كتب: أحمد خالد
أكد عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصري لدراسات الاقتصادية، أن المنتدى تحول في دورته الثانية إلى منصة فكرية تجمع نخبة من المفكرين وصنّاع القرار وقادة الأعمال من 27 دولة مختلفة لتباحث حول التحولات الكبرى التي يشهدها العالم. جاء ذلك خلال فعاليات منتدى القاهرة في دورته الثانية “CAIRO FORUM2” التي ينظمها المركز المصري لدراسات الاقتصادية، بحضور نخبة واسعة من المسؤولين والخبراء المحلين والدولين. وأشار مهنا إلى أن عنوان الدورة هذا العام هو «المزيد من الاضطرابات العالمية في عام 2025. ماذا يحدث وماذا بعد؟»، وهو عنوان يعكس حجم التحولات التي يعيشها النظام العالمي ويدعو إلى تفكير عميق في مسار المستقبل. وفي سياق المشهد الراهن يرى مهنا أن العالم يمر بمرحلة استثنائية من عدم اليقين، حيث تعرض منظومة التعاون الدولي لاختبارات صعبة بفعل المنافسات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق وضغوط المناخ وتحولات الطاقة والرقمنة، إضافة إلى الصعود السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعيد تشكيل الاقتصادات والسياسات في الوقت الفعلي. من جانب المركز المصري لدراسات الاقتصادية، أشار إلى أن هذا المشهد المعقد يمثل فرصة لإعادة تصور الحوكمة العالمية وإعادة تعريف دور الاقتصادات الناشئة، خصوصاً في دول الجنوب العالمي التي أصبحت اليوم طرفاً فاعلاً في صياغة التوازنات الاقتصادية الجديدة. وفي هذه الرؤية، يؤكد مهنا أن مصر، بما تمتلكه من موقع جغرافي فريد، قادرة على لعب دور محوري في تقليل المسافات بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، وهو ما يعز فكرة أن المنتدى ستركّز جلساته على مستقبل النظام الاقتصادي العالمي وتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين وتراجع موارد تمويل التنمية، إلى جانب مناقشة الفرص والتحديات أمام التعاون الدولي من أجل نمو أكثر شمولاً واستدامة. كما أشار مهنا إلى أن المنتدى سيتناول أيضاً التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي وتأثيرهما الإيجابي والسلبي على الاقتصادات والمجتمعات، مؤكداً أهمية تبني نهج مسؤول في استخدام التكنولوجيا الحديثة بما يحق التنمية دون الإضرار بالقيم الإنسانية. وشد على أن منتدى القاهرة ليس مجرد تحليل لواقع الراهن، بل هو مسعى لتخيل وصياغة ما يجب أن يكون مستقبلاً، وأنه يهدف إلى رسم نقاط ارتكاز لسياسات قادرة على تقليل أثر الاضطرابات العالمية وتحويلها إلى فرص ملموسة لنمو الشامل.
أطر المنتدى وأهدافه: تقريب المسافات بين الشمال والجنوب
يستند CAIRO FORUM2 إلى تقاطعات عدة تجمع بين الفكر والإبداع والسياسات الاقتصادية، حيث تمثل الدورة الحالية امتداً لجهود سابقة في محاولة وضع صيغ توافقية لمواجهة تحديات عالمية متسارعة. يشارك في المنتدى نخبة من المفكرين والخبراء من 27 دولة، بما يعز منسوب التبادل المعرفي ويرسخ فكرة أن الحوار بين الدول المتقدمة والدول النامية أمر حيوي لإدارة التوترات الاقتصادية والجيوسياسية. ويركز الحدث على كيفية تعزيز التعاون الدولي من أجل نمو أكثر شمولاً واستدامة، وهو ما يتصل ارتباطاً وثيقاً بمفهوم تقليل المسافات بين الشمال والجنوب كمدخل لتحقيق توازن عالمي أقوى. الأسئلة المطروحة في جلسات المنتدى تدور حول كيفية صياغة آليات حوكمة عالمية أكثر فاعلية، وكيفية تعزيز قدرات الدول الناشئة في المشاركة بفعالية في صياغة السياسات الاقتصادية الدولية.
