كتب: علي محمود
بعد جدلٍ واسعٍ أُثير في أروقة البرلمان حول تخصيص جزء من رسوم مباني الخارجية لصالح الصناديق التأمينية لأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي والعاملين بوزارة الخارجية، أصدرت النائبة إيرين سعيد موقفاً حازماً من هذا المقترح. وفي تصريح خاص لموقع صدى البلد أكدت النائبة أن المادة 3 التي نصت على تخصيص جزء من مورد عام لصندوق تأميني خاص يتعارض مع نص المادة 38 من الدستور، الذي حد أن الأصل هو أيلولة الموارد العامة لخزانة العامة. كما أشارت سعيد إلى أن أحكام المحكمة الدستورية قد حدت الاستثناء في أضيق الحدود، وأن الفئات التي كفل لها الدستور حماية خاصة هي التي تستثنى من ذلك، مبيّنة أن هذا الصندوق قد أنشئ كياناً خاصاً قائماً على اشتراكات أعضائه، وبالتالي لا يجوز تمويله من حصيلة عامة.
هذا التطور جاء في إطار نقاش أوسع حول طبيعة الصندوق وما إذا كان يدخل ضمن موارد الدولة العامة أم أنه يظل ضمن إطار قانوني خاص. وتؤكد النائبة أن الدفع نحو تخصيص جزء من الموارد لصالح صندوق خاص يخالف الأس الدستورية التي تقضي بأن الموارد العامة مخصة لخزانة العامة، وهو أمر يحد من صلاحيات جهة التمويل التي قد تخذ هذا النوع من الإجراء. كما أشارت إلى أن المحكمة الدستورية قد حدت إطاراً استثنائيّاً محدوداً لفئات التي تستفيد من حماية خاصة، وهو ما يعز التوجه بعدم السماح بتمويل هذا النوع من الصناديق من موارد عامة.
في سياق متصل، لفت سعيد إلى أن هذا الصندوق يمكن أن يوصف بأنه كيـان من أشخاص القانون الخاص، وأن الرقابة عليه لا تم بصورة مباشرة كما هو الحال في المؤسات الخاضعة لرقابة المباشرة على الميزانية العامة. وتؤكد أن هذا التوصيف يفتح باً لنقاش حول طبيعة إشراف الدولة على مثل هذه الصناديق، خاصة في ظل غياب التمكين الفعلي لشفافية والرقابة الشاملة على موارده. بناءً عليه، ترى النائبة أن إلغاء نسبة تخصيص الموارد يجب أن يكون من دون تعقيد إداري أو تشويش دستوري، بما يفضي إلى تعزيز مبادئ توزيع الموارد وفقاً لمحاور الدستورية الأساسية.
في هذا السياق، أعلنت الحكومة موقفها من المقترح بقوة، حيث أعرب المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، عن موافقته لمقترح المقدم من النائبة إيرين سعيد. وأوضح الوزير أن الصندوق يُعد من أشخاص القانون الخاص، وأن الرقابة عليه ليست مباشرة، وهو أمر يجعل وجوده وطرائق تمويله أمراً قابلاً لنقاش في ظل وجود إمكانية حذف نسبة التخصيص المخصة له. كما أشار إلى أن الحكومة لا تمسك بالنص الحالي بشكل صارم، ما يعز احتمال إعادة نظر تشريعية تزيل ما قد يعتبره البعض عائقاً دستورياً أمام استمرار العمل بهذا الصندوق من دون تمويل من الحصيلة العامة.
