كتبت: منة خالد
واصلت محكمة جنايات نجع حمادي رفع عبء القضية إلى مسرح القضاء، حيث أصدرت حكما نهائيا بالإعدام شنقا بحق اثنين من المتهمين في جريمة قتل عامل داخل مقبرة بنجع حمادي، وذلك بسب خصومة ثأرية مستمرة بين عائلتي المجني عليه والمتهمين. جاء الحكم بعد استكمال جميع الإجراءات القانونية وطرح القضية على محكمة الجنايات، مع أخذ الرأي الشرعي من فضيلة المفتي قبل النطق بالحكم النهائي. تعود تفاصيل الواقعة إلى شهر يوليو من عام 2021، حين تلقت الأجهزة الأمنية في قنا إخطارا بالعثور على جثة العامل م.ر.ح، مقيم في قرية النجاحية، بالقرب من قرية نجع قابول بنجع حمادي، وهو مصاب بطلقات نارية داخل أحد المقابر. وبينت التحريات أن الدافع وراء الجريمة هو خلاف ثأري يربط بين عائلة المجني عليه وعائلة المتهمين، وهو ما أدى إلى اندفاع المتهمين إلى ارتكاب الحادثة. وبعد انتهاء التحقيقات وتوثيق الأدلة، أحيلت القضية إلى محكمة جنايات نجع حمادي، حيث صدر الحكم بالإعدام شنقا بحق المتهمين، وذلك بعد أخذ الرأي الشرعي من المفتي المختص.
خلفية القضية ومسارها القانوني
تشير حيثيات الحكم إلى أن الواقعة تعود إلى خلاف ثأري تام بين عائلتي المجني عليه والمتهمين، وهو ما أثّر في قرار المتهمين باستهداف العامل داخل المقابر بوابل من الأعيرة النارية. كُشف في التحقيق أن المجني عليه كان يعمل في المنطقة المعنية، وأن الحادث وقع في مكان مقابر محد داخل نطاق نجع حمادي، وهو ما يعز طبيعة الخصومة الثأرية كدافع رئيسي لجريمة. كما أشار المحقون إلى وجود روابط عائلية بين الأطراف وتراكم أحداث سابقة أفضت إلى تصعيد العنف وتفاقم الخلاف إلى مستوى جرمي خطير. وتؤكد هذه المعطيات أن المسار القضائي ظل في إطار القانوني، حيث جرى إحالة القضية رقم 234 لسنة 2021 جنايات نجع حمادي، وتسجيلها كقضية كلي قنا برقم 3680 لسنة 2021، قبل أن تقف المحكمة أمامها وتصدر حكمها.
تفاصيل الجريمة ودوافعها
وفق ما وثقته النيابة العامة، فإن المتهمين م. ك. ع وع. ح. ع قاما بإطلاق نار شديد ضد المجني عليه داخل المقابر، وهو ما أدى إلى وفاته في المكان. جاءت هذه الجريمة في سياق خصومة ثأرية متجذرة بين العائلتين، وهو ما يشير إلى أن الدافع لم يكن نزاعا عابرا بل صراعاً دامياً يتصل بالخلاف بين العائلات. ولقد أظهرت تحريات الأجهزة الأمنية أن حدثا كهذا، في مكان كتلك المقابر، يحمل طابعا خطيرا ويستلزم متابعة قضائية دقيقة، لا سيما وأنه تم الإبلاغ عنه كحادث قتل داخل منطقة محدة. من جهة أخرى، استندت الأدلة القانونية إلى وجود إعداد وتخطيط مسبقين من قبل المتهمين، وفق ما ذكرته وثائق القضية، ما يؤكد أن الجريمة لم تكن مجرد ردة فعل عابرة بل خطوة مدروسة مستندة إلى الخصومة الثأرية.
إجراءات المحاكمة وتشكيلة القضاة
ترأس محكمة جنايات نجع حمادي الجلسة التي أصدرت الحكم، ويُشار إلى أن الرئاسة كانت لمستشار محمد الرفاعي، وبمشاركة المستشارين مصطفى محمود وهشام يحيى، إضافة إلى سكرتارية قضائية تضمنت أسماء أبو المعارف عبد الشافي، ومحمد كحلاوي وأسامة الأمير. وتعد هذه التشكيلة من قضاة المحكمة العليا في إطار اختصاصها بمحاكمة الجرائم الكبرى من الدرجة الثانية، والتي تطلب عادة إجراءات دقيقة وتدقيقا في حيثيات الأدلة ومواد الإثبات. كما كان التحقيق والتقارير المقدمة من جهات الأمن والنيابة العامة جزءاً من إجراءات المحاكمة، حيث جرى فحص كل دليل وربطه بدافع وقوع الجريمة ضمن سياق الخصومة الثأرية. وفي نهاية المطاف، وبعد استيفاء الشروط القانونية وتوافر الرأي الشرعي من فضيلة المفتي، صدر الحكم بالإعدام شنقاً على المتهمين، وهو ما يعكس جدية المحاكم في معالجة جرائم العنف الناتجة عن الخصومات الثأرية.