إلى جانب نقاش التحديات الراهنة، يسعى المنتدى إلى بلورة إطار عملي يمكن لدول الاعتماد عليه في تعزيز النمو وتخفيف الفوارق، وهو ما يتماشى مع فكرة أن تقليل المسافات بين الشمال والجنوب ليس مجرد طموح سياسي بل هدف اقتصادي واقعي ينعكس في فرص الاستثمار، وتبادل المعرفة، وتطوير آليات تمويل التنمية وفق مبادئ الاستدامة. وتؤكد التغطيات الإعلامية أن الدورة الثانية من المنتدى أشد تمسكاً بالإطار التحلي والاتجاهات الاستشرافية التي تفتح باً لنقاش حول كيفية بناء نظم تعاون دولية يمكنها مواجهة تقلبات الأسواق وارتفاع وتيرة الاعتماد على التقنية الرقمية والذكاء الاصطناعي دون الإخلال بالقيم الإنسانية.
التحديات العالمية وتأثيرها في السياسات الاقتصادية
يشير عمر مهنا إلى أن العالم يمر بمرحلة استثنائية من عدم اليقين، تعاظم فيها التحديات عبر مقومات أساسية مثل المنافسات الجيوسياسية وتقلب الأسواق وضغوط المناخ وتحولات الطاقة والرقمنة. في هذا السياق، يبرز صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي كعنصر فاعل في إعادة تشكيل الاقتصادات والسياسات في الوقت الفعلي، وهو عامل يستلزم قراءة دقيقة لسياسات العامة وكيفية توظيف التكنولوجيا لصالح التنمية. كما يلفت المنتدى إلى أن هذه التحولات تطلب نظماً جديدة لحوكمة العالمية تسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع اختلافات الدول النامية والمتقدمة، بما في ذلك دول الجنوب التي تبوأ مكانة أكثر أهمية في أطر التوازن الاقتصادي العالمي. تعتبر هذه النقاط مرتكزاً واضحاً في نقاشات المنتدى، وهي تبرز كيف يمكن لتنسيق الجماعي أن يحد من آثار الاضطرابات العالمية ويقل من الفجوات القائمة بين الاقتصادات المختلفة.
وفي إطار التحديات تعرف مصر موقعها على الخريطة العالمية كجسر استراتيجي بين مختلف القارات، وهي ميزة تعز من احتمالية تقليل المسافات بين الشمال والجنوب عبر تعاون اقتصادي أقوى ونماذج تمويل وتنمية أكثر استدامة. وتطرح جلسات المنتدى أسئلة حول كيفية المحافظة على النمو في ظل تراجع موارد تمويل التنمية، وكيفية استثمار الفرص في قطاع الرقمنة والتحول الرقمي لتعزيز الإنتاجية وجودة الخدمات في الدول النامية، وخاصة في منطقتي الشمال والجنوب. كما يُنظر إلى هذه التحديات كعناصر تشترك في تشكيل إطار جديد لعلاقات الدولية يعيد تعريف أدوار الدول وتوزيع الموارد بشكل أكثر توازناً، بما يحق فوائد ملموسة لمجتمعات في الشرق والغرب، والشمال والجنوب على حد سواء.
