كتب: أحمد عبد السلام
قررت الدائرة الرابعة الاستئنافية بمحكمة جنايات أسيوط إحالة أوراق متهمين إلى المفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهما، وذلك بتهمة قتل طفل بعد أن استدراه وسرقة التوك توك والهاتف المحمول الخاص به، ثم إلقائه من أعلى كوبري الواسطى بنهر النيل بأسيوط. وحددت جلسة اليوم الثالث من دور شهر ديسمبر القادم للنطق بالحكم.
عقدت الجلسة برئاسة المستشار جمال إبراهيم الشريف رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين هاني تاج الدين السيد الرئيس بالمحكمة، ومحمد جمال علي نائب رئيس المحكمة، وأمانة سر عليان جامع ووائل عبد الحميد. حضر الدفاع والمتهمون إذ لم يعقد أي من الأطراف جلسة جديدة خارج إطار الإجراءات القضائية المعتادة. تأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة إجراءات قضائية أخرى تتعلق بواقعة شهدت على صعيد المنطقة حادثة مروعة هزت قرية بني سميع وأثارت نقاشاً واسعاً حول متطلبات الأمن وحقوق الطفل.
تعود وقائع القضية رقم 9840 لسنة 2023 جنايات مركز أبو تيج إلى ورود بلاغ لمركز شرطة أبو تيج من “فام. م. ف” بتغيب نجله “كيرلس” بعد خروجه من مكان العمل على التوك توك الخاص به بقرية بني سميع بمركز أبو تيج. فور بلاغ التغيب، تم تشكيل فريق بحث برئاسة العقيد أحمد عبد الرحمن مخلوف، وكيل إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن أسيوط، للعمل على الكشف عن ملابسات الحادث. اعتمد الفريق في تحرياته على جمع المعلومات ومراجعة كاميرات المراقبة في المنطقة، وهو ما أسفر عن تحديد هوية مرتكبي الواقعة من بين أشخاص سبق الحكم عليهم.
المتابعة الأمنية أظهرت أن المتهمين الثلاثة كانوا يسعون لارتكاب جريمة سرقة التوك توك بالإكراه، مع علمهم بصغر سن المجني عليه وضعفه. تم التخطيط للعمل في مكان مفتوح ويقع فيه مسار التوك توك، مع تجهيز دراجة نارية عاونتهم في تنفيذ المخطط. وفي يوم الواقعة، أوقف أحد المتهمين الأولين المجني عليه أثناء سيره بالتوك توك الخاص به، وطلب منه توصيله إلى مدينة أسيوط أعلى كوبري الواسطى. أثناء السير، اتصل المتهم الأول بالمتهمين الثاني والثالث وأبلغهما بأنه في طريقه إليهما، فاستقلا دراجة نارية أعداها مسبقاً وانتظرا لحظة تنفيذ الجريمة.
عند وصولهم إلى المنطقة المحددة توقف المجني عليه بناءً على طلب المتهم الأول بحجة انتظار وصول أحد الأشخاص. حينها طلب منه المتهم أن يلتقط له بعض الصور عبر هاتفه المحمول على نهر النيل، فجلس على سور كوبري الواسطى لالتقاط الصور. حينها دفعه المتهم الأول من أعلى السور إلى مياه النهر عمدًا، في محاولة لقتله والتخلص منه، بينما كان المتهمان الآخران يراقبان الطريق ويشدّان من أزره. بعد وقوع الحادث، استولى المتهم الأول على التوك توك والهاتف المحمول الخاصين بالمجني عليه ولاذ بالفرار. فيما بعد التقى بالمتهمين الثاني والثالث، ثم قاموا ببيع الهاتف والتوك توك للمتهم الرابع الذي كان يعلم أنهما من متحصلات جريمة السرقة والقتل.