الجانب الدستوري لنقاش وتحديد حدود الاستثناءات
ترسخ في النقاش فكرة أن الدستور هو المرجع الأعلى في حسم أي جدل يتصل بإدارة الموارد العامة. إذ تؤكد النائبة إيرين سعيد أن المادة 38 من الدستور تقر بأن الأصل في الموارد العامة هو أن تؤول إلى الخزانة العامة، وهو ما يستدعي إلغاء أي تخصيص من هذه الموارد لصالح صندوق تأميني خاص أو لأي جهة خارج إطار الخزانة. كما تُشير إلى أن المادة 3 التي نصت على تخصيص جزء من مورد عام لصندوق تأميني خاص تقع خارج الإطار الدستوري في حال كانت تُستخدم الموارد العامة لتغذية هذا الصندوق، خصوصاً وأن المحكمة الدستورية قد حدت الاستثناء في أضيق الحدود، مع الإشارة إلى أن الفئات المحمية دستورياً هي التي تستفيد من حماية خاصة وليست جهةً عامة.
هذا الطرح يعكس نقاشاً أوسع حول التوازن بين أهداف الخدمات الدبلوماسية والتزامات الدستورية التي تفرض أن تكون الموارد العامة موصولة إلى الخزانة ولا تُصرف من مصادر عامة لصالح صناديق خاصة غير خاضعة لرقابة المالية المباشرة. وجود هذه الرؤية في جلسات البرلمان يعكس أيضاً قناعة بأن أي استثناء يجب أن يتم تفصيله وتقيده بشكل دقيق، وأن أي تمويل يمكن أن يمر عبر القنوات العامة لا يجوز أن يتحول إلى قاعدة، lest يصبح من السهل تجاوز الإطار الدستوري عند وجود مبرات سياسية أو إدارية.
تخصيص رسوم صندوق الخارجية: قراءة دستورية ورؤية حكومية
التطرق إلى عبارة تخصيص رسوم صندوق الخارجية يضع أمامنا إطاراً يقتضي قراءة دقيقة لمفاهيم القانونية. فالمطالبة بإعادة النظر في ذكر «التخصيص» تقود إلى إصلاح تشريعي يمكن أن يحفظ الاستدامة المالية لصندوق التأمين الخاص من جهة، ويُبقي الموارد العامة في الخزانة العامة من جهة أخرى. يرى بعض المراقبين أن مثل هذا النقاش يحمل في طيّاته احتمالاً لتعديل نصوص دستورية قد تكون حجر عثرة أمام مسارات إصلاحية أخرى، في حين يرى طرف آخر أن الحفاظ على إيرادات الدولة يجب أن يتم وفقاً لإطار يحد من إنشاء صناديق خاصة خارج نطاق الرقابة العامة والشفافية. من جانبها، تشد النائبة سعيد على أن الصندوق قائم على اشتراكات أعضائه وليس كفئه من حصيلة عامة، وهو تفسير يعز فكرة استقلالية الصندوق نسبياً، ولكنه في ذات الوقت يدفع إلى إعادة تقيم دوره وظيفته في هيكل الدولة. كما تُبرز مقترحاتها أن الرقابة غير المباشرة قد لا تكون كافية في ظل طبيعة الجهة القائمة على اشتراكات الأعضاء، ما يجعل من الضروري مراجعة آليات التمويل والرقابة لتأكد من شرعية الإنفاق وشفافيته.
في هذا الإطار، يبرز القول بأنه إذا كان الصندوق من أشخاص القانون الخاص، فإن الرقابة عليه تكون غير مباشرة، وهذا يطرح سؤالاً عن مدى فاعلية وجوده ضمن النظام المالي العام، وما إذا كان بالإمكان تعديل النصوص بما يحافظ على مصالح الأعضاء من جهة، ويضمن أن تكون الموارد العامة محكومة بأطر دستورية صارمة من جهة أخرى. كما أن المقترح المقدم يعتمد على فكرة أن الحكومة قد لا تمسك بالنص الحالى وأنه ليس هناك مانع من حذف نسبة التخصيص إذا ثبت أن ذلك ضروري لإعادة توجيه الموارد وفق الإطار القانوني الصحيح، بما يحفظ التوازن بين الحاجة إلى دعم الكوادر الدبلوماسية وبين الحفاظ على أولوية المبدأ الدستوري في أيلولة الموارد العامة لخزانة.
