخماً مختلفاً ويعز من فرص الوصول إلى تفاهمات أشد صرامة حول خفض الانبعاثات وتقيم مسارات التكيف والمرونة في الدول الأكثر تأثراً بتغير المناخ. ومع غياب الولايات المتحدة، قد تسع الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية في كثير من عناصر العمل المناخي، خصوصاً في ما يخص التمويل ونقل التكنولوجيا وتوفير الدعم الفني لدول الأكثر ضعفاً أمام تغيّر المناخ. كما أن غياب واشنطن يفتح باب النقاش حول التزامات دولية جديدة وآليات إنفاذ أقوى، وهو ما قد يغير من ديناميات النقاش في COP-30 وفي أطر لاحقة من المفاوضات الدولية.
التزامات الولايات المتحدة والواقع الأميركي في ملف المناخ
ينبغي النظر في ما أعلنته إدارة ترامب والجهود الأميركية ضمن الإطار العام لمناخ والبيئة. فبحسب ما ورد، لن ترسل الولايات المتحدة مثلين رفيعي المستوى إلى COP-30، وهو ما يعكس توجهاً قديمًا لدى الولايات المتحدة في مواجهة بعض عناصر العمل متعد الأطراف المعهودة في هذا الملف. ومع ذلك، يظل هناك حضور متفاوت من قبل بعض الولايات والمحافظين والرؤساء المحلين الذين يواصلون دعم سياسات بيئية وتدابير خفض انبعاثات، وهو ما يشير إلى وجود تباين داخلي في الموقف الأميركي بين المستوى الاتحادي والمستويات الأخرى. وتسع دائرة النقاش في واشنطن حول أُطر التفاوض الدولية وكيفية مواءمة السياسات الوطنية مع أهداف المناخ العالمية، وهو موضوع لا يتّسع له الإيجاب ولا السلبي فقط، بل يتطلب خريطة طريق واقعية لالتزام والتمويل ونقل التكنولوجيا.
إدارة ترامب وانسحابها من اتفاق باريس ومجموعة من الضغوط الدولية
تطرح هذه الفقرة مساراً يربط بين قرار الانسحاب الأميركي وقف مشاركة واشنطن على مستوى القمة الدولية. في الشهر الماضي، تزايدت ضغوط الولايات المتحدة في مفاوضات المنظمة البحرية الدولية التابعة لأم المتحدة في لندن، حيث ضغط الوفد الأميركي على الدول لتجنب التصويت على رسوم مقترحة لخفض انبعاثات الكربون المرتبطة بالشحن العالمي. وهذه التحركات تعكس محاولة واشنطن ضبط مسار سياساتها المناخية بما يخدم مصالحها الاقتصادية، وهو ما يبر في جزء منه سعيها إلى تقليل التزامات الطوعية في إطار الاتفاقات الدولية، وهو ما يعز من ازدياد التراجع في وجودها المؤثر عن COP-30. وفي الوقت ذاته، يبقى الرأي العام الدولي يراقب تطورات الموقف الأميركي والعلاقة الفعلية بين السياسات المحلية والتزامات الدولية في هذا الشأن.
التقيم الدولي والآمال في COP-30 أمام التحديات الكبرى
تشير تقارير متعدة إلى أن COP-30 يأتي في لحظة حاسمة من تاريخ المناخ العالمي، حيث يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة تعلق بتقليل الانبعاثات والتكيف مع التغير المناخي. وتُظهر تقارير الأم المتحدة أن حتى في حال أوفت الدول بخطها حتى عام 2030، فإن تحسن النِسب الكربونية قد يكون محدوداً، وهو أمر يُعقِد من إمكانية تجنب ذروة التحول المناخي دون اتخاذ إجراءات أقوى. وفي هذا السياق، أشار هوكسترا إلى أهمية حث الحكومات على اتخاذ خطوات ملموسة في مسارين رئيسين: الأول تعزيز آليات التكيف مع الواقع المناخي الجديد، والثاني الدفع نحو تعزيز أسواق الكربون كأداة اقتصادية فعالة لحد من الانبعاثات وتهيئة بيئة داعمة لسياسات البيئية.
موقف الصين ومخاوف الطاقة النظيفة في COP-30
أعرب هوكسترا عن قلقه من مساعي الصين لبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم، معتبراً أن وجود الصين كقوة اقتصادية كبرى يجعل من المهم على المستوى العالمي أن تمتنع الصين عن المزيد من الاعتماد على الفحم في توليد الطاقة. وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن التزام الصين بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري محلياً لا يزال منخفضاً نسبياً، وهو ما يعكس تعقيد المشهد العالمي في مسألة التوازن بين النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف الانبعاثات. هذا الق يعكس المخاوف الكبرى من أن يؤدي استغلال مصادر الوقود التقليدية إلى تقويض الجهود الدولية الرامية إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يجعل COP-30 محوراً أساسياً لمناقشة كيفية تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون وتحديد سياسات واضحة لاستثمار في الطاقة النظيفة ونقل التكنولوجيا الخضراء.
دوافع ومسارات محتملة لمفاوضات عند COP-30
يرى المراقبون أن COP-30 يمثل فرصة لإعادة بناء الثقة بين الدول الكبرى والدول النامية، وتحديد آليات تعويض وتعاون مالي وفني يساعد الدول الأكثر فقراً في التكيف مع آثار التغير المناخي. كما أن النقاش حول أسواق الكربون يظل محورياً، حيث تُطرح تساؤلات حول جدوى هذه الأسواق وكيفية تنظيمها بما يضمن تحقيق خفض فعلي في الانبعاثات وتوزيع عادل لتكاليف التحول وتدفقات التمويل الازمة لبناء بنية تحتية لطاقة النظيفة. وفيما يخص الصين، فإن أي اتفاق يركز على خفض الاعتماد على الفحم يجب أن يراعي التزاماتها الاقتصادية والتعهدات العالمية، وهو موضوع يثير نقاشاً طويل الأمد بين الدول الصناعية والدول الناشئة.
أفق COP-30 وما بعده: توقعات وآثار محتملة على السياسة المناخية العالمية
من المتوقع أن يعز COP-30 جهود الدول نحو تقوية التزاماتها والتحول نحو سياسات أكثر صرامة في مواجهة تغير المناخ، مع التركيز على التكيف وتطبيق مبادئ الشفافية وتقيم التقدم بشكل دوري. كما أن النقاش حول تمويل المناخ ونقل التكنولوجيا سيظل في صلب المفاوضات، لأن هذه العناصر تشكل الأساس الذي تقوم عليه خطة 2030 لحد من ارتفاع درجات الحرارة. وفي ضوء غياب الولايات المتحدة وجود الصين بتحدياتها وتوقعات الدول الأخرى، يبدو أن COP-30 سيوفر ساحة دولية حاسمة لصياغة مسارات جديدة يمكن أن تكون بمثابة حجر أساس لسياسات العالمية في العقد القادم، مع الحرص على أن تكون الإجراءات عملية وقابلة لتنفيذ وتستند إلى مخرجات علمية ومتابعة دقيقة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































