كتبت: فاطمة يونس
تحت رعاية الدكتورة صابرين عبد الجليل رئيسة جامعة الأقصر افتحت كلية الفنون الجميلة معرضين فنين يسلطان الضوء على رموز الهوية والحضارة الإنسانية، في حوار فني يحمل في طياته عمق الرؤية التشكيلية وتثريه خلفية الفكر الإنساني المتجذر في التراث. يعكس هذا الحدث سعي الجامعة إلى ربط الفكر الأكاديمي بالوجدان الفني، وهو مسار يفتح نافذة أمام الجمهور لتفاعل مع تراث الشعوب وتاريخ الحضارات من خلال لغة الفن المعاصر. كما يشير التجمع إلى أن الإبداع الجامعي ليس مجرد نشاط أكاديمي، بل رسالة تواصل مع المجتمع تبرز قيم الهوية الوطنية وتطورها عبر وسائل بصرية معاصرة. في هذا الإطار، تجسد مساهمة كلية الفنون الجميلة كمنارة ثقافية تسعى إلى تعزيز الوعي بالجوانب البشرية المشتركة وتوثيق العلاقة بين الحاضر والماضي في إطار حيّ واضح. رموز الهوية والحضارة الإنسانية هنا ليست مجرد مفردات نظرية، بل دلات حيّة تُنقل من خلال أعمال فنية تُقاس بالجمال والتقنى والرسالة الاجتماعية التي تحملها.
نسغ الحضارات: تجليات جرافيكية لرمز الكوني فلسفة الشجرة
افتح المعرض الفني الذي قدمته الدكتورة رحاب محمد تحت عنوان “نسغ الحضارات: تجليات جرافيكية لرمز الكوني فلسفة الشجرة”، وهو عرض يركز على أعمال جرافيكية نفذت بتقنيات الحفر والطباعة البارزة. تعامل هذه الأعمال مع الشجرة الكونية كعنصر جامع يربط بين حضارات قديمة وتاريخ إنساني طويل، وتبرز في خطوطها وأشكالها مفردات الامتداد الإنساني وحدة الإبداع عبر الزمن. من خلال ذلك، تُطرح رؤية فنية تستعيد علاقة الإنسان بالطبيعة والكون عبر سلة من الصور التي تحمل في طياتها ضوء المعرفة وتوقد الخيال. يركز المعرض على فكرة أن الشجرة الكونية ليست رمزاً عابراً بل جسر روحي ومعرفي يجمع بين حضارات متنوعة ويعيد تشكيل مفهوم الهوية من خلال ترجمة هذه الرموز إلى لغة بصرية معاصرة. هذا العرض يعكس مرة أخرى أن البحث الأكاديمي في الفنون الجميلة يمكن أن يكون منصة لإعادة قراءة التراث بمنظور فني حديث، بما يعز الإحساس بالهوية المشتركة ويحفز الحوار بين الماضي والحاضر.
ضُرب في مصر: قراءة جرافيكية في رموز الهوية المصرية
أما المعرض الشخصي لدكتور وليد محمد، عضو هيئة التدريس بقسم الجرافيك، فحمل عنوان “ضُرب في مصر: قراءة جرافيكية في رموز الهوية المصرية”، ليقدم رؤية معاصرة لتراث المصري من خلال لغة تشكيلية حديثة. تعكس الأعمال المعروضة الروح المصرية الأصيلة في رموز التراث الشعبي والمكان، وتقدم قراءة جرافيكية جديدة تدمج بين عناصر التراث وسائل الرؤية الفنية المعاصرة. يبرز المعرض أسلوباً يحافظ على جذور الهوية بينما يستكشف أساليب تقنية حديثة تقرب الجمهور من مكونات الهوية الوطنية بطريقة حية ومتصلة بالواقع الفني المعاصر. من خلال هذا العرض، يتضح أن الحكاية المصرية لم تفقد نبضها بل ارتقت بطرائق سرد بصري تفتح نافذة على كيف يمكن لتراث أن يحيا كجزء من المشهد الفني الراهن، ويمتد بقوة نحو آفاق جديدة في الإبداع التشكيلي والتجريبي.
حضور وتفاعل المجتمع الأكاديمي والفني
شهد افتاح المعرضين حضور واسع الدلالة من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، حيث حضر الدكتور أحمد محي عميد كلية الفنون الجميلة، إضافة إلى الدكتور صالح عبد المعطي نائب رئيس جامعة جنوب الوادي لشؤون فرع الأقصر سابقاً، كما حضر وكلاء الكلية وعد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب. كما كان حضور نخبة من الفنانين والمهتمين بالفنون التشكيلية بارزاً في فعاليات الافتاح، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بمخرجات الكلية والحرص على تعزيز التقاء جمهور بعينه مع نماذج فنية حديثة تطرح قضايا الهوية والحضارة الإنسانية بطرق مبتكرة. هذه التفاعل يشير إلى أن المعارض ليست مجرد عرض Joan أعمال، بل منصة تعز الحوار بين الأكاديميا والفنانين والجمهور، وتفتح مجالاً لقراءة النقدية والتأمل في مساهمة الفن الجامعي في تشكيل وعي حضاري جماعي. في سياق الحضور، أكدت رئيسة الجامعة أن المعرضين يعبران عن ثراء الفكر الإبداعي لأساتذة الكلية، وأن كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر تمثل منارة فنية وثقافية تُرسّخ قيم الهوية المصرية عبر الفن البصري المعاصر.
إسهام المعارض في ترسيخ الهوية المصرية عبر الفنون البصرية
الأعمال المعروضة في المعرضين تبرز قدرة الفن على توثيق الهوية الوطنية وتثبيت حضورها في الذاكرة الجمعية. فبالإبداع البصري والتقنيات الفنية المتقدمة، يقدم الأساتذة والباحثون رسائل تُعرّي عمق التاريخ وتعيد صياغة علاقة المجتمع موروثه. من هذا المنظور، تكون كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر قد رسّخت دورها كمركز ثقافي يساهم في الحفاظ على تراث الهوية المصرية وتطورها ضمن إطار يحترم الحداثة ونبض العصر. إن الأعمال المعروضة تُظهر كيف أن الإبداع الأكاديمي ليس انعزالاً عن الواقع، بل هو صوت حقي يعكس قيم المجتمع وينبّه إلى قدرة الفن على بناء جسر نحو فهم أعمق لذات ولمكان. في هذا السياق، تلاقى الرؤية الأكاديمية مع الواقع الفني لتشكيل فضاء حاضن لنقاش النقدي والتأمل الفني، وهو ما يعز مكانة الكلية كمركز إشعاع ثقافي يفضي إلى استدامة الهوية عبر الزمن.
تستمر هذه المعارض في تشغيل محركات الحوار بين التراث والحداثة، وتؤكد أن الإبداع في الجامعات قد يكون محركاً لتجديد الفنون البصرية وربطها بمسار الهوية الوطنية. كما أن تواجد أسماء أكاديمية وفنانين ضمن فعاليات الافتاح يعز من فرص الحوار وتبادل الخبرات بين أجيال مختلفة من الفنانين والطلاب، ما يسهم في تطوير تقنيات وتوجهات جديدة في مجالات الجرافيك والحفر والطباعة. وفي ظل هذا السياق، تبقى رسالة جامعة الأقصر واضحة: تعزيز الهوية المصرية من خلال معارض فنية تعكس ثراء الفكر الإبداعي وتوافر فرص التفاعل بين الأكاديمين والجمهور والمتذوقين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































