كتبت: فاطمة يونس
تنظر المحكمة الاقتصادية اليوم جلسة محاكمة البلوجر المعروفة بـ«أم مكة» في تهمة نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تضمن ألفاظاً خادشةً لحياء وخروجاً عن الآداب العامة. وتُعد هذه الاتهامات جزءاً من إطار تشريعي يربط بين ما يُمكن اعتباره إساءةً لإطار الأخلاقي وبين العقوبات المقرة لمثل هذه الجرائم. وفي التفاصيل الواردة في الملف القضائي، تُنسب إلى المتهمة سلة من الأعمال التي يُفترض أنها تَناولت محتوىً ينتهك حياء المشاهدين ويخدش الحياء العام. ويُشار إلى أن الجلسة تأتي في إطار متابعة لادعاء العام حول أفعال من شأنها الإخلال بالأداب العامة ونشر محتوى قد يعتبر مخلاً بالحياء لدى جمهور المشاهدين. وتؤكد المصادر القانونية المطروحة في النص أن الأمر يمس مسألة تعلق بالنظام العام والأخلاق، بما يقتضي تطبيق النصوص القانونية ذات الصلة بالتصدي لهذه الأفعال على نحوٍ رادع وقانوني. وفي هذا الإطار، تُطرح مجموعة من الأسئلة حول مدى شمولية القوانين ومتانة إجراءات التقاضي في مثل هذه الدعاوى، دون الدخول في تفاصيل لا سند لها في النص الأصلي. وتؤكد المتابعة القضائية أن المسار القانوني الحالي يركز على مبدأ المساءلة عن نشر محتوى يعارض القيم الأخلاقية، وهو ما يعكس صرامة الإطار العقابي المكرس في قوانين مكافحة الدعارة والعقوبات المرتبطة بإيذاء المجتمع من خلال المحتوى الرقمي.
أبعاد الاتهام والإطار القانوني
تُعَلم المصادر القضائية أن الاتهامات تندرج ضمن إطار عقوبة “عقوبة نشر مقاطع خادشة لحياء” كإحدى جرائم الفسق والفجور المنصوص عليها في القوانين المصرية وتحديداً في قانون مكافحة الدعارة والقوانين العقابية ذات الصلة. ويُشار إلى أن التهمة الأساسية تمثل في نشر مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تضمن ألفاظاً وشقه من المحتوى الذي يخدش الحياء العام، وهو ما ترتب عليه طلب محاكمة المتهمة أمام المحكمة الاقتصادية. وبحسب المواد الواردة في النص الأصلي، فإن العقوبات تدرج بحسب نوع الفعل وما إذا كان يندرج ضمن التحريض على الفجور والدعارة أو ضمن الفعل الفاضح العلني، إضافة إلى التداعيات التي تفرضها بعض الأحكام الخاصة بمراقبة المحكوم عليه عقب الإدانة. وتُظهر النصوص القانونية التي ترد في الملف أن هناك تفصيلات هامة حول طبيعة الجريمة وكيفية إثباتها، وهو ما يعز من أهمية وجود قضاء مستقل يحفظ حقوق الأطراف ويمنح التكيف القانوني الدقيق لوقائع المطروحة أمامه.
الجريمتان المنصوص عليهما وتفسيرهما القانوني
يورد النص القانوني وجود جريمتين أساسيتين يترتب عليهما الحكم بالإدانة في حال ثبوت الفعل المخل بالحياء وفقاً لنصوص الجزائية: الأولى تعلق بنشر مواد إباحية تندرج تحت فئة التحريض على نشر الفسق والفجور، وهو ما تبينه المادة 178 من قانون العقوبات. بموجب هذه المادة، يعاقب كل من نشر مقاطع تصويرية على مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت خادشة لحياة بالحبس لمدة تصل إلى سنتين، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه. هذه العقوبة تُبرز خطورة نشر المحتوى الخادش وكيفية ربطه بنطاقين: النشر العلني لمحتوى والاستخدام العلني لمواقع الرقمية كوسيلة لوصول إلى الجمهور، وهو ما يكشف عن توافقٍ بين النصوص القانونية واقع منصات التواصل الاجتماعي في إثبات الجريمة. وفي ذات السياق، تُبرز المادة 269 مكر ا من المرسوم بقانون رقم 1 لسنة 201 الصادر عن المجلس الأعلى لقوات المسلحة تعديل بعض أحكام قانون العقوبات جملة من العقوبات المرتبطة بتحريك العابرين إلى الفسق أمام المارة. إذ تنص المادة على أن كل من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. كما أن إذا ت كرت الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم النهائي في الجريمة الأولى، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، مع استباب وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة العقوبة. وتضيف المادة 306 مكرًا أ إلى أن العقوبة تصل إلى ستة أشهر على الأقل ولا تجاوز سنتين، مع غرامة بين خمسمائة جنيه وألفي جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من تعرض لشخص بالقول أو بالفعل أو بالإشارة في طريق عام أو مكان مطروق بخدشٍ لحياء، كما أن الحكم يشمل حالات الحدث عبر وسائل الاتصالات السلكية أو الاسلكية، ويتطلب إثبات القصد الجنائي من خلال اتجاه إرادة الجاني لارتكاب الفعل علناً وهو ما يخدش حياء الآخرين.
