كتب: سيد محمد
أعلنت الحكومة السودانية الاثنين عن موقف رسمي واضح فيما يتعلق بملف الهدنة، مؤكدة أن لا تفاوض مع الدعم السريع بشأن الهدنة، وأن أي تفاوض ليس مباشراً ولا غير مباشر حول هذا الملف. وقالت إن الهدنة المزمعة لن تصبح واقعاً إلا بعد انسحاب الدعم السريع من المناطق المدنية بموجب اتفاق معين، وهو شرط يرمز إلى التزام باستعادة الأوضاع الطبيعية وتخفيف المعاناة عن المدنين. وفي السياق ذاته، أضافت الحكومة أن التطورات الأخيرة في دارفور، وتحديداً في مدينة الفاشر، شهدت احتلاً من جانب ميليشيات الدعم السريع، مع تسجيل انتهاكات وصفت بأنها مروعة، وهو ما يعز مسؤولية المجتمع الدولي والمحلي في متابعة تلك الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها. وتوازياً مع هذا التوثيق الرسمي، جرى تناول هذه المسألة ضمن مسار أوسع من الاتصالات والقاءات الإقليمية والدولية التي تستهدف ضبط الوضع وتجنب تفاقمه.
تصريحات الحكومة ونفي التفاوض مع الدعم السريع
أوضحت الحكومة السودانية في تصريحات مخصة لشبكة العربية أن لا تفاوض مباشراً ولا غير مباشر مع الدعم السريع حول الهدنة، وأن الشرط الأساسي لإطلاق أي هدنة هو انسحاب الميليشيات من الأعيان المدنية وفق ما جرى الاتفاق عليه سابقاً. كما أوضحت أن هذا الموقف يُعَد جزءاً من إطار يحفظ سيادة الدولة وحدتها ومؤساتها الوطنية، ويضمن حماية المدنين وتسهيل عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي. وتؤكد الحكومة أيضاً أن أي توافق يجب أن يكون محكوماً بما يضمن تنفيذ التزامات المتبادلة وقفاً شاملاً لإطلاق النار في جميع أنحاء السودان، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية شاملة تسع لتشمل مختلف الأطراف وتحق الاستقرار والاستدامة.
الوضع في دارفور والفاشر والانتهاكات
في هذا السياق، أشار البيان الحكومي إلى أن التطورات في دارفور شهدت مؤخراً دخولاً غير مقبول من قبل ميليشيات الدعم السريع إلى مدينة الفاشر، وهو ما أدى إلى تسجيل انتهاكات مروعة ضد المدنين. وتؤكد المصادر الرسمية أن هذه الانتهاكات تطلب متابعة دقيقة ومحاسبة علنية لمرتكبيها، وذلك ضمن إطار مسؤولية المجتمع الدولي والسلطات السودانية على حد سواء. وتضيف البيانات الرسمية أن ما جرى في الفاشر ليس مجرد تطور عسكري بل هو تحدٍ إنساني يؤثر في الملاين من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن والضر في المتلكات والبنى التحتية والخدمات الحيوية.
الموقف الأمريكي وتفاصيل المساعي لهدنة
على صعيد حديث المساعي الدولية، أشار كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، إلى أن واشنطن لم تعلن عن أي لقاء محتمل بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد ميليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ولفت بولس إلى أن هناك اتصالات مع الطرفين بشكل منفصل وليست جماعية، معرباً عن أمله في أن توصل جهوده إلى اتفاق يفضي إلى هدنة مقبلة. كما أشار في تصريحات صحفية عقب لقائه وزير الخارجية المصري إلى أن الولايات المتحدة لم تقم بعد بأي مفاوضات حول عقد اجتماع بين البرهان وحميدتي، معبراً عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى تفاهم يقود إلى وقف لأعمال العدائية.
ويشير بولس أيضاً إلى أن الدعم السريع طرح ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات في الفاشر، مع التأكيد على أن تكون المحاسبة علنية وشفافة. وفي ما يتعلق بمقترح وقف إطلاق النار الأمريكي، أوضح أن تفاصيله لا تزال تحت الإعداد والتنسيق مع الأطراف المعنية، معرباً عن أمله في الإعلان عن هذه الهدنة في السودان في أقرب وقت مكن. وذكر أن طرح الولايات المتحدة لاقى ترحيباً مبدئياً من قبل الطرفين، وأن مبادرة واشنطن تستهدف التوصل إلى هدنة في مدينة الفاشر تحديداً كخطوة تمهيدية لإطلاق مسار سياسي أوسع في البلاد.
المحادثات المصرية-الأمريكية وآثارها على السودان
وتأتي هذه التطورات بعد اختام جولة الحوار الاستراتيجي التي عقدت بين جمهوريتي مصر والولايات المتحدة حول القضايا الأفريقية. وتراس الجانب المصري الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصرين بالخارج، فيما ترأس الجانب الأمريكي مسعد بولس، وبحضور مايكل ريجاس نائب وزير الخارجية لإدارة والموارد. وتركزت أعمال الحوار على عد من القضايا الإقليمية، بينها التطورات في السودان وليبيا ومنطقة البحيرات العظمى والساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، فضلاً عن ملف الأمن المائي المصري. ونقل بيان وزارة الخارجية أن المباحثات أكدت تعزيز موقف مصر الثابت والداعم لوحدة السودان واستقراره ومؤساته الوطنية، كما أشارت إلى الجهود التي تبذلها مصر في إطار الآلية الرباعية المعنية بالسودان لدعم جهود التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار.
دور مصر وآلية الرباعية في السودان
أبرز البيان المصري-الأمريكي أن مصر تواصل جهودها في إطار الآلية الرباعية المعنية بالسودان، لتسهيل إجراءات بناء الثقة وتهيئة بيئة مناسبة لإطلاق عملية سياسية شاملة. وتؤكد القاهرة أن التهدئة ليست فقط هدفاً عسكرياً، بل مدخل ضرورى لاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان والمنطقة كل. وتؤكد كذلك على أهمية تضافر الجهود الدولية والإقليمية لضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات في الفاشر وتوفير حماية لمدنين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضرة، بما يمهد الطريق لإطلاق حوار سياسي يشمل جميع الأطراف المعنية ويتيح السودان لخروج من دوامة الحرب.
التوجهات الدولية والآفاق المستقبلية لهدنة
تأتي هذه التطورات في سياق مساعي دولية وإقليمية لتهدئة وقف شامل لإطلاق النار، مع التركيز على توفير هدنة إنسانية تسمح بتوفير المساعدات وتخفيف معاناة المدنين، وتفتح الباب أمام عملية سياسية حقية وشاملة. وتؤكد المصادر الرسمية أن هناك توافقاً على ضرورة إرساء آليات لمتابعة والمحاسبة عن الانتهاكات، مع بروز تفاهمات أولية بشأن مسار قد يتجه إلى وقف مستدام لإطلاق النار وتقيم المكاسب على الأرض، بما في ذلك انسحاب الدعم السريع من المواقع المدنية والتزامه بإعادة الخدمات الأساسية لمواطنين. وتؤكد الجهات المعنية أن أي نتائج ستعتمد على وجود إرادة سياسية صلبة وشفافية في التنفيذ ومراقبة دولية حديثة، وأن الهدف النهائي يبقى تحقيق استقرار السودان وحدته وبناء مؤساته الوطنية وتوجيه الموارد نحو خدمة الشعب السوداني.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