موقف الحكومة ومسار النقاش المستقبلي
الموقف الحكومي من القضية يعكس رغبة في إيجاد حل دستوري يرضي مختلف الأطراف. وفقاً لمعلومات المتوافرة، أعرب المستشار محمود فوزي عن تأيده لمقترح نيابة عن النائب سعيد، مؤكداً أن الصندوق يُعد من أشخاص القانون الخاص، وأن الرقابة عليه غير مباشرة، كما أشار إلى أن الحكومة لا تمسك بالنص الحالي، ولا يوجد مانع من حذف نسبة التخصيص كما وردت. هذا التصريح يفتح باب الحوار القانوني حول كيفية مواءمة متطلبات الصندوق مع التزامات الدستورية، وفي الوقت نفسه يحافظ على الحقوق والمزايا التي يتمتع بها أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي والعاملون في وزارة الخارجية.
ومن جانب آخر، يبرز أن الحكومة لديها رؤية تفيد بأن التدخل في صيغة التمويل ينبغي أن يكون مدروساً بشكل يعز الشفافية والعدالة في توزيع الموارد، وأن إمكانية إعادة تخصيص جزء من الموارد لصالح صندوق تأميني خاص قد تكون بحاجة إلى تعديل تشريعي بسيط يضمن توافقه مع نصوص الدستور وتفسير المحكمة الدستورية. هذا الموقف يكتسب أهمية خاصة في ظل غياب رقابة مباشرة على الصندوق، ما يجعل هناك أهمية لتحديد آليات الرقابة والشفافية لضمان أموال الدولة لا تُصرف خارج الإطار الشرعي المعمول به.
إجراءات محتملة وتحصيل نقاط النقاش
النقاش المستمر يفتح باً لتقيم آليات التمويل والرقابة وتحديد مسارات الإصلاح المحتملة بما ينسجم مع الدستور والتفسير القضائي. إذا قر البرلمان والجهة التنفيذية التحرك قد تكون هناك خطوات تشريعية تهدف إلى إلغاء نسبة التخصيص لصالح هذا الصندوق، أو على الأقل إخضاعه لرقابة المباشرة بما يحفظ حق الخزانة العامة ونزاهة الموارد العامة. من جهة أخرى، قد يستند المطالبون إلى أن الصندوق خاص وهو قائم على اشتراكات أعضائه، وبالتالي يظل خارج نطاق الايلولة الكلية إلى الخزانة العامة، وهو ما يجعل من الضروري إعادة تعريف نطاقه وطرق تمويله بشكل دقيق في إطار تشريعي يلتزم بنصوص الدستور ويأخذ بتفسيرات المحكمة الدستورية. هذا المسار يُحتمل أن يحظى بتأيد المستشارين والنواب المعنين، كما قد يحصل على دعم من جهة خارجية تطلع إلى تعزيز آليات الشفافية والرقابة على الموارد المخصة لصناديق الخاصة.
وبالتحديد، تعد المطالبات بإزالة نسبة التخصيص خطوة نحو تحقيق تكافؤ في المعاملة بين الجهات التي تستفيد من الخدمات الدبلوماسية والموظفين المرتبطين بوزارة الخارجية وبين التزامات الدستورية التي تقضي بتوجيه الموارد العامة إلى الخزانة. في النهاية، يظل الهدف المشترك هو ضمان وجود إطار دستوري عادل وشفاف يحمي مصالح الدولة ويضمن استدامة وتوفير الخدمات الازمة لكوادر الدبلوماسية، مع احترام مبادئ الحكم الرشيد والرقابة. وليس هناك خاتمة مطلوبة هنا، وإنما استمرار لنقاش وتحديد المسارات القانونية والتنفيذية المكنة، بما يخدم المصلحة العامة ويحفظ قواعد الدستور.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































