كتب: أحمد خالد
تُعنى ضوابط مزاولة التجارة داخل البلاد بتنظيم نشاط رجال الأعمال من المصرين والأجانب على حد سواء، بهدف توفير بيئة أعمال شفافة وتسم بالمنافسة العادلة. جاء ذلك في إطار سعي الدولة لجذب الاستثمارات وتثبيت دعائم الاقتصاد الرسمي، مع التأكيد على ضرورة التزام بالقيد في السجل التجاري واستيفاء التراخيص القانونية الازمة قبل البدء في أي نشاط تجاري. يوضح النص القانوني تعريف التاجر بأنه من يزاول على وجه الاحتراف باسمه ولحسابه عملاً تجارياً، وكذلك الشركات التي تخذ أحد الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات، أياً كان الغرض من إنشاء الشركة من أجلها. وهذا الإطار التنظيمي ينظر إلى التجارة كمسلك يقتضي التزام بمعهود قانوني واضح يضبط العلاقة بين الفرد والشركة من جهة، وبين الدولة والسوق من جهة أخرى. كما يعكس هذا الإطار أيضاً رغبة الدولة في تعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع الأطراف المشاركة في النشاط التجاري، بما يعز المنافسة العادلة ويقل من أي نشاط تجاري غير منضبط قد يخل بنظام السوق الاقتصادي الرسمي. إن تطبيق هذه الضوابط ليس مجرد إجراء إداري بل هو جزء من رؤية عامة تستهدف توفير بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة لمستثمرين الوطنين والدولين على حد سواء. وفي سياق متصل، تؤكد الضوابط أن وجود التسجيل التجاري والتراخيص الازمة قبل الانخراط في أي نشاط تجاري يمثل حجر الزاوية لتحقيق هذه الأهداف، وهو ما يجعل التزام به مبدأ أساسياً لكل من يتطلع إلى مزاولة العمل التجاري داخل البلاد.
ضوابط مزاولة التجارة وتحديد من يزاولها
يقر قانون التجارة أن التاجر هو الشخص الذي يمارس عملاً تجارياً على نحو احترافي وباسم يظل له ولحسابه، وهو معيار يحد من يعتبر مارساً لنشاط التجاري وفق التعريف القانوني. كما يشمل التحديد الشركات التي تخذ شكلاً من الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات، بغض النظر عن الغرض الذي من أجله تأست هذه الشركات. بهذا الإطار، تصبح هذه الضوابط أداة تنظيمية تسعى إلى وضع إطار واضح يحد هوية المزاول لنشاط التجاري ونطاقه، بما يضمن أن من يعمل في التجارة يتحمل المسؤولية القانونية والاجتماعية الناتجة عن أعماله. ويؤكد النص أن هذه التعريفات تساهم في توفير صورة دقيقة عن من يقوم بالعمل التجاري على الأرض، وتساعد الجهات الرقابية والإدارية في تطبيق القوانين بمنهج واحد. كما أن التزام بهذا التعريف يسهل عمليات التوثيق والمتابعة من قِبل السلطات المختصة، ويعز الثقة في الأسواق المحلية من جانب المستثمرين والمستهلكين على حد سواء. وتبرز في هذا السياق أهمية أن تكون الشركات جزءاً منظومة الأعمال المشروعة، لأن توافر الشكل القانوني المناسب يسهّل إجراءات التسجيل والتراخيص ويمكّن ممارسة الأنشطة ضمن إطار قانوني واضح. وبالتالي، فإن هذه الضوابط تعمل كمحدات تقل من مخاطر مارسة التجارة خارج إطار القانون وتدفع إلى تمكين المستثمرين من العمل وفق شروط واضحة وتحت مظلة القانون.
أهلية مزاولة التجارة وفق المادة 1
تنص المادة 1 من القانون على أهلية مزاولة التجارة لمصرين والأجانب، وتوضح بعض المعاير الأساسية التي يجب توافرها كي يحصل الشخص على هذه الأهلية. تشترط هذه المادة أن يكون من بلغ سنه إحدى وعشرين سنة كاملة أهلاً لمزاولة التجارة، وذلك حتى وإن كان القانون في الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته يعتبره قاصراً في هذه السن. وهذا يعني أن معيار السن في الإطار الوطني قد يختلف عن المعاير في الدول الأخرى، إلا أن النص يفرض شرطاً محداً يتأس عليه حق الاندماج في النشاط التجاري داخل البلد. كما يتيح القانون أيضاً خياراً آخر لمن أكمل الثامنة عشرة من العمر بالشروط المقرة في قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته، وذلك بشرط الحصول على إذن من المحكمة المصرية المختصة. وهذا القبول وفقاً لإجراءات القضائية يفتح باً إضافياً لمارسة التجارة لمن لا يبلغون 21 عامًا لكنهم يلبون شروطاً محدة تقرها قوانين بلدهم الأم وتسمح لهم بموجبها بالاتجار، وهو ما يبرز فكرة التوافق بين القوانين الدولية والوائح المحلية في مسألة أهلية مزاولة التجارة. وبالإضافة إلى ذلك، يضيف النص شرطاً تنفيذياً مهماً وهو أن يباشر الأفراد الأجانب والأشخاص المصرين العمل التجاري داخل مصر وفقاً لإذن المحكمة المختصة، بما يعكس توازناً بين حرية العمل التجاري والاعتبارات القانونية والإدارية التي تفرضها الدولة. وبناءً على ذلك، لا يجوز بمقتضى القانون لمن تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أن يزاول التجارة في مصر، حتى وإن كان القانون في الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته يعتبره راشداً في تلك السن أو يجيز له الاتجار. وفي المقابل، تكون لقاصر المأذون له في الاتجار أهلية كاملة لقيام بجميع التصرفات القانونية الازمة لمزاولة تجارته، وهو ترتيب يهدف إلى حماية المصلحة الاقتصادية وتحفيز الاستثمار الآمن في تلك الفئة مع ضمان الامتثال لقواعد القانونية المعمول بها. وتؤكد هذه الفقرات أن الأهلية لمزاولة ليست مطلقة، بل مقيدة بشروط محدة تراعي سن الإنسان وجنسيته وإذنه القضائي، وتؤس قاعدة واضحة لأطراف المعنية بما يضمن تنظيم العلاقات التجارية وتحديد من يمكنه الدخول إلى فضاء الأعمال.
