كتب: صهيب شمس
بينما يقف الجمهور والفنون العربية أمام ذكرى ميلاد الفنان الراحل سامي العدل، يواصل صانعو الفنون تذكّره وتأمل مسيرته الخالدة في ذاكرة المشهد الفني، مستلهمين من إرثه قيم الإبداع والمسؤولية الفنية. في هذا السياق، حرص المنتج مدحت العدل على إحياء ذكرى ميلاد الفنان الراحل، معبّراً عن افتقاده العميق له، ومؤكداً أن وجوده باقٍ رغم الغياب، وأن أثره راسخ في قلوب الجمهور قبل أن يترسخ في الذاكرة. فقد نشر العدل على حسابه بموقع إنستجرام كلمات تعكس عمق المحبة والاحترام، قائلاً: “في ذكرى ميلادك يا سامي، نفتقدك بالمحبة لا بالحزن، فوجودك باقٍ رغم الغياب، وأثرك راسخ في القلوب قبل الذاكرة.” وتابع: “نفتقد حضورك الإنساني النادر، وروحك التي تركت دفئها في كل من عرفك.” وختم قائلاً: “بعض الغياب لا يُطفئه الزمن، لأن من يرحل بمحبةٍ صادقة. يظل حيًّا بها إلى الأبد.” هذه الكلمات جاءت في لحظة تويج لاحتفاء بذكرى ميلاد واحد من أبرز وجوه الوسط الفني في مصر، وهو الفنان الذي ترك بصمته عميقة في السينما والدراما على امتداد سنوات طويلة.
تحل، اليوم الأحد، ذكرى ميلاد الفنان سامي العدل، عميد عائلة العدل وأحد أعمدة الفن المصري، الذي شكل وجوده علامة فارقة في مسيرتيه الإبداعية والمهنية. من أبرز ما يُروى عن مساره أنه لم يكن مجرد مثل أو مبدع فحسب، بل كان صانعاً لنجوم وقادماً لساحة الفنية بقدراته الفذة في التكوين والإسناد. استطاع سامي العدل بقدرته على فهم الفن والنجاح أن يحجز مكانه، ثم يرصّب أقدامه في قلوب جمهوره، بحيث بات اسمه رمزاً لجودة والتزام. كما كان دوره في تقديم وجوه جديدة وتوسيع آفاق الوعي الفني جزءاً من إرثه الدائم. وفي هذا السياق، يرد اسم سامي العدل كأحد الأبواب التي فتحت أبواب الإبداع أمام فنانين ظلّوا يؤكدون حضورهم على مستوى السينما والدراما، وهو ما يعكسه التاريخ الفني الذي تركه وراءه.
إنه ليس مبالغة القول إن سامي العدل كان أحد صانعي النجوم الذين شكلوا المشهد الفني في مصر على امتداد عقود. فقد كان المبادر الأول في تقديم الفنان مصطفى قمر إلى السينما، وهو ما أضحى علامة مسار مهني بارز في تاريخ الأول. كما ساهم في دعم ظهور الفنانين مصطفى شعبان من خلال فيلم “خلي السلاح صاحي”، وأشرك في مشروعاته عداً من الفنانين المعروفين مثل أحمد عيد والفنان فتحي عبدالوهاب. هذه الإسهامات لا تُختزل في أدوار بطولية فحسب، بل في بناء جسور تربط الأجيال وتُعنى بتعزيز روح الت شاركية وتقدير مكانة الفنانين في منظومة الإنتاج الفني.
في سياق الحديث عن إرثه، ما يزال اسم سامي العدل يردّده الجمهور والفنانون كأب روحي لعديد من الأجيال، وهو القب الذي أطلق عليه حينذاك كونه يجمع بين الرؤية الفنية والنقاء الإنساني. كان يُعرف بـ “إمبراطور الوسط الفني” ليس بسب مقامه فقط، بل بسب قدرته على توحيد الصفوف وإرساء قيم المصالحة حين يعتري المجتمع الفني خلافات ونزاعات. هذه الروح القيادية اتّسعت لتشمل جلسات صلح شهرية كان يعقدها مع أهل الفن والمتخاصمين، في بادرة تعكس حرصه على مستقبل الفن المصري وهو يحثّ على الحوار والتفاهم وتفضيل العمل الجماعي على الخلافات. كما أن رسالته الأخيرة لمنتجي السينما وكتّابها ترك بصمة على الاتساع في الرؤية، حيث دعا إلى إنتاج أعمال هادفة لها مضمون واضح وتخاطب جمهوراً واعياً وذكياً، لا يقبل على سلعة فنية تفتقد المعنى أو العمق.