دور مصر في تقليل المسافات وتعزيز التعاون الدولي
يؤكد عمر مهنا أن مصر تمتلك موقعاً جغرافياً فريداً يجعل منها عاملاً محورياً في تقليل المسافات بين المراكز الاقتصادية العالمية، وهو دور يتعز عبر مخرجات منتدى القاهرة التي تسعى إلى ترجمة الحوار إلى سياسات رامية لتحقيق تواصل فاعل بين الشمال والجنوب وتفاعل بنّاء مع الشرق والغرب. هذه الرؤية تستند إلى فكرة أن المنطقة التي تقف فيها مصر تشكل حلقة وصل بين قارات متعدة، ما يجعل أي تقاطع اقتصادي أو سياسي يتسع لاحتواء فرص تنمية حقية مع احتياطات من الموارد والكوادر البشرية. وبناءً عليه، يتوقع أن يطرح المنتدى آليات من شأنها تعزيز التعاون الدولي في مجالات متعدة، بدءاً من التجارة وتسهيلها، مروراً بتبادل المعرفة والخبرات، وصولاً إلى شكل من أشكال التمويل التنموي الأكثر استدامة ومساءلة. في هذا السياق، يركز النقاش على الأس التي تيح لمصر أن تكون جسر اتصال يعز التوازن العالمي، ويقل من المسافات الاقتصادية والثقافية بين الدول المتقدمة والدول النامية، ويخلق مسارات جديدة لنمو الشامل.
كما يشير النقاش إلى أهمية الاستفادة من موقع مصر في دعم مسارات التعاون الدولي، بما يخدم مصالح الدول الأكثر احتياجاً ويعز من فرص الاستثمارات القادرة على إيجاد حلول واقعية لمشكلات البطالة وتوفير فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة. ويؤكد المشاركون أن تقليل المسافات بين الشمال والجنوب ليس مقصوداً كهدف منفصل بحد ذاته، بل هو نتيجة لتعاون استراتيجي يسهّل تدفقات المعرفة والتكنولوجيا والتمويل، ويعز من قدرة الدول على مواجهة تحديات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي بشكل يحفظ القيم الإنسانية ويتفق مع مبادئ التنمية المستدامة.
تحولات رقمية وذكاء اصطناعي وتأثيرها على التنمية
يلفت المنتدى إلى أهمية التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي وتأثيرهما المتفاوت على الاقتصادات والمجتمعات. فهذه التحولات تحمل فرصاً كبيرة لتعزيز الإنتاجية وتطوير الخدمات العامة وتحسين كفاءة الأعمال، لكنها في المقابل تطرح تحديات تعلق بالمهارات والعدالة الرقمية وأخلاقيات التقنية. يدعو المشاركون إلى مناخ من الاستخدام المسؤول لتكنولوجيا الحديثة ليكون أداة تنمية حقية لا على حساب القيم الإنسانية. وفي إطار تفكير عملي، تبحث الجلسات عن آليات تضمن أن التبني السريع لتقنيات الحديثة لا يؤدي إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، بل يسهم في توفير فرص لجميع وتطوير أداء القطاعات الاقتصادية الحيوية. كما يناقش المنتدى دور الرقمنة في تحسين الشفافية والكفاءة، وهو ما من شأنه أن يعز من ثقة المجتمع الدولي برامج التنمية ويساهم في جذب الاستثمارات الازمة لنمو المستدام.
آفاق المستقبل وتصورات الحوكمة العالمية
إلى جانب التحليل الراهن، يحرص منتدى القاهرة على الإسهام في تخيل وصياغة ما يجب أن يكون مستقبلاً. فالمشاركون يؤكدون أن الحوار ليس هدفاً بذاته، بل أداة لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي وفقاً لمعادلة أكثر عدالة وفاعلية في توزيع الفرص والموارد. وفي هذه الرؤية، يعمل المنتدى على ربط النقاشات النظرية بخط عمل قابلة لتنفيذ، بما يسهّل على الدول تبني سياسات واقعية تعز النمو الشامل وتقل أثر الاضطرابات العالمية على المواطنيـن. من هذا المنطلق، تُطرح أفكار عملية حول كيفية بناء آليات تعاون دولية تدعم تمويل التنمية وتخفيف آثار تقلبات الأسواق، مع التأكيد على أن تقليل المسافات بين الشمال والجنوب يبرز كهدف عملي يتجسد في تحسن الظروف المعيشية وتوفير فرص اقتصادية أوسع لشعوب البلدان المتنوعة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































