كتب: أحمد خالد
أعلن الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد، فتح باب الترشّح لانتخابات رئاسة الحزب في مطلع يناير المقبل، في خطوة تعكس استمرار يمامة رئيسًا لحزب في قيادة الأمانة السياسية لحزب خلال المرحلة المقبلة. وقد أكد القرار الرسمي الذي أعلنه المركز الإعلامي لـ بيت الأمة أن الجمعية العمومية ستنعقد في 30 يناير، بينما سيفتح باب الترشح يوم السبت الموافق 3 من ذات الشهر، ليغلق في غضون ستة أيام من تاريخ فتح الترشحات. هذا الإجراء يأتي في وقت تشهد فيه الساحة الوفدية صراعاً واضحاً على مقعد قيادة الحزب، وتصاعد معه التكهنات حول القوى والجهات التي ستشارك في الترشح وتحالفاتها المحتملة. وفي الوقت نفسه، يُلاحظ غياب توافق واضح حتى الآن على اسم واحد يمكن أن يحسم المعركة مبكراً، وهو ما يجعل الوضع الراهن يميل لصالح الظهور القوي لـ يمامة رئيسًا لحزب في مسار المعترك الانتخابي.
يمامة رئيسًا لحزب في قلب صراع الجبهات
تشير المعطيات إلى أن المشهد الداخلي لحزب الوفد يتجه نحو ثلاث جبهات رئيسية تسابق على مقعد الرئاسة المقبلة، مع بروز تحالفات وتوازنات مختلفة ضمن كل جبهة. وتصدر جبهة أباظة المشهد من خلال قائدها هاني سري الدين، الذي يحظى بدعم عد من الرموز التاريخية لحزب، مثل محمود أباظة ومنير فخري عبد النور. هذه الجبهة تسعى إلى تقديم رؤية ليبرالية كلاسيكية داخل الحزب، وتبدو جادة في خوض الانتخابات المقبلة بدعم من مجموعة من الأسماء التي تملك رصيداً تاريخياً داخل الوفد. وفي المقابل، تقف جبهة البدوي بقيادة فؤاد بدراوي، سكرتير الحزب السابق، وتلقى دعماً مباشراً من الدكتور السيد البدوي، الرئيس التاريخي لوفد، الذي قر عدم الترشّح مجداً لكنه يرى في بدراوي أحد الأسماء القادرة على لمّ شمل الحزب وإعادة ترتيب الأولويات. وتؤكد المصادر أن البدوي يحرص على وجود توازن داخل الكيان الوفي، بما يمنح البدوي فرصاً لعودة قوية إلى الواجهة مع قدرة على تعزيز العمل التنظيمي والتواصل مع قواعد الحزب.
الجبهة الأولى: جبهة أباظة وتوجهاتها
تضم جبهة أباظة في تشكيلها عداً من الرموز التاريخية المهمة لحزب، وتحرص على تقديم رسالة محافظة نسبياً ضمن إطار التيار اليبرالي الكلاسيكي في الوفد. يضع هؤلاء خطاً واضحاً بأن الحزب بحاجة إلى استعادة توازنه التنظيمي وتوحيد صفوفه في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. مع ذلك، تبقى تفاصيل الخطة الانتخابية ومرونة التحالفات قابلة لتطور بحسب متغيرات الساحة، وجاهزية بقية الأطراف لتوصل إلى تفاهمات تشكل عامل الاستقرار على المدى القريب والمتوسط.
الجبهة الثانية: جبهة البدوي وتوازناتها
أما جبهة البدوي، فتمثل وجهاً مختلفاً من حيث الرؤية والتوقعات. هذا التيار يعول على وجود قيادة تملك قدرات جمع الشمل وتوحيد الكلمة داخل بيت الأمة، في ظل إبداء السيد البدوي لموقفه من الترشح وترك الوصاية على التحالفات لبدراوي كحل وسط محتمل. وتؤكد المصادر أن البدوي، رغم عدم ترشحه شخصياً، يعمل على تمتين علاقاته والضغط من أجل تشكيل تيار قادر على التأثير في نتائج الانتخابات المقبلة وإحداث توازن حاسم لصالح مرشح هذه الجبهة. ويتضح أن جبهة البدوي تسعى إلى بناء جبهة داخلية متماسكة قادرة على تعزيز حضورها ودفع المرشح الذي تعتقد بأنه الأكثر قدرة على تمثيل طموحات الحزب وتوحيده في لحظة حاسمة.
الجبهة الثة: الدولة العميقة داخل الوفد
إلى جانب الجبهتين المذكورتين، يوجد داخل الوفد جبهة ثالثة تعرف بـ الدولة العميقة، وتضم قيادات مؤثرة مثل حسين منصور وطارق سباق وكاظم فاضل. تمتع هذه الجبهة بدعم من شخصيات بارزة في المشهد السياسي مثل ياسر الهضيبي وأيمن محسب، الذين يُنظر إليهما داخل بيت الأمة باعتبارهما رمانة الميزان التي تستطيع ترجیح كفة أي مرشح في الحظة الأخيرة. تمثل هذه الكتلة محوراً أساسياً في التفاوضات والتحالفات المحتملة، وتلعب أدواراً حيوية في توجيه مسار الانتخابات عبر التأثير على قواعد وجماهير الحزب وخياراته القيادية. وجود هذه القوى يجعل المشهد أكثر تشظياً ويؤدي إلى تعزيز احتمالات الوصول إلى تحالفات معقدة قد تغير وفقاً لمؤشرات وتطورات الترتيبات الداخلية.