تبدو هذه الملامح كجزء منظومة القيم المهنية التي رسخها سامي العدل في الوسط الفني، وهي قيم تواصلت مع جمهوره من خلال مختلف الأعمال التي شارك في إنتاجها وتقديمها. وقد ظلّ تأثيره متداً في قدرة الموهبة الشابة على بلوغ النجومية، وفي تشجيع الفنانين على تطوير أدواتهم والارتقاء بمستوى الإنتاج الفني، بما يخدم المتلقي ويعز مكانة الفن كرسالة وليس مجرد سلعة ترفيهية. من هذا المنطلق، صارت ذكرى ميلاده مناسبة لاستعراض مسيرته وبصماته العملية والإبداعية، لا لتأريخ فقط، بل لإدراك قيمه التي تواصل إشعاعها عبر الأجيال.
وهنا تجسد نقطة محورية تقطع فيها صلة الماضي بالحاضر: وجوده المستمر في الذاكرة الجماعية. فوجوده باقٍ رغم الغياب ليس مجرد تعبير عاطفي، بل واقع يعكس أن الإرث الفني إذا ما تزاوج مع المسؤولية المهنية والإصرار على تقديم عمل ذا قيمة، يظل حياً في قلب الجمهور. وفي هذا السياق تُسجّل الإشادات والتقدير من زملائه في المهنة، وتُوثّق أعماله كمرجع لا يخبو نورّه، بل يتجدّد مع كل جيل جديد يحذو من أسهموا في تشكيل الحقيقة الفنية. ومع كل ذكرى ميلاد يذكر المحبون والزملاء بالمساحة التي شغلتها هذه الشخصية، وبالقدرة على توجيه الأجيال وتحديد معاير العمل الفني المسؤول.
من جهة أخرى، يظل سامي العدل نموذجاً في بناء جسور الثقة بين الفنان والجمهور، عبر التقاء الموهبة مع الرسالة. في تاريخ صناعة النجوم الذي أسه، كان حضوراً بارزاً في دعم مسيرة عد من النجوم الذين دخلوا إلى قلوب المشاهدين عبر أدوارهم وتنوع مواهبهم. هذا التأثير يتجلّى ليس في أدواره فحسب، بل في التربية المهنية التي نقلها إلى أحفاد الفن والإنتاج، عبر فلسفة قامت على الإبداع المتوازن والمسؤولية الاجتماعية لفنان.
وبين هذا وذاك، يمكن القول إن ذكرى ميلاد سامي العدل تحتفي بإنجازات مهنية وثقافية قدّمت نموذجاً لفنان الذي يرى في المهنة رسالة، لا مجرد وظيفة. فوجوده في الوسط الفني كان حاضراً في كل خطوة من خطوات التطوير ومعه خطوط واضحة تضمن استمرارية الإبداع وبناء جيل يلتزم بقيم الفن النزيه والمضمون الهادف. وهذا ما يترجم في الذكرى السنوية لميلاده عندما نستعيد أقواله وتوجيهاته التي حملها رفاقه وتلامذته عبر السنين.
ختاماً، يبقى إرث سامي العدل مُعاشاً في الذاكرة الجماعية وفي وجدان كل من عملوا معه أو تفاعلوا مع أعماله. وجوده باقٍ رغم الغياب ليس مجرد تعبير لفظي، بل حقيقة تعمّدت بها مسيرته الفنية والإنسانية، وأثبت أن من يترك بصمة في المجتمع الفني لا يغادر كلماته ونجاحاته المكان، بل يستمر تأثيره في الجمهور والجيل الجديد. ونستمر في تذكّره من خلال حديث الناس عنه وتذكّرهم لإرثه الكبير، وهو إرث يجمع بين الإبداع والإنسانية، ويؤكد أن الفن حين يتجاوز حدود الشهرة يصبح رسالة باقية في قلب الثقافة المصرية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































