كتب: صهيب شمس
في لحظات الشدة وتكاثف المحن، يصبح الدعاء الملاذ الأقوى لمسلم، لا سيما دعاء الكرب بعد صلاة العشاء الذي يتعاظم فيه أثر التضرع إلى اله وتزداد فيه فرصة الإجابة مع انتهاء عبء الصلاة المفروضة. الشريعة تؤكد أن الدعاء ليس عبادة فحسب، بل سب لتفريج الهم وتغير الأقدار إذا وُظّفت معه الأسباب المتاحة. في السطور التالية نستعرض جانباً من الدعوات النبوية الواردة لتيسير الأمور وتفريج الكرب، مع عرض أسانيدها وألفاظها كما جاءت في كتب الحديث. يعُد من أعظم ما يقال عقب صلاة العشاء، عند تعقُّد الأمور وضيق الحال، فهو وسيلة يلتجئ بها العبد إلى ربه مع الاعتماد على الأسباب والنية الخالصة لطلب الفَرَج والتيسير. وفي السطور التالية أبرز الأدعية من الكتاب والسنة.
دعاء الكرب بعد صلاة العشاء وأدلة السنة
أولاً، روى عبداله بن عباس رضي اله عن رسول اله صلى اله عليه وسلم أنه قال: إذا نزل بكم كرب أو جهد أو بلاء فقولوا: الله ربنا، لا شريك له. وقال رسول اله صلّى اله عليه وسلم: «الَّهُمَّ إني أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ، والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجَالِ»، وعن عبداله بن عباس -رضي اله عنه- قال: «أنَّ نَبِيَّ الهِ صَلَّى الهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يدعو ويقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: لا إلهَ إلا الهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلهَ إلا الهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلهَ إلا الهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ». كما ورد في صحيح مُسلم، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي اله تعالى عنهما- أَنَّ رَسُولَ الهِ -صَلَّى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا الهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا الهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا الهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». كما جاء في سن أبي داود وسن ابن ماجه، من حديث أسماء بنت عميس، قالت: قال لي رسول اله صلّى اله عليه وسلّم: ” ألا أعلّمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: اله، اله ربّي لا أشرك به شيئًا “.
دعاء فك الكرب الشديد
ومن أدعية فك الكرب الشديد ما رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي اله تعالى عنه قال: قال رسول اله صلى اله عليه وسلم: «ما أصاب أحدٌ قطّ همّ ولا حزن، فقال: الهم إنّي عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي، إلا أذهب اله همّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا، قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلّمها ».
دعاء الفرج
رُوي عن سعدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ الَّهُ لَهُ».
أوقات الاستجابة وأثرها في الدعاء بعد صلاة الفجر
يحرص كل مسلم على أوقات استجابة الدعاء، ومن أفضل الأوقات ذات البركة هو ما بعد صلاة الفجر فهو وقت مشهود ومستجاب ليُقال أثناءه دعاء الكرب وما يقال عند الأمور الصعبة فلا ينبغي أن يغفله الإنسان. وعن أفضل دعاء لفك الكرب ورد في صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي اله عنهما أن رسول اله صلى اله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إله إلا الهُ ربُّ السمَواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمِ».
المقارنة بين الدعاء بعد العشاء والفجر وتكثيف القراءة والتدبُر
توافق هذه الأحاديث والأدعية مع أحد مبادئ الشريعة القائلة بأن الدعاء وقضاء الحاجات يرتبط بصدق الدعاء وتوكّل العبد على اله، إلى جانب الاستعداد بالأسباب والعمل بما يليق بمقام الدعاء. وتؤكّد النصوص أن أقوى أوقات الإجابة والمداومة على ذكر اله وتلاوة الأذكار هي ما بعد الصلوات المفروضة، وخصوصاً بعد صلاة العشاء عند اشتداد الكرب، وفي أوقات صلاة الفجر حيث تكون البركة عظيمة والقبول أقوى. كما تبرز الألفاظ الواردة في هذه الأدعية المتنوعة كأداة لطمأنة وتيسير الأمور، وهذه الأدعية تصل جميعها بفكرة الواجب عليها المسلم أن يلتجئ إلى اله بها ويعتمد على توفيق اله وتيسيره.
خلاصة الدعاء الموجه لكرب بعد العشاء
إن الأدعية التي وردت عن النبي صلى اله عليه وسلم في موضوع الكرب وضيق الرزق تشكّل تشكيلة من الأقوال المحفَّزة لطمأنينة وتفتح آفاق الفرج. وهي تحمل رسائل واضحة بأن التضرع والتوجه إلى اله وقراءة هذه الكلمات عند المصائب ليست مجرد ترديدٍ، بل هي أسلوب حياة يفتح باب الأمل ويرفع الحجب عن القلوب. من خلال هذه الأدعية يمكن لمؤمن أن يواجه الكرب بثقة بأن اله يسمع الدعاء ويستجيب حين يوافق اله الحكم والقدر.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































