كتب: أحمد عبد السلام
في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية سنغافورة، عقد الوزير المفوض التجاري الدكتور عبد العزيز الشريف، رئيس التمثيل التجاري المصري، اجتماعاً مع Dominic Goh سفير دولة سنغافورة لدى مصر. جاء القاء في إطار الإعداد لزيارة سيقوم بها السفير السنغافوري بمشاركة عد من الجهات المصرية ومثلي القطاع الخاص لسنغافورة قبل نهاية العام الجاري. وتأتي هذه الخطوة ضمن الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتطويرهما بما يخدم الطرفين.
وتأتي هذه الاجتماعات في إطار متابعة مخرجات زيارة Tharman Shanmugaratnam رئيس جمهورية سنغافورة إلى مصر يوم 21 سبتمبر 2025. خلال تلك الزيارة التقى الرئيس عبد الفتاح السي، وشهدت مشاركة رئيس سنغافورة في منتدى الأعمال المصري السنغافوري، إضافة إلى قيامه بعدة زيارات ميدانية لتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر. وتؤكد تلك التطورات رغبة البلدين في بناء مسارات فعلية لتعاون الاقتصادي والتجاري تجاوز حدود التبادلات التقليدية، وتفتح آفاق واسعة أمام الشركات والمستثمرين من كلا البلدين.
أظهر رئيس التمثيل التجاري المصري خلال القاء أبعاد التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2024، حيث بلغ حجم التبادل نحو 360 مليون دولار. من هذا الإجمالي، بلغت صادرات مصر نحو 93 مليون دولار، بينما سجلت الواردات من سنغافورة 276 مليون دولار. كما لفت إلى أن الاستثمارات السنغافورية في مصر تبلغ حالياً نحو 132 مليون دولار من خلال 140 شركة مستثمرة تعمل في قطاعات مختلفة بالسوق المصرية. وتؤشر هذه الأرقام على وجود قاعدة صلبة من العلاقات الاقتصادية الجارية وتفتح الباب أمام مزيد من التواصل بين القطاعين العام والخاص في البلدين.
ويؤكد الشريف أن الجهود المبذولة حالياً تركّز على جذب الاستثمارات السنغافورية إلى القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لمصر، حيث تراكمت لدى الشركات السنغافورية ميزة تنافسية في مجالات محدة. تشمل هذه القطاعات مجالات حيوية تهم المجتمع المصري واقتصاده المستقبلي، مثل تحلية ومعالجة المياه، والصناعات الدوائية، والطاقة الجديدة والمتجدة، وكذلك المنسوجات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إضافة إلى إدارة الموانئ والوجستيات، وكذلك الموصلات وأشباه الموصلات. وتأتي هذه التوجيهات في إطار السعي لتوفير بيئة جاذبة لاستثمار وتحقيق قيمة مضافة لاقتصاد المصري، مع مراعاة طبيعة الأسواق والفرص المتاحة في مصر.
أهداف الزيارة المرتقبة والتنسيق مع الجانب السنغافوري
تركز أهداف القاءات المقبلة على تعزيز جملة من المسارات التعاونية. يهدف الجانب المصري من خلال هذه المشاورات إلى تهيئة الأرضية المناسبة لاستقبال زيارة العمل التي سيقوم بها Dominic Goh، والتي ستشمل مشاركة عد من الجهات المصرية ومثلي القطاع الخاص من سنغافورة. هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية طويلة الأمد لتعميق الحوار الاقتصادي وتحديد آليات محدة لتحويل الفرص إلى مشاريع وآليات تعاون فعلية. كما أن وجود قيادات في القطاعين الحكومي والخاص في مثل هذه الاجتماعات يعز فرص توقيع اتفاقيات وتعاون مشترك في مجالات ذات أولوية مشتركة.
الأرقام الأساسية وتوجهات التجارة بين البلدين
يوضح الرقم الأبرز في تلك المعطيات حقيقة أن عام 2024 شهد تبادلاً تجارياً يقدر بنحو 360 مليون دولار، وهو ما يضع الأس لمزج بين التجارة التقليدية وفرص النمو في المستقبل. من ناحية الصادرات المصرية، بلغ المبلغ 93 مليون دولار، وهو مبلغ يعكس جانباً من القدرات الإنتاجية المصرية وجود منتجات قادرة على المنافسة في الأسواق السنغافورية. أما الواردات من سنغافورة فبلغت 276 مليون دولار، ما يعكس حجم الطلب السنغافوري على منتجات من السوق المصري. وفيما يتعلق بالاستثمارات، سجلت الاستثمارات السنغافورية في مصر نحو 132 مليون دولار عبر 140 شركة مستثمرة، وهو رقم يعكس وجود قاعدة استثمارية مستمرة ومتنامية في السوق المصرية وتنوعاً في القطاعات المستهدفة.
