كتب: سيد محمد
في خطوةٍ غير مسبوقة، أشار مركز الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين JNIM، التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، شنت هجومًا في شمال نيجيريا قرب الحدود مع بنين، وهو ما يمثل دخولها المباشر إلى الساحة النيجيرية. وتزامن ذلك الهجوم مع تغيرات عسكرية أُجريَت في الفترة الأخيرة في نيجيريا، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة السلطات على استباق توسّع الجماعات المتطرفة العابرة لحدود. الهجوم الذي أعلنت نصرة الإسلام والمسلمين مسؤوليتها عنه أسفر عن مقتل جندي، إضافة إلى استيلاء الجماعة على أسلحة ومعدات وأموال. ويعكس هذا الحدث سعي الجماعة، التي تُعتبَر أبرز أذرع القاعدة في إفريقيا، إلى التوسع نحو منطقة خليج غينيا، وهو تحول يعز مخاوف من تغيّر خريطة القوى الإرهابية في المنطقة.
ويشير المرصد في بيانه إلى أن هذا الهجوم شمال ولاية كوارا يرسخ فكرة أن توسيع نفوذ القاعدة في نيجيريا أصبح جزءًا من توجه أوسع لديها، وخاصة مع إعلان الجماعة في يونيو الماضي عن نيتها إنشاء كتيبة داخل نيجيريا. وتُعد كوارا منطقة حدودية استراتيجية تشهد تحديات أمنية ملحوظة، لا سيما من جهة دولة بنين التي شهدت ارتفاعًا في الهجمات المنسوبة إلى المجموعة التي تنشط في بوركينا فاسو والنيجر. يأتي ذلك في ظل ضغوط أمنية داخلية تواجها نيجيريا، جاءت عقب تغيرات واسعة أجراها الرئيس بولا تينوبو في قيادة الجيش. كما حذر القائد الجديد لجيش، الفريق أولوفيمي أولويدي، من نقص الموارد الذي يعرقل جهود الحرب ضد الإرهاب وقطاع الطرق.
توسّع القاعدة في نيجيريا: قراءة المرصد وآفاقه
يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن نشاط الجماعة الموالية لقاعدة في هذه المنطقة وبداية تنفيذ هجمات داخل نيجيريا يعكسان توجهًا متزايدًا لإزاحة أذرع داعش في دول المنطقة وبسط سيطرة تنظيم القاعدة كنوع من الإحلال والاستبدال، خاصة مع اتجاه هذه التنظيمات الإرهابية إلى الامركزية بعد الهزائم العسكرية التي واجهتها في أماكن النشاط الأولى. وهذا التطور يحمل دلاتٍ عميقة، فليس مجرد هجوم محلي، بل مسارٌ يتسع ليشمل منطقة خليج غينيا وربما ساحل غرب إفريقيا، وهو ما يجعل تنسيق الاستجابة الدولية والإقليمية أكثر ضرورة. كما يلفت المرصد إلى أن هذا التحول يفاقم مخاطر زعة الاستقرار في دول الحدود، ويدق ناقوس الخطر من احتمال تصدير نمط ساحلي/غربي من الإرهاب إلى مناطق جديدة في الخليج، وهو ما قد يوقِع الدول المحيطة في دوامة من القلاقل والعنف المستمر.
الهجوم في شمال نيجيريا وآثاره المباشرة على الساحة المحلية
وفق ما أعلنه المرصد، فإن الهجوم وقع في منطقة ذات أهمية استراتيجية، حيث أسفر عن مقتل جندي واستيلاء الجماعة على أسلحة ومعدات وأموال. هذا الحدث ليس مجرد حادث عابر، بل يمثل إيذانًا بقدرة التنظيم على التواجد عسكريًا داخل الأراضي النيجيرية وتوسيع عملياته، مع ما يترتب على ذلك من تأثيرٍ مباشر على أمن السكان المحلين وحياة المسيّرين عبر المناطق الحدودية. كما أن وجود بنين بجوار مكان الحدث يبرز أهمية التعاون الأمني الإقليمي وتبادل المعلومات بين الدول الحدودية في مواجهة موجة العنف العابرة لحدود. وفي ضوء ذلك، يبرز الدور المحوري لسيطرة على المعابر الحدودية وتنسيق جهود الاستخبارات والمراقبة كسبيل لحد من اختراق مثل هذه التنظيمات لشبكات النقل والتجارة في المنطقة.