التزامات القيد والتراخيص قبل البدء بمزاولة التجارة
يؤكد القانون منضبطاً بأنه لا يجوز البدء في أي نشاط تجاري دون التزام بالقيد في السجل التجاري واستيفاء التراخيص القانونية الازمة. هذه المتطلبات تشكل الحد الفاصل بين العمل التجاري المشروع وغير المشروع، وتضمن أن يتعامل المعنيون مع نشاطاتهم بما يتوافق مع الإطار التنظيمي المعتمد. فوجود السجل التجاري يوفر قاعدة بيانات موثوقة عن من يمارس التجارة، وهو ما يساعد في تحصيل الضرائب والتزامات القانونية الأخرى، وفي تعزيز الثقة لدى الشركاء والجهات الرقابية. كما أن التراخيص القانونية تضمن أن النشاط يخضع لمتطلبات التنظيمية والبيئية والاقتصادية المعتمدة من الأجهزة المختصة، ما يسهم في حفظ حقوق المستهلكين والمنافسة العادلة بين العاملين في السوق. وبناء على ذلك، فإن التزام بهذه الشروط ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ضمان لسلامة الأداء التجاري ومواءمة الأعمال مع السياسات الاقتصادية العامة التي تسعى إلى تنظيم السوق وتوفير أنظمة حماية لمستهلكين وتبيان مسؤوليات الأطراف المختلفة. وفي هذه النقطة يظهر أن مسألة القيد والتراخيص ليست عناوين إجرائية فحسب، بل هي جزء من البنية القانونية التي تهدف إلى ضبط المارسة التجارية وتأكيد أهلية الأفراد والشركات لانخراط في عمليات البيع والشراء والخدمات المرتبطة بها.
ضوابط القاصرين وآفاق الأهلية في التجارة
توجد في النصوص القانونية إشارات واضحة إلى وضعية القاصرين في سياق مزاولة التجارة، بما يضمن حماية القاصرين واستفادة الاقتصاد من وجود قوى عاملة شابة ضمن إطار مسؤول. فالقانون يمنع من تقل سنه عن ثماني عشرة سنة من مزاولة التجارة في مصر، حتى لو كان في بلده يعتبر راشداً أو يجيز له الاتجار وفقاً لقانون الجنسية. ومع ذلك، يستثي القاصر المأذون له في الاتجار من هذه القاعدة، حيث يمنح له الأهلية الكاملة لمارسة جميع التصرفات القانونية التي تقتضيها تجارته. هذا الترتيب يعكس توازناً بين حماية القاصرين من المخاطر المرتبطة بالأنشطة التجارية ومساحة من الاستفادة الاقتصادية التي يمكن أن تحق من دخول فئة الشباب إلى عالم الأعمال تحت إشراف قضائي وخيارات تنظيمية واضحة. وتؤكد هذه الأحكام أن الأطر القانونية تعامل بعناية مع الفئات العمرية المختلفة وتؤمن لها الحدود والحقوق الازمة بما يتسق مع طبيعة التجارة ومتطلبات السوق. كما أن هذا التنظيم يسعى إلى الحفاظ على أن تكون التجارة نشاطاً يمارسه الأفراد ضمن حدود العمر والشروط الازمة، بما يحمي أيضاً مصلحة المجتمع والموارد الاقتصادية من أي مخاطر قد تنشأ عن نشاط تجاري غير منضبط.
أهداف الدولة من وضع هذه الضوابط
تأتي هذه الضوابط في إطار سعي الدولة إلى جذب الاستثمارات ودعم النشاط الاقتصادي الرسمي، وهو هدف ينعكس في تعزيز بيئة الأعمال وتوفير إطار قانوني واضح لمزاولة. من شأن وجود مثل هذه الضوابط أن يشجع المستثمرين ورجال الأعمال على التفكير في الدخول إلى السوق المصري بروح من الثقة والاطمئنان إلى أن القواعد والاشتراطات لا تبدو تعسفية، بل هي جزء من آلية تنظيمية تضمن الشفافية والمنافسة العادلة. كما أن الإشارات إلى ضرورة التزام بالقيد في السجل والتراخيص القانونية تعز من كفاءة الأجهزة الرقابية وتسهّل عمليات التحق والمتابعة، وهي أمور مهمة لجذب رؤوس الأموال وتحفيز النشاط الاقتصادي الرسمي. وبناءً على ذلك، فإن اعتماد هذه الضوابط يعكس رؤية اقتصادية واضحة تهدف إلى وضع الأس القانونية التي تحمي المراكز القانونية لمزاولين وتضمن ترتيب السوق وفق معاير موحدة. وفي النهاية، يمكن القول إن الضوابط المصاحبة لنشاط التجاري بمصر تشكل جزءاً من إطار وطني يهدف إلى تنظيم الأعمال وتطوير الاقتصاد بشكل مستدام، مع إتاحة الفرصة لمواطنين والمقيمين الأجانب لمشاركة في سوق يعز من التنمية الشاملة والشفافية والعدالة في المنافسة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































