كتب: إسلام السقا
التقت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي بسيمـا بحوث وكيلة الأمين العام لأم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأم المتحدة لمرأة، على هامش فعاليات مؤتمر القمة العالمي الثاني لتنمية الاجتماعية المقام بالعاصمة القطرية الدوحة من 4 إلى 6 نوفمبر الجاري. جرى القاء في إطار سعي البلدين لتعزيز أطر التعاون مع الأم المتحدة لتبادل الخبرات وتنسيق الجهود والمبادرات التي تخدم فئات المجتمع الأكثر احتياجاً وتدفع بعجلة التنمية الاجتماعية إلى مسارات أكثر استدامة. كما أكد القاء أهمية بحث سبل تعزيز التعاون مع الأم المتحدة لمرأة في مجالات متعدة تطلب تضافر الجهود المشتركة من أجل تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وتحسين شروط الحياة لمجتمعات المحلية، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها الحروب والنزاعات وتداعياتها.
تعزيز التعاون مع الأم المتحدة لمرأة في مجالات اهتمام مشتركة
وخلال القاء أكدت وزيرة التضامن أن التعاون مع الأم المتحدة لمرأة يمثل ركيزة محورية في استراتيجيات التمكين الاقتصادي والاجتماعي لمرأة، بما يعزّز من قدرات الأسر ويمدها بأدوات الانخراط في سوق العمل وبناء مستقبل أكثر استدامة. واستعرضت الدكتورة مرسي جملة محاور تهم الجانبين، حيث جرى التطرق إلى تعزيز التعاون في الاقتصاد الرعائي والاقتصاد الأخضر، وهما مساران يتكاملان مع مفهوم التنمية الشاملة ويتيحان فرصاً جديدة لمرأة في مجالات إنتاجية وخدمية مستدامة. كما شدت على أن وجود مثل هذا التعاون يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في تحسين مؤشرات الحماية الاجتماعية وفتح مسارات مبتكرة لتمكين النساء والفتيات من امتلاك مبادراتهن الخاصة وتطوير حِرفهن ومشروعاتهن الصغيرة والمتوسطة. وفي هذه الرؤية يؤكد الطرفان أهمية الاستمرارية في الحوار وتطوير آليات تطبيق عملية ترجم الأهداف إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
آليات التعاون في الاقتصاد الرعائي والاقتصاد الأخضر والتمكين الاقتصادي لمرأة
تناول النقاش تفصيل آليات التعاون في عدة مجالات محدة، منها الاقتصاد الرعائي كمسار يرتبط ارتباطاً وثيقاً باستدامة الأسر الريفية وتوفير مصادر دخل مستقرة، والاقتصاد الأخضر كركيزة لتحقيق التنمية مع الحد من أثر التغير المناخي على الفئات الأكثر ضعفاً، إضافة إلى خطوات ملموسة لتعزيز التمكين الاقتصادي لمرأة من خلال التدريب المهني، والدعم المالي الميسر، والوصول إلى أسواق جديدة. وفي إطار ذلك أكدت الوزيرة أن مصر تولي اهتماً خاصاً لربط برامج الدعم بالتمكين الفعلي لمرأة، وتسهيل مشاركة النساء في قرات الأسرة والمجتمع، بما يحق توازناً بين الطموحات الاقتصادية والمنظومات الاجتماعية. كما أشار الطرفان إلى ضرورة وضع آليات قياس وتقيم تضمن متابعة ومراجعة تأثير هذه البرامج وتعديلها وفق المستجدات والمتغيرات المحلية.
جلسة حماية الأسر في الحروب والنزاعات والتدخلات البرامجية
وعلى صعيد آخر، شاركت وزيرة التضامن في جلسة نقاشية بعنوان حماية الأسر في الحروب والنزاعات. السياسات والتدخلات البرامجية، حيث تركزت المناقشات على الآليات والسياسات التي من شأنها تقليل أثر النزاعات على الأسر وتوفير مظلة دعم وآليات تدخل فاعلة في أوقات الأزمات. وقد أكدت مرسي أن حماية الأسرة ليست مسألة إغاثة عابرة فحسب، بل هي إطار يتطلب بناء سياسات مستدامة وتدخلات برامجية تُعيد بناء نسيج المجتمع وتدعم الأسر في مراحل التعافي الطويلة. كما أشارت إلى أهمية التنسيق بين المؤسات الدولية والجهات الوطنية لضمان وصول الدعم إلى محتاجيه بشكل سريع وفعّال، مع الحفاظ على كرامة الأسر وحقوق الأطفال والنساء في مختلف الظروف.