أبعاد التوسع وتأثيراته على دول الجوار وبنين والنيجر
يُلاحظ أن بنين شهدت مؤخرًا زيادة في الهجمات المنسوبة إلى الجماعة نفسها، وهو ما يكشف عن وجود حراكٍ جماعي يهدف إلى توسيع نطاق نشاط الجماعة عبر الحدود. ولا يُقصر المرصد نظره عند نيجيريا فقط، بل يربط التوسع بتحديات أمنية تمتد إلى دول الجوار مثل بنين والنيجر، حيث تختبر الدول حدودها أمام تهديدات مشتركة. بالتالي، فإن أي تمد في نطاق نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إلى داخل نيجيريا قد يُفتح الباب أمام تصدير نمط هجومي ساحلي/غربي إلى منطقة خليج غينيا، وهو أمر قد يعز احتمالات ظهور تحالفات أوسع بين جماعات إرهابية في الساحل وغرب إفريقيا، وتوفير بيئة دعائية وتجنيدية تستقطب مزيدًا من المقاتلين.
التحديات الأمنية الداخلية في نيجيريا ودورها في مسار التطورات الإقليمية
يُبرز التقرير الداخلي الذي أشار إليه المرصد مخاطر تعلق بإدارة الموارد والقدرات العسكرية في ظل التغيرات التي طالت قيادة الجيش في نيجيريا. فقد حذر القائد الجديد من نقص الموارد الذي قد يعوق تنفيذ الحملات العسكرية ضد الإرهاب والقطع الطرق. وتأتي هذه التحذيرات في وقت يعاني فيه البلد من ضغوطٍ أمنية مستمرة، وتزامنها مع أحداث جيوسياسية تأثر بتطورات في منطقة الساحل. هذه الديناميات الداخلية تفتح باب النقاش حول ضرورة تعزيز التنسيق بين الجهات الأمنية والجهود الاستخبارية، وتوطيد الثقة بين السكان المحلين وقوات الأمن كركيزة أساسية في محاربة التنظيمات المتطرفة، خصوصًا في المناطق الحدودية التي تشكل نقاط عبور رئيسية لمسلحين والمعدات والأسلحة.
قراءة استراتيجية: الإحلال والاستبدال في هيكلة التنظيمات الإرهابية وتداعياته على الأمن الإقليمي
أشار المرصد إلى أن نشاط الجماعة الموالية لقاعدة في المنطقة وانخراطها في نشاطٍ هجومي داخل نيجيريا يعكسان توجهًا لإزاحة أذرع داعش في دول المنطقة، وبسط سيطرة تنظيم القاعدة كبديلٍ أقوى، مع اتجاه التنظيمات الإرهابية إلى الامركزية كآلية مواجهة لهزائم العسكرية. هذا التحليل يشير إلى إعادة ترتيب القوى الإرهابية في الساحل وغرب إفريقيا، ما يجعل من الضروري فهم ديناميكيات التحول والتخطيط لمواجهة تهديدات محتملة في المستقبل. كما يثير التساؤل عن مدى قدرة الدول المعنية على مواجهة هذا التحول من خلال تعزيز قدراتها العملياتية والاستخبارية وتنسيقها عبر الحدود.
التوصيات العملية لمواجهة توسّع القاعدة في نيجيريا وتداعياته الإقليمية
أوصى مرصد الأزهر بإعادة النظر في استراتيجيات السيطرة الحدودية وتفعيل عمليات الاستخبارات المشتركة، ومراقبة تدفّق الأسلحة عبر الحدود، إضافة إلى ضبط المسار الرادع عبر استعادة الثقة بين السكان المحلين وقوات الأمن، وتعزيز القدرات الميدانية في المناطق الحدودية. هذه الترتيبات المقترحة تشكل إطار عمل يمكن أن يساعد الدول المتاخمة في تعزيز منظومة الأمن ومنع انتقال التهديدات عبر الحدود، بينما تظل حريصة على الحفاظ على الاستقرار والتنمية في مجتمعات المنطقة. وفي ظل وجود هكذا تحديات، تبقى أهمية التنسيق الدولي والإقليمي قائمة لتقليل فرص انتشار العنف وتفشي التطرف، وهو هدف تلعب المؤسات الإقليمية والمحلية دورًا محوريًا في تحقيقه.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































