كتب: صهيب شمس
على الرغم من أسبوعاً واحداً شهد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة وأعلنت فيه عشرات الشركات الأميركية عن أرباحها، فإن الموضوع الرئيسي الذي استولى على الاهتمام كان الذكاء الاصطناعي. فنتائج شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة أظهرت أن أكبر الكيانات في العالم لا تزال تكرّس مليارات الدولارات لبناء بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، وهو ما أسعد المستثمرين وعز مبرات الرهان على هذه التقنية. وتظهر الإحصاءات أن مؤشري ستاندرد أند بورز 50 وناصداك 10 ظلّا يتقربان مستويات قياسية جديدة خلال الأسبوع، ما يعكس ثقة جزئية في مسار الأسواق التكنولوجية. ومع ذلك، كان المتداولون سريعين أيضاً في معاقبة الشركات التي لم تُظهر إنفاقاً يوازي التوقعات وتحسن عوائدها على المدى القريب، وهو ما يعكس تحوّلاً في موجة التفاؤل التي كانت شبه مطلقة بخصوص الإنفاق على الذكاء الاصطناعي. كما أن المخاوف من تكاليف الاستثمار ارتفعت عندما ارتبطت مع Metа Platforms، مالكة فيسبوك، لتسجل أسهمها أدنى انخفاض يومي منذ ثلاث سنوات. وفي المقابل، شهدت أسهم كبرى مثل مايكروسوفت تراجعاً بنحو 4% خلال يومين، بعد أن بدا أن النمو في إيرادات قسم الحوسبة السحابية لم يفاجئ المستثمرين كما كانوا يأملون. هذه التطورات تبرز مدى التعقيد الذي يحكم منشآت الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيه، حيث ترتبط العوائد المتوقعة بقدرة الشركات على تحويل الإنفاق الرأسمالي إلى عوائد تشغيلية واقعية خلال فترات زمنية معقولة.
الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي وتداعياته على نتائج عملاقة التكنولوجيا
تؤكد الإشارات الواردة من نتائج أرباح الشركات الأميركية الكبرى أن الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي لم يتقلص، بل ظل محورياً في استراتيجياتها. فهذه الشركات، وفقاً لما ورد، لا تزال تصب أموالاً كبيرة في بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، وهو ما يعني أن أطر الابتكار والتطوير في المجال لن تراجع في المدى المنظور. ونتيجة لذلك، بدا واضحاً أن المستثمرين يتعاملون مع هذا الإنفاق كخطوة طويلة الأمد تحمل في طياتها احتمالات نمو كبيرة، رغم أن بعض العوائد قد تأخر وتظهر في الأفق القريب بشكل أقل حدة ما كان يأمله البعض. وهذا يفرض على المستثمرين تقيمات أكثر صرامة وميولاً إلى الانضباط في اختيار الأصول والشركات التي تمتلك خطاً واضحة لتحقيق مردود مالي قابل لقياس. أما في السياق ذاته، فقد استمرت رهانات الأسواق في التماسك مع مسار ترتيبات الاستثمار في الذكاء الاصطناعي كعنصر يواصل دفع قيم الأسهم إلى مستويات قد تكون أعلى من المتوقع عند قراءة مجرد أرقام الأرباح. وبينما تحرك المؤشرات في مسارات قريبة من المستويات القياسية، تبقى مسألة تحويل الإنفاق إلى عوائد ملموسة محوراً لنقاش بين المحلين والمتعاملين في الأسواق.
أسواق الأسهم وتوازن المخاطر بين العوائد الفورية والتطلع إلى المستقبل
يظهر في هذه الفترة توازن بين التفاؤل الناتج عن تعظيم الإنفاق في الذكاء الاصطناعي والتدقيق الذي يفرضه الانضباط المالي. فالمستثمرون يحافظون على موجة إيجابية عامة، لكنهم في الوقت نفسه يخصون جزءاً من أموالهم لقياس مدى قدرة الشركات على تحقيق عوائد في الأجل القريب. وفي هذا السياق، أشار كوّين غوردون، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي والاستراتيجية في تشارلز شواب آند كو، إلى أن “بدأنا نرى، في بعض الحالات، اختباراً لانضباط يفرضه المستثمرون على الشركات. في مرحلة ما، سيكون علينا أن نرى دليلاً على ما يمكن أن يحقه هذا الاستثمار من عوائد.” ويشير هذا التصريح إلى أن الأسواق تقف اليوم أمام اختبار حقي لقدرة على ترجمة الإنفاق الرأسمالي في تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مردود مالي قابل لقياس، وهو ما يعز أو يخفّض حماس المستثمرين وفقاً لنتائج الفعلية المعروضة في الأرباح الفصلية التالية.
