كتب: أحمد عبد السلام
في واقعة جديدة تعكس التحديات المعاصرة التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي على القيم الاجتماعية، أصدرت محكمة مصرية حُكمًا بحق مدعى عليها تُعرف باسم سوزي الأردنية على خلفية إساءة استخدام مواقع التواصل والتعدي على القيم الأسرية لمجتمع المصري. قضت المحكمة بحبسها لمدة عام مع النفاذ وتغريمها 10 ألف جنيه، مع مصادرة المضبوطات. وتأتي هذه العقوبة في سياق اتهامات تعلق باستغلال تطبيقات التواصل الاجتماعي، وبخاصة تيك توك، في نشاطات تُعدّ مساسًا بالأخلاق العامة وبالأسرة المصرية.
ومع عرض حيثيات الحكم، أكدت المحكمة أن المتهمة كانت قد حُكم عليها سابقًا في واقعة تمثلت في بث ونشر مقاطع تخدش الحياء العام وتخلّ بالآداب، لكنها لم تعظ من العقوبة السابقة، بل واصلت النهج ذاته. وتضيف الحيثيات أن سوزي الأردنية لم تكتفِ بإطلاق محتوى يسيء إلى المجتمع، بل استمرت في تقديم مواد تهدم قيم المجتمع وتعبث بمبادئه، رغم حداثة عمرها وما كان يُنتظر منها من صلاح واستقامة تعبر عن طهارة جيلها. وبناءً على ذلك، أشارت المحكمة إلى أن المتهمة حولت مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيق تيك توك، إلى منبر لكسب غير المشروع وجمع الأرباح الطائلة على حساب القيم الأخلاقية والضمير العام.
تفاصيل الحكم وتداعياته القانونية
تؤكد حيثيات الحكم أن العقوبة جاءت في إطار ضبط استخدام منصات التواصل بما يضمن حماية المجتمع من المحتوى الذي يخل بالآداب العامة. فالحالة القضائية لسوزي الأردنية تجاوز مجرد مخالفة تقنية تعلق بنشر محتوى مخل، وتصل بمسؤولية المستخدمين والمنتجين لمحتوى أمام المجتمع والقانون. وبهذا المعنى، تعد هذه القضية رسالة قضائية تقر بأن الفضاء الرقمي ليس خارج نطاق القانون، بل هو ساحة تنظيم وتقيم يلزم المتعاملين معه باحترام القيم الأخلاقية والتدقيق في أثر المحتوى الذي يقدَّم لمشاهدين.
كما يلاحظ أن المحكمة أشارت إلى سابقة المتهمة وارتكازات سلوكها السابقة، وهو ما لعب دورًا في تعزيز موقفها بالحكم الحالي. فالإرشاد القانوني الذي استند إليه الحكم يعكس مبدأ الردع والتربية الاجتماعية، ويؤكد أن الاستمرار في نهجٍ مُخلٍ بالقيم لن يُسامح معه عندما تكر المخالفات حتى لو كان الشخص في عمر الشاب. وبناءً عليه، فإن الحكم ليس مجرد سجن أو غرامة، بل رسالة محدة بأن التكرار في استغلال المنصات الرقمية لتحقيق مكاسب مادية على حساب القيم الأخلاقية لن يُقبل به.
سوزي الأردنية ودور تيك توك كمنبر لكسب
يُبرز الحكم في حيثياته أن المحتوى المعروض عبر تيك توك والمنصات المشابهة قد تحوّل إلى باب لربح غير المشروع، وهو ما أدى إلى إضرار بجمهور المستخدمين وبالمبادئ التي تشكل البنة الأساسية لمجتمع. ومن ثم، يصبح منطق المحكمة أن المنصة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل بيئة ترتبط بالسلوك الأخلاقي والمسؤولية الاجتماعية. وتُضاف إلى ذلك حقيقة أن كسب المال من خلال المحتوى الرقمي لا يجوز أن يأتي على حساب القيم والانضباط المجتمعي، وأن أي نشاط تجاري داخل المنصات الرقمية يجب أن يحكمه ضمير مهني وتوجيهات قانونية تمنع استغلال الجمهور وتضليله.
هذه الرسالة تضمن توجيهات واضحة لمستخدمين ولصناعة الرقمية، بأن الاعتماد على المحتوى المخل أو الاستغلالي كسب غير مشروع، وأن المحاسبة القانونية ستطال من يفرط في حقوق الآخرين أو يسيء إلى المجتمع. كما تعكس القراءة القانونية لحكم موقفًا حازمًا في مواجهة الظواهر التي تستغل المنصات الرقمية لتحقيق أرباح طائلة دون اعتبار لآثارها السلبية على القيم الاجتماعية.