تيار الهيئة العليا وتوقعات الانضمام
إلى جانب الثلاث جبهات الكبرى، برز تيار آخر من أعضاء الهيئة العليا الذين أبدوا استياءهم من الوضع التنظيمي الحالي، ويتزعمه محمد الزاهد ومصطفى رسلان ومحمد حلمي سويلم. تفيد المصادر بأن هذا التيار قد يمدّ جسوره مع القوى الكبرى في حال فشلت محاولات الوصول إلى توافق بين الجبهات الثلاث، وهو ما يعني احتمال انضمام أسماء أخرى مثل حسين منصور وطارق سباق إلى هذا التيار في حال عدم تحقيق توافق واسع على شخصية موحدة. هذا التطور يشير إلى أن الجبهة المستقلة داخل الحزب قد تكون لها كلمتها الحاسمة في الحظات الأخيرة، خصوصاً حين تعثر محاولات التوافق وتثبيت منصّة مرشح واحد قادر على الإقناع وتوحيد الكتلة الوفدية حوله.
التوقعات والآفاق الراهنة في المشهد الوفدي
المصادر المقربة من بيت الأمة أكدت أن غياب شخصية توافقية وتيارات رئيسية غير منسجمة حتى الآن يجعل احتمال فوز الدكتور عبد السند يمامة بفترة رئاسية جديدة يبدو الأقرب حتى وإن لم يكن حاسماً. في هذا السياق، يحظى يمامة بميزة موجودة في مكانه الحالي كقائد لحزب وتوليه إدارة المعركة التنظيمية، فضلاً عن وجود طرح واضح داخل بيت الأمة حول قدرته على شد الحبال والتوسط في الخلافات بين الجبهات الثلاثة. رغم ذلك، تبقى المشاورات والتحالفات مفتوحة وتغير وفقاً لمتغيرات السياسية والضغوط الانتخابية، ومع وجود مساحة لمناورة من قبل القوى الكبرى التي قد تجد في يمامة رئيسًا لحزب خياراً مقبولاً لتثبيت بنية الحزب وتوحيد صفوفه قبل موعد الجمعية العمومية.
من المرجح أن تكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد الملامح النهائية لصورة رئاسة الحزب. فبينما يستمر باب الترشح مفتوحاً حتى 9 يناير، وتبقى الجلسات والقاءات واتصالات القيادات هي المصدر الأكبر لتحديد من ستكون لديه القدرة على حسم المعركة وربطها بإطار التحالفات الاحقة. وفي ظل هذه الديناميكية، يبقى يمامة رئيسًا لحزب في قلب المشهد، مع احتمال أن يظهر لاعبون جد على الساحة قبل انتهاء فترة الترشحات، وهو ما سيعيد تشكيل الأوزان وتوازن القوى داخل الوفد قبل موعد الجمعية العمومية في يناير.
يزداد المشهد وضوحاً مع كل يوم يمر، ومع تواصل النقاشات بين الجبهات الثلاثة وما قد يترتب عليها من خطوط دعم جديدة أو تفاهمات قد تقود إلى تحديد صورة المرشح الأوفر حظاً. وفي ظل الحصيلة الحالية، يُنظر إلى يمامة رئيسًا لحزب كخيار يحظى بقبول مبدئي من بعض القوى الكبرى، في حين أن بقية الأطراف لا تزال تعوّل على تحقيق اختراق تفاوضي قد يعيد توزيع الكعكة وفق معاير جديدة من شأنها أن تغير التوازنات وتُعيد تشكيل المشهد بما يجعل المنافسة أكثر حدة ودرامية قبل 30 يناير وبعده.
الخلاصة حتى الآن أن المشهد يتجه إلى مزيد من التحولات مع اقتراب موعد الجمعية العمومية، وأن ترشيح يمامة رئيسًا لحزب قد يشكل حلقة مركزية في إعادة ترتيب الصفوف وتوحيد الرؤى، خصوصاً في ظل وجود تفاوت واضح في الخطوط والتوجهات بين الجبهات الثلاثة وبين تيار الهيئة العليا. وتبقى العيون مفتوحة على احتمالات الانضمام والتوافق والتنازلات التي قد تغير المعادلة بشكل جذري في أي لحظة.
في النهاية، تؤكد المصادر أن المشاورات لا تزال جارية، وأن التحالفات قد تشهد تغيرات في أي لحظة، وأن اتخاذ القرار النهائي سيكون نتاج مزيج من المقارنات الحسابية والتقديرات السياسية لأنصار والرموز المؤثرة. وبالقدر نفسه، يبقى ترشيح يمامة رئيسًا لحزب خياراً مُحتملًا يفرض نفسه كعامل أساسي في تشكيل خريطة الجبهات وتحركها خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع وجود مؤشرات تفيد بأن صراع الجبهات قد يستمر حتى موعد الانتخابات ويُفضي إلى نتائج قد تحمل مفاجآت في لحظة الحسم.
المشاورات والتحالفات لا تزال قائمة، لكن المؤشرات الحالية تميل لصالح يمامة، الذي يستفيد من موقعه الحالي في إدارة الحزب وجوده كمحاور رئيسي في المشهد، ما يجعل من احتمالية عودته لرئاسة الحزب مسألة مفتوحة على احتمالات متعدة خلال الأسابيع القادمة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































