كتبت: هاجر محمد
يُبرز مجمع البحوث الإسلامية أهمية البحث في موضوع “فضل الصدقة في رفع البلاء” من خلال توجيهات النبي محمد صلى اله عليه وسلم وتحفيزه على تحري الفقراء ومشاركتهم المال والطعام وغير ذلك لتحقيق التكافل المجتمعي. فالعلاقة بين الصدقة ورفع البلاء تأس على مبادئ الإسلام التي تدعو إلى العدل والرأفة والتعاضد في المجتمع المسلم. وفي هذا السياق يورد المجمع ما ورد عن رسول اله صلى اله عليه وسلم من توجيهات تعز مفهوم التكافل وتؤكد أن اليد العليا خير من اليد السفلى حين يكون فيها بذل وصدق. فالمفهوم الذي تطرحه المصادر الإسلامية ليس مجرد عمل فردي، بل هو منظومة اجتماعية تدفع الناس إلى المشاركة والمساعدة والتعاون في مواجهة المحن والابتلاءات.
أولاً: فضل الصدقة في رفع البلاء وفق السنة النبوية
يُذكر في السرد الإسلامي أن النبي صلى اله عليه وسلم حثنا على تحري الفقراء ومشاركتهم بالمال والطعام وغير ذلك ليُحق التكافل المجتمعي، وهو بذلك يربط بين فعل الصدقة وبين تجاوز البلاء وتخفيف أضراره. وفي هذا السياق يرد نص من صحيح مسلم يوضّح أن من كان لديه فضل من شيء ما، فليعُد به إلى من لا ظهر له، وأن من كان لديه فضل من زاد فإن عليه أن يعُد به إلى من لا زاد له. وهذا التوجيه يبرز قيمة البذل والتقاسم كوسيلة عملية لوقوف بجانب المحتاجين ورفع البلاء عنهم. لذلك، فإن مفهوم “فضل الصدقة في رفع البلاء” ليس مجرد مسألة أخلاقية أو روحية، بل مارسة واقعية تؤثر في حياة الناس وتحق لجميع قدرًا من العدل والتعاطف.
ثانياً: الصدقة وقرابة الأقارب: ثواب مضاعف
كما تؤكد المصادر الإسلامية، فإن إخراج الصدقة لأقارِب جائز شرعًا وعليه أجران: أحدهما أجر الصدقة نفسه، والآخر أجر صلة الرحم. وتؤكد دار الإفتاء عبر منصاتها أن أهل قرابتك أولى بصدقتك، وتستشهد بحديث لرسول اله صلى اله عليه وآله وسلم يقول: “الصدقة على المسكين صدقة، والصدقة على ذي الرحم اثنتان؛ صدقةٌ وصلةٌ” (رواه أحمد في مسنده). هذا التوجيه يعز معاني الرحمة والتكافل الأسري، وهو أشبه بنظام تشريعي يربط العطاء بالصلة وبالعلاقات الاجتماعية الحميمة، فيؤكد أن العطاء ليس مجرد هوى وإنما مسار يحق الثوابين في الدنيا والآخرة.
ثالثاً: الفرق بين الزكاة والصدقة وأحكامهما
يُفرّق بعض العلماء بين الزكاة والصدقة من حيث الأحكام والشروط والغايات. فالزكاة تعد من أركان الإسلام وفرضًا واجبًا على مال المسلمين متى بلغ النصاب الشرعي وحال عليه الحول وخلا من الدين، وتُعَدّ من مصادر التمويل الأساسي لمؤسات الاجتماعية في المجتمع الإسلامي. أما الصدقة فهي عمل تطوعي اختياري لا يشرِّع له نصاب معين ولا حدّ محدود من المال، وإنما تُعبر عن نية المستعين وتعبِّر عن شعور المسلم بمسؤولياته تجاه المجتمع.
ولإيضاح الحكمة الشرعية، يذكر النص أن النصاب الشرعي لزكاة يعادل قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21، وفق السعر السائد وقت إخراج الزكاة، ومقدارها 2.5% أي ربع العشر من رأس المال وما أضيف إليه من عائد إذا حال على العائد الحول أيضًا. أما إذا كان العائد يُصرف أولًا فأولاً فلا زكاة على ما يُصرف. كما يوضح القرآن الكريم، في سورة التوبة، أن الزكاة هي فريضة من اله، وأن لها مصارف محدة ومذكورة في الآية: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الَّهِ وَالَّهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ” [التوبة: 60]. هذه المصارف الثمانية تشكّل إطارًا تنظيمياً يوزّع ثروة المجتمع بطريقة عادلة، وتؤكد أن المال في الإسلام ليس مجرد وسیلة لتكسب بل أداة تنموية وخيرية تقف إلى جانب المستضعفين في مختلف الأحوال.
رابعاً: تطبيقات عملية وتوجيهات معاصرة
يتضمن التوجيه الإسلامي موضوعاً عملياً يسهّل تطبيق المبادئ في حياة المسلم اليومية. فالمجموعة من النصوص تُظهر أن التكافل ليس مرتبطًا بطائفة أو طبقة محدة، بل هو مسؤولية جماعية تشترك فيها الفئات المختلفة. فالكلام عن فضائل ومزايا الصدقة وارتباطها برفْع البلاء يشمل أيضاً تشجيع المجتمع على الإيثار والكرم، مع مراعاة العادات والتقاليد المحلية في توزيع الأموال والأطعمة بطرق تراعي حاجات المستحقين وتبتعد عن الإضرار بمصادرهم. وهذا يفتح آفاق واسعة أمام العمل الخيري المؤسي والأسري معاً، حيث يمكن لمؤسات الدينية والاجتماعية أن تستفيد من هذه الإرشادات في تصميم برامج تكافل متوازنة توازن بين الزكاة والصدقة، وتضمن وصولها إلى مستحقيها وفقًا لمبادئ الشرع الشريف.
خامساً: أثر التوعية الدينية في مواجهة البلاء
الوعي بشأن “فضل الصدقة في رفع البلاء” يعز التلاحم الاجتماعي ويقلّل من أزمات الفقر والتفاوت. حين يَستشعر الناس أن العطاء له ثواب دنيوي وأخروي، يتزايد التعاون والتكافل ويقل التوتر الاجتماعي الناتج عن نقص الموارد. وكذلك فإن التميز بين أنواع العطاء وتحديد أطره الشرعية يحد من الإفراط في التعاطف بالمال على حساب التزامات الأخرى لمجتمع، ويؤكد أن العطاء مسئولية شخصية وجماعية تكامل مع تشريعات الزكاة وتوزيع الموارد وفق المصارف الثمانية.
سادساً: الخلاصة
يؤكد المضمون الإسلامي المتجسد في تصريحات مجمع البحوث الإسلامية أن “فضل الصدقة في رفع البلاء” ليس مجرد عنوان رمزي، بل سياسة أخلاقية واجتماعية عملية تُسهم في بناء مجتمع متكافل وقوي في مواجهة الابتلاءات. كما أن الفقهاء يبيّنون الفرق بين الزكاة والصدقة، مع إبراز أن إخراج الصدقة لأقارب يضاعف الثواب، وأن القرآن الكريم حد مصارف الزكاة الثمانية بما يضمن توزيع الثروة بشكل عادل. في النهاية، يبقى العطاء سمة حضارية ترابط مع مسؤوليات الفرد المسلم تجاه ربه ومجتمعه، وتؤكد أن اليد التي تعطي تساهم في رفع البلاء وتخفيف آلام الفقراء والمحتاجين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