هذه الأطر القانونية الثلاثة تضع حداً واضحاً لما يعتبر فعلاً مخلّاً بالحياء وتُعين في تحديد نوعية العقوبة المناسبة اعتماداً على طبيعة الفعل وطبيعته الإعلانية أو العلنية، إضافة إلى مدى تكراره ومدى تأثيره في المجتمع.
التدقيق القضائي وآليات التطبيق
ينبغي الإشارة إلى أن النصوص القانونية المذكورة تضع آليات واضحة لإثبات الجريمة؛ فالقصد الجنائي يشكّل عنصراً أساسياً في ثبوت الفعل المخل بالحياء. يتطلب ذلك وجود نية لدى الجاني لارتكاب الفعل المكون لجريمة علناً وبعلمه بأن ذلك الفعل من شأنه أن يخدش حياء الآخرين. وفي سياق المحاكمة الراهنة، تُمثّل هذه الإرشادات إطاراً evidentاً لتنظيم إجراءات المحاكمة وتكيف الاتهام مع الوقائع المطروحة أمام المحكمة الاقتصادية. كما تضمن النصوص عناصر تعلق بمراقبة المحكوم عليه بعد الإدانة كما ورد في المواد المشار إليها، وهو ما يُظهر تركيز القانون على ضمان ألا يتكر الفعل وأن تكون العقوبات رادعة بما يتناسب مع جسامة الفعل المنسوب. ولدى متابعة القضية، تبقى إجراءات الإثبات والعرض أمام القضاء هي التي تحد ما إذا كانت الاتهامات قد رُكِّبت بأدلةٍ كافية أم لا، وهو أمر يظل من حق المتهمين أو من يمثّلهم التفات إليه في إطار الحق في الدفاع.
أثر القانون على الساحة الإعلامية والردود المحتملة
يُفترض أن يترك هذا الملف أثراً على المناقشات العامة حول حرية التعبير والحدود الأخلاقية لمحتوى المنشور عبر منصات التواصل الاجتماعي. فالتعامل القانوني مع مقاطعٍ قد تخدش الحياء العام يضع معادلة دقيقة بين حماية المجتمع من المحتوى المسيء وبين حماية حريات التعبير، مع الإشارة إلى أن العقوبات المرتبطة بنشر المحتوى الخادش لحياء تظل جزءاً منظومةٍ أوسع تُعنى بضبط الإطار الأخلاقي لمجتمع. وتبرز هذه القضايا تحدياتٍ لهياكل الرقابة والتشريعات التي تشرف على المحتوى الرقمي، وتُسهم في توثيق المعاير التي يجب التزام بها من قبل رواد الإعلام الرقمي والمؤثرين. وبقدر ما يتطلب الأمر ضبطاً وتطبيقاً دقيقاً لنصوص، تظل الأسئلة الأساسية حول حدود المسؤولية والمساءلة قيد النقاش بين مختلف الأطراف المعنية، مع التأكيد على أن النصوص القانونية المدروسة تُعطي إطاراً واضحاً لتقيم نوع الفعل والعقوبة المناسبة له بناءً على صراحة الفعل وأثره على المجتمع.
خلاصة القضية والآفاق القانونية لوضع الراهن
من منظور النصوص المعروضة، تظل القضية المطروحة أمام المحكمة الاقتصادية ذات أهمية في سياق فحص حدود المحتوى المسموح بنشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يتصل به من التزامات قانونية. وتظهر النصوص أن الاتهامات تعلق بنشر مقاطع خادشة لحياء وخروج عن الآداب العامة، مع الإشارة إلى تطبيق مواد محدة من قانون مكافحة الدعارة وقانون العقوبات التي تنظم جرائم التحريض على الفسق والفجور والفعل الفاضح العلني وتحديد جزاءات متدرجة وفقاً لظروف. وتؤكد هذه المعطيات أن القضاء يُعنى بتوفير إطارٍ قانوني واضحٍ يوازن بين حماية المجتمع من المحتوى غير الائق وبين حقوق الأفراد في التعبير عن آرائهم ضمن قيمٍ أخلاقية واجتماعية متفق عليها. وتظل النتائج النهائية لمحاكمة مرتبطة بإثبات الوقائع والقراءة الدقيقة لنصوص القانونية وتكيفها مع ما أُدلي به من أدلة، وهو ما سيبينه الحكم القضائي عندما يُصدر قراره النهائية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