أمازون وألفابت: مسار النمو في خدمات السحابة والذكاء الاصطناعي يواجه اختبارات الطلب والاستدامة
أمازون، وفقاً لوقائع الأسبوع، سجلت زخماً في خدماتها السحابية المعيّنة AWS، حيث ساعد تسارع النمو في هذه الخدمات على دعم حركة سعرية لسهم الشركة، فارتفع بنحو 10% يوم الجمعة. وهذا الارتفاع جاء على الرغم من أن القفزة الكبيرة في النفقات الرأسمالية تبقى أحد أبرز المصادر التي تثير تساؤلات المستثمرين حول تكلفة الدمج بين الإنفاق والتوسع في الشبكات والتقنيات الحديثة. وفي المقابل، أظهرت Alphabet، الشركة الأم لجوجل، نشاطاً ملحوظاً في الطلب القوي على خدمات السحابة والذكاء الاصطناعي، حيث صعد السهم بنسبة 2.5% الخميس مع وجود إقبال متزايد على هذه الخدمات وقائع الطلب المرتبط بها. هذه المعطيات توحي بأن الشركات الكبرى قد تكون في وضع مريح نسبياً لتقديم نتائج أقوى في الفترات القادمة إذا استمر الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية، ما يعز من ثقة المستثمرين في مسار الإنفاق الرأسمالي نحو هذا القطاع الحيوي.
تأثير إنفاق الذكاء الاصطناعي على الأداء الفردي لشركات الكبرى والانعكاسات على السوق
بينما يستمر الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في خط الشركات الكبرى، تبرز حالة Meta Platforms التي شهدت انخفاضاً حاداً في سعر سهمها وهو الأكبر منذ ثلاث سنوات، حيث كان لذلك انعكاسات سلبية على المعنويات. كما أن تراجع سهم مايكروسوفت بنحو 4% خلال يومين يعكس توتر المستثمرين من عدم قدرة نمو الإيرادات في قسم الحوسبة السحابية على أن يرفع من قيمة الأسهم بقدر ما توقعوا. هذه الديناميكيات تظهر أن الأسواق لم تعد تقبل كل الأداء على أنها حتمية من دون وجود خطوات واضحة لتحقيق عوائد ملموسة في المدى المنظور. وبالتالي، فإن مراكز الاستثمار تجه لإعادة تقيم المخاطر وربطها بقياسات دقيقة لجدوى الاقتصادية لمبالغ المخصة لذكاء الاصطناعي ضمن الأطر الزمنية المتوقعة.
خلاصة التوجهات وتوقعات الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي
يظل المشهد معقداً، حيث يجمع بين إرادة الشركات في تعزيز الاستدامة من خلال استثمار طويل الأجل في بنى الذكاء الاصطناعي، ورغبة الأسواق في رؤية عوائد تعز من ثقة المستثمرين. وفي حين تُعد نتائج بعض الشركات داعمة لموقف الإيجابي، تبقى المخاطر مرتبطة بمدى سرعة تحويل هذا الإنفاق إلى أرباح تشغيلية، وبإطار زمني واضح يفضي إلى نمو مستدام في قيم الأسهم. وفي نهاية المطاف، يظل عنوان الوضع هو أن الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي يفتح باً لمزيد من التطور والابتكار، لكنه في الوقت نفسه يفرض على الشركات والشركاء المالين حول العالم كيفاً من الانضباط والشفافية في عرض النتائج وتوقيت العوائد. وهكذا، يبقى المسار مفتوحاً أمام شركات التكنولوجيا الكبرى لإظهار قدراتها على ترجمة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى قيمة ملموسة لمساهمين، ما لم يظهر ذلك في تقارير الأرباح المقبلة وعلى مدى فترات زمنية أقصر ما يتوقعه البعض.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