الانتقال من الإغاثة الإنسانية إلى التعافي طويل الأجل
في معرض حديثها عن التحول من الإغاثة الإنسانية قصيرة الأجل إلى برامج تعافي طويلة الأمد، أوضحت مرسي أن هذا الانتقال يتطلب تغيراً جذرياً في العقلية والنهج. فالإغاثة الإنسانية تعالج الاحتياجات الأساسية لمواطنين لبقاء على قيد الحياة مثل الغذاء والدواء والمأوى، بينما التعافي الطويل الأجل يبني منظومة جديدة لإعادة بناء آلية عمل المجتمع وكيفية كسب الأسر لمواردها وكيفية رعاية الأطفال وتحكّم المجتمعات في شؤونها بأنفسهم. من هذا المنطلق، دعت إلى تبني نموذج تعافي يراعي السياق المحلي والقدرات البشرية والاجتماعية، ويعز مناعته ضد أي أزمات مستقبلية. كما شدت على أن الوضع العالمي يستلزم تكيفاً سريعاً مع التغيرات وتحويل الخبرات المعيشية إلى برامج مستدامة تعز من صمود الأسرة وتدعمها في كل مراحل الأزمات وبعدها.
التجربة المصرية في استقبال الوافدين وتأثيرها على العمل التنموي
وأشارت مرسي إلى أن الحالة المصرية تحمل خصوصية كبيرة، فقد استقبلت بلادها أعداً كبيرة من الوافدين والضيوف والمهاجرين نتيجة النزاعات أو الحروب. وفي هذا السياق أوضحت أن الأزمة الإنسانية ليست مجرد تحدٍ آني، بل أنها معطى اجتماعي واقتصادي يتطلب تكيف السياسات وفتح مسارات جديدة لتعاون الدولي وتنسيق برامج الحماية الاجتماعية بحيث تُترجم إلى تعليمات وخط قابلة لتطبيق على الأرض. ولفت إلى أن مصر تسعى إلى ربط هذه التدفقات البشرية بإطار تنموي يحق الاستقرار ويُعلي من قيم الكرامة الإنسانية، مع التزام بتوفير الخدمات الأساسية والدعم الازم لأسر المتأثرة. وأضافت أن الحضور المصري في المحافل الدولية يهدف إلى نقل الخبرة وتبادل الدروس المستفادة، بما يعز من قدرة الدول المضيفة على إدارة التحديات المعقدة المرتبطة بالنزوح والهجرة القسرية.
أثر القمة العالمية لتنمية الاجتماعية وتوجيهاتها على العلاقات الثنائية
وفي ختام القاء، انعكس أثر مؤتمر القمة العالمي الثاني لتنمية الاجتماعية في الدوحة على العلاقات الثنائية بين مصر وهيئة الأم المتحدة لمرأة. فالموقف المتقدم تجاه تعزيز التعاون المعني بالمرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً يعز من قدرة الدول على بناء منظومات أكثر عدلاً وشمولاً. كما أشار الطرفان إلى أن هذه القمة تشكل منصة لفتح قنوات تواصل جديدة وتبادل خبرات وسياسات من شأنها توجيه الجهود المشتركة نحو أهداف التنمية المستدامة. وفي سياق تلك النقاشات، تم التأكيد على أهمية وضع آليات متابعة مشتركة وتقيم دوري لبرامج التي تُنفذ بالتعاون بين الحكومة والجهات الدولية، بما يضمن الاستدامة وتحديد تأثير التدخلات على مستوى الأسرة والمجتمع كل. كما أبدى الجانبان التزامهما باستمرار الاتصالات وتطوير مبادرات جديدة تسهم في تعزيز الحماية الاجتماعية والحد من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الفئات المختلفة، عبر شراكات فاعلة مع الأم المتحدة لمرأة وباقي المؤسات الدولية المعنية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المباحثات جرت في إطار التبادل المستمر لخبرات وتنسيق الجهود لتوفير بيئة داعمة لمجتمعات الأكثر حاجة، من خلال سياسات واضحة وآليات تنفيذ ملموسة. كما أوضحت المشاركة في جلسة حماية الأسر في الحروب والنزاعات أهمية تحويل السياسات إلى برامج واقعية تلمس احتياجات الأسر وتعيد بناء أنماط الحياة في مجتمعات متأثرة. وفي النهاية، تبقى مصر حريصة على تعزيز التعاون مع الأم المتحدة لمرأة في المستقبل، بما يحق تغيرات بنيوية تخدم الأسر وتدعم الازدهار المستدام لمجتمعات.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