القطاعات ذات الأولوية والميزة التنافسية السنغافورية
تمثل المحاور الاستراتيجية في القطاعات التي نظر إليها الطرفان كغاية لاستثمار والتعاون المستقبلي. يرى المسؤولون المصريون أن لدى الشركات السنغافورية ميزة تنافسية في مجالات محدة تهم الاقتصاد الوطني وتفتح مجالات جديدة أمام الاستثمار والتعاون الفني. من بين هذه القطاعات، تحلية ومعالجة المياه، وهو محور حيوي يواكب احتياجات مصر في التنمية المائية وتلبية الطلب المتنامي على المياه المعالجة. كما تُعد الصناعات الدوائية من القطاعات ذات الأولوية نظرًا لدور الحيوي الذي تلعبه في تعزيز الأمن الصحي وتطوير قطاع الصناعات الدوائية المحلي. كما يبرز في القائمة قطاع الطاقة الجديدة والمتجدة، كمنظور مستدام لتوفير مصادر طاقة نظيفة وتطوير البنية الأساسية في مصر، إضافة إلى قطاع المنسوجات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك أحدث الحلول الرقمية وتطبيقات الخدمات الرقمية التي تساهم في تعزيز الأداء المؤسي والاقتصادي.
علاوة على ذلك، تُبرز أهمية قطاع إدارة الموانئ والوجستيات كعنصر حيوي لدفع حركة التجارة وتسهيل النقل والتخزين ونقل البضائع بكفاءة. كما تُشير الاهتمات إلى وجود فرص في مجالات الموصلات وأشباه الموصلات التي تشكل قطاعات تقنية ذات قيمة عالية وتؤثر في سلاسل الإمداد العالمية. هذه المحاور جميعها تمثل حجر الزاوية في استراتيجية تعزيز العلاقات الاقتصادية المصرية السنغافورية وتطويرها بما يرفع من وتيرة الاستثمار والتبادل التجاري ويعز القدرة التنافسية لكلا البلدين في الأسواق العالمية.
الإطار المؤسي والتواصل المستمر بين البلدين
يُعزِّز التنسيق المستمر بين السلطات المعنية في مصر وسنغافورة من فرص الإنجاز المشترك. فالمسار المحد يتضمن متابعة مخرجات زيارة الرئاسة السنغافورية إلى القاهرة، والتي شهدت لقاءً بين رئيس الجمهورية وقيادات سنغافورية رفيعة، إضافة إلى المشاركة في المنتدى الاقتصادي المصري السنغافوري والزيارات الميدانية التي قام بها كبار المسؤولين لفحص الفرص الاستثمارية وتقيمها على أرض الواقع. هذا الإطار يعكس رغبة البلدين في بناء شراكات اقتصادية طويلة الأمد وتطوير بيئة الأعمال بما يتيح لمستثمرين المصرين والسنغافورين الاستفادة من الفرص القائمة وتلك التي ستنشأ في المستقبل.
آليات التنفيذ المستقبلي وآفاق التعاون
وتسعى الجهود العملية إلى ترجمة هذه التوجهات إلى آليات تنفيذ واقعية. فهناك مساعٍ لجذب الاستثمارات السنغافورية إلى القطاعات ذات الأولوية التي حدتها مصر، مع وضع حوافز وتسهيلات تشجع الشركات السنغافورية على التوسع في الأسواق المصرية وتوسيع حضورها في القطاعات المستهدفة. كما تركز الآليات على تيسير الحوار بين القطاعين العام والخاص، وتوفير البيانات والدراسات التي تعين الشركات في اتخاذ قرات استثمارية مستنيرة، إضافة إلى تعزيز بيئة الأعمال من خلال إجراءات تنظيمية ومزايا تنافسية تشجع الاستثمار المشترك وتبادل الخبرات والتقنيات.
وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن العلاقات الاقتصادية المصرية السنغافورية تدخل مرحلة جديدة من التعاون الذي يحظى بدعم رسمي وشعبي، مع وجود فرص واقعية لتحول من تبادل تجاري تقليدي إلى شراكات استراتيجية طويلة الأمد. فالتبادل التجاري المصري السنغافوري، كما يرد في البيانات المتاحة، يشكل ركيزة يمكن البناء عليها لتطوير منظومة اقتصادية أكثر تناغماً وتنوعاً، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في مصر وتوفير فرص استثمارية مربحة في سنغافورة والعكس.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