بالنظر إلى الوقائع والتحريات، تم التوصل إلى أن المتهمين الثلاثة ارتكبوا الجريمة بتناغم وتخطيط مسبق، مستغلين صغر سن المجني عليه وضعفه. وقد أُشير إلى أن المتهم الرابع كان على علم بأن الهاتف والتوك توك من عوائد الجريمة، فساهم في البيع وتسهيل نقل المسروقات. عقب ذلك، كشفت الأوراق عن تفاصيل عملية البيع والتوزيع بين المتهمين، وهو ما يُعد دليلاً إضافياً على وجود شبهة اشتراك وتواطؤ في الجريمة، وفقاً للتحقيقات الأولية.
إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي كإجراء قضائي
تشير المعطيات إلى أن الإجراء المقام أمام المحكمة يتضمن إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي لإبداء الرأي الشرعي في الحكم المحتمل. هذا الإجراء يشمل قراءة دقيقة للمرافعات والوقائع وتقييمها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وقانون الإجراءات الجنائية. من المتوقع أن يدرس المفتي مدى جدوى تطبيق حكم الإعدام في هذه الحالة، في ضوء ما تظهره المحاضر والقرائن من حيث شدة الجريمة وتأثيرها على المجتمع والطفل المجني عليه.
تفاصيل واقعة الاستدراج والقتل والتصعيد
كانت الواقعة قد بدأت بخطة محكمة لإيقاع التوك توك وترويج عملية السرقة بشكل يضمن الهروب من الملاحقة. تم اختيار كوبري الواسطى كمسار للجريمة وتحديد نقطة الارتكاز، حيث استغل المتهم الأول ثقة المجني عليه في مساعدته في التقاط الصور، ما مكنه من تنفيذ مخططه بسقوطه من السور إلى مياه النهر. تُظهر التفاصيل وجود تعاون بين المتهمين وتبادل الاتصالات قبل الحادث وتحديد أدوار محددة لكل منهم، بما في ذلك إشعار الآخرين باستعدادهم وتنسيقهم على الأرض.
عناية التحريات وتحديد هوية المتهمين
أثبتت التحريات تعاون فرق الأمن وعلوم الأدلة في تحديد هوية المتهمين وتحديد مواقع تورطهم. أسهمت مراجعة كاميرات المراقبة ومتابعة مسار التوك توك في بناء سلسلة القرائن التي ربطت المتهمين الثلاثة بواقعة السرقة والقتل. كما ساهمت تصريحات مجريات التحقيق في تأكيد وجود نية مبيتة وخطة مسبقة لإزهاق روح المجني عليه وتفتيت التواطؤ بين أفراد العصابة. هذه البيانات شكلت الأساس لقرارات المحكمة بإحالة الأوراق إلى المفتي وتحديد جلسة الحكم القادمة.
الإجراءات أمام المحكمة والنطق بالحكم المتوقع
حددت المحكمة جلسة لبدء النطق بالحكم في اليوم الثالث من دور شهر ديسمبر القادم. ستنظر الهيئة القضائية فيما إذا كانت أدلة الاتهام كافية لإصدار حكم الإعدام أم تستدعي خيارات أخرى وفقاً للنصوص القانونية والشرعية. وبيّن قرار الإحالة إلى المفتي أن المحكمة توظف الآليات القضائية الإسلامية في التقييم النهائي، مع الالتزام بكل إجراءات الاستماع أمام هيئة المحكمة وحقوق الدفاع. كما سيتاح للدفاع عرض دفوعه وتقديم ما يراه مناسباً في إطار هذا الإجراء.
إن الجريمة التي وقعت وما أعقبتها من إجراءات تؤكد أهمية تفعيل منظومات الأمن والضبط القضائي في المناطق الريفية وتوفير حماية أفضل للأطفال. كما تبرز أهمية التعاون بين الجهات الأمنية والعدالة في متابعة مثل هذه القضايا وتقديمها أمام المحاكم في أسرع وقت ممكن. وتظل الإحالة إلى المفتي خطوة ضمن سلسلة الإجراءات الشرعية والقانونية التي تهدف إلى الوصول إلى حكم عادل ومتماشي مع القوانين المعمول بها.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