آثار الحكم على المجتمع والمشهد الرقمي
تُسهم هذه القضية في وضع إطار حول مسؤولية المحتوى الرقمي والقيم التي يحملها لأي جمهور. فحين يُدان شخص معروف باسم سوزي الأردنية بتهمة إساءة استخدام تيك توك وتوجيه نحو الاستفادة المادية، تصبح رسالة الحكم أكثر وضوحًا: المجتمع لن يسمح بأن تُستخدم المنصات الرقمية كساحة احتيال أو هدم لمبادئ. وهذا يسهم في رفع الوعي بين المستخدمين حول مخاطر المحتوى المضلِل والتأثير المحتمل له على سلوك الشباب، خاصة مع انتشار مقاطع تعلق بالخصوصية والحياد والاحترام الأخلاقي.
كما يفتح الحكم باب النقاش حول ضرورة وجود آليات تنظيمية أكثر صرامة في ما يخص المحتوى المنشور عبر تيك توك وغيره من المنصات، بما يضمن شفافية الإجراءات القانونية ويحمي الجمهور من المحتوى الذي يسيء إلى القيم الأساسية. وفي هذا السياق، من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن القوانين المقترنة بحماية القيم الأسرية والأخلاق العامة تشكّل ركيزة لنهج قضائي يحمي المجتمع من التفسخ الأخلاقي الناتج عن المحتوى الضار. ويعز الحكم الثقة في أن السلطة القضائية تقف في مقدمة الصفوف لدفع نحو سلوك رقمي آمن ومسؤول.
المسؤولية الاجتماعية والتعليمية كجزء من الحُكم
يُنظر إلى الحكم أيضًا كإشارة تربوية لمؤسات والأفراد على حد سواء. فالنشاط الرقمي الذي يخصه الجمهور لفترة الزمنية الراهنة يحتاج إلى توجيه يلفت الانتباه إلى الخطورة المحتملة لإساءة استخدام المنصات والمعاير الأخلاقية. من هنا، يتعين على المجتمع التعليمي والجهات المعنية أن تركز على تعزيز القيم الرقمية الصحيحة لدى الشباب، وتطوير برامج توعوية تبيّن مخاطر استغلال المحتوى الرقمي لأغراض الربح غير المشروع. كما أن الحكم يرفع من قيمة المراقبة الاجتماعية لمحتوى المنشور ويشجع على تعاون المجتمع المدني والجهات الرقابية لعمل على بناء بيئة رقمية آمنة تناغم مع قيم المجتمع المصري.
إدراك سوزي الأردنية وإرهاصات المجتمع الرقمي
نطاق أثر الحكم يتجاوز القضية الفردية إلى ما يمثله من رسالة عامة حول كيفية تعامل المجتمع التحديات الأخلاقية التي تطرحها المنصات الرقمية. فالمراجعة القضائية لهذه الواقعة تذكِّر بأن القواعد الأخلاقية لا توقف عند حدود العمر أو الشهرة، بل هي محكومة بمبدأ المسؤولية الاجتماعية diante لمحتوى الذي يُنشَر والهوية التي يُبرزها الناشر. وعليه، فإن المجتمع الرقمي الملتزم بالقيم يحمل مسؤوليةً أخلاقيةً في التزام بالمعاير التي تضمن حماية الأفراد والمجتمع من أي محتوى قد يفسد النسيج الاجتماعي أو يُضعف الثقة بين الجمهور والمنصة.
تدابير إضافية وتوقعات مستقبلية
مع هذا الحكم، يتوقع أن يشهد المشهد الرقمي نقاشات موسّعة حول تطبيق القوانين المتعلقة بسوء استخدام منصات التواصل. كما يمكن أن تدفع هذه التطورات إلى تعزيز آليات الرقابة والتدقيق على المحتوى، وتطوير إجراءات أكثر شفافية من قبل المنصات الرقمية في التعامل مع المحتوى المثير لجدل. وفي الوقت نفسه، يظل الهدف الأساسي لمجتمع هو حفظ كرامة الأفراد والحط من أي محتوى يهد قيمه وأخلاقه، خاصة عند استهداف فئة الشباب.
وفوق ذلك، تبقى سوزي الأردنية موضوعًا لنقاش العام حول كيفية التوازن بين حرية التعبير والاستخدام المسؤول لمنصات الرقمية. فالمسألة ليست مجرد عقوبة فردية، بل هي إطار يُعيد تقيم حدود الاستخدام الأخلاقي لمحتوى الرقمي، ويحث على التزام أقوى بالمعاير الاجتماعية عند البناء والإنتاج والترويج لمحتوى على التيك توك وغيرها من المنصات.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