الإطار الشرعي والمرجعية القضائية
أخذت المحكمة الرأي الشرعي من فضيلة المفتي قبل إصدار الحكم النهائي، وهو إجراء معمول به في مثل هذه القضايا لإضفاء الطابع الشرعي على الحكم النهائي وتأكيد مطابقته لشريعة، مع مراعاة حضور جميع أركان الدعوى وتوفر الأدلة الازمة لإثبات الاتهامات. وتؤكد هذه الخطوة أن منصب المفتي في النظام القضائي المصري يضطلع بجانب مهم من جوانب الإرشاد الشرعي في القرات الجنائية، خاصة في قضايا القتل العمد التي ترفع إلى مرتبة الإعدام. كما يعكس هذا الإجراء التزام النظام الجنائي بتطبيق القوانين والإجراءات المعيارية، مع احترام مبادئ العدل والتدقيق في الأدلة. وبالإضافة إلى ذلك، يمثل أخذ الرأي الشرعي جزءاً من الضمانات القضائية التي تضمن أن الحكم النهائي ليس مجرد نتيجة لإجراءات قانونية فحسب، بل هو مطابق لقيم الدينية والأخلاقية المعمول بها في المجتمع.
التبعات القانونية والمكانة الاجتماعية لقضية
تأتي هذه القضية في سياق جهود القضاء المصري في التصدي لجرائم الثأر والعنف المرتبط بها، وتبرز كقضية راسخة ضمن قضايا القتل داخل الأماكن العامة أو الخاضعة لمقدسات، مثل المقابر، حيث تطلب حماية الحياة وسلامة المجتمع. وتوضح النتائج أن القضاء يتخذ إجراءات حازمة ضد مرتكبي جرائم القتل، خصوصاً عندما تكون هناك دلائل تدين المتهمين وتثبت وجود تخطيط سابق وخلاف ثأري يبر استخدام العنف. كما تعكس هذه الأحكام ضرورة تعزيز آليات الحوار والوساطة العائلية ومنع تفاقم الخصومات إلى نزاعات عنيفة تؤثر في النسيج الاجتماعي بالمنطقة. وتُسهم مثل هذه الأحكام في تقوية رسالة القانون فيما يتعلق بإنفاذ العدالة وتوفير بيئة آمنة لمجتمع المحلي، خاصة في مناطق تنشأ فيها مثل هذه الخصومات بين العوائل.
نتيجة الحكم وآفاقه المستقبلية
أصدرت محكمة نجع حمادي حكمها بالإعدام شنقاً على المتهمين م. ك. ع وع. ح. ع، وذلك بعد سلة من الإجراءات القضائية التي استمرت وفق النظم المعمول بها في البلاد. وتُعد هذه النتيجة خطوة حاسمة في قضية لُبس فيها دم وثأر وتشابك في المصالح العائلية، وتؤكد على أن القضاء لا يترك جريمة القتل دون معالجة جادة وتطبيق العقوبة المناسبة حسب القانون. وبالنسبة لآفاق المستقبلية، فإن الحكم قابل عادة لطعن أمام الجهات المختصة وفق القوانين المعمول بها، ما يعني أن مسار الاستئناف قد يفتح باً أمام نظر آخر في القضية. ومع ذلك، فإن الحكم الحالي يظل بمثابة رسالة رادعة لمجتمع المحلي في النجاع، مفادها أن الخصومات الثأرية ليست خياراً، وأن القضاء سيواصل متابعة الجرائم التي تُرتكب داخل مقابر أو أماكن عامة وتثبيت صحة الاتهامات بعناية واحترام الحقوق. وتظل هذه القضية جزءاً من سلة الإجراءات القضائية التي تسعى إلى حفظ سلامة المجتمع، وتقليل انتشار العنف المرتبط بالخصومات العائلية، خاصة في المناطق التي تزايد فيها مثل هذه النزاعات.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































