كتبت: بسنت الفرماوي
تواجه الأسر المعاصرة سؤالاً أساسياً حول جواز الاقتراض بهدف تجهيز البنات للزواج. وفي هذا السياق تَحدَّث الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حين طُرِح عليه سؤال من سيدة تدعى وفاء من أسيوط حول حكم قرض بنكي لتجهيز ابنتها. قال الشلبي إن المعاملات البنكية في الأصل تندرج ضمن إطار الاستثمار وتدبير الأموال بما يعود بالنفع على الطرفين، بينما الاقتراض من أجل المستلزمات الحياتية لا يُلجأ إليه إلا في وجود ضرورة حقيقية. وإذا كانت الأسرة عاجزة وافتقرت إلى وسائل أخرى لتجهيز ابنتها، جاز الاقتراض للضرورة لتغطية الحاجة فقط شريطة أن تكون هناك قدرة على السداد لاحقاً. كما شدد على أهمية الانطلاق نحو بدائل مثل الجمعيات أو مساعدة الأقارب، مع الإشارة إلى أن تجنّب القروض أولى لتفادي الفوائد وأعباء السداد التي قد تشكل عبئاً مالياً على الأسرة.
الاقتراض للضرورة: الضوابط الشرعية في تجهيز البنات
يؤكد الدكتور شلبي أن الاقتراض للضرورة ليس أمراً مطلقاً بل يجيء فقط عندما تكون هناك ضرورة حقيقية وعجز مالي، مع وجود خيار بديل مناسب. الشرط الأساسي أن تكون الأسرة قادرة على السداد لاحقاً وأن تكون الحاجة مقيدة بحدود محددة وليست وسيلة للإسراف. بناءً على ذلك، ينبغي أن تتوفر وسائل أخرى قبل اللجوء إلى الدين، مثل التماس العون من الجمعيات أو الأقارب. هذه الضوابط تحرص على تجنيب الأسرة الوقوع في أعباء الدين طويلة الأجل وتؤكد أن الهدف هو تغطية حاجة محددة دون زيادة غير مبرَّرة. كما أنها تندرج ضمن إطار الحكمة الشرعية التي توازن بين الضرورة والالتزام المالي، وتدعو إلى التفكير بثبات قبل اتخاذ القرار النهائي.
بدائل عملية لتجهيز البنات وتفادي أعباء القروض
إزاء مسألة التجهيز، يشير أمين الفتوى إلى أن الجمعيات والمساعدة من الأقارب تشكلان خيارات عملية ومقبولة حين تكون هناك ضرورة فعلية. هذه البدائل تعزز إمكانية توفير احتياجات الزواج دون الدخول في دوائر الدين والفوائد التي قد تفرض أعباء ثقيلة على الأسرة. كما أنها تعكس نهجاً اجتماعياً يقوم على التضامن والتكافل، بما يخفف من وطأة الحاجة ويقلل من مخاطر الالتزامات المالية سختة. وفي هذا السياق يصبح التخطيط المالي المبكر والبحث عن الدعم المؤسسي والأسري أمراً حيوياً، نظراً لأن الاستعانة بالبدائل يُفضَّل دوماً على الدخول في مسارات تقود إلى الربا أو ما يشبهه من التزامات عالية الفوائد.
حكم القرض بفائدة من الأصدقاء وتفسير النص الشرعي
في مثال ورد عن صديق يرغب في سلف 30 ألف جنيه مقابل فائدة تبلغها 40%، أوضح أمين الفتوى أن القرض في الإسلام هو عبادة ومعاملة مبنية على الإحسان وليست على الربح المادي. أي اشتراط لهذه الزيادة على أصل القرض يُعد من الربا المحرم شرعاً. كما أكد أن الحكم الشرعي لا يتغير باختلاف الأشخاص أو الظروف، مستشهداً بقول الله تعالى: وأحلّ الله البيع وحرّم الربا. إذا أقرض الصديق ماله على أن يعيده بنفس المبلغ دون زيادة ولا شرط، فالمعاملة جائزة ولا حرج فيها. أما إذا اشترطت الزيادة كشرط في العقد — مثل الفائدة- فذلك حرام شرعاً لأنه ربا صريح. وأضاف أن إذا انطلق الطرفان بعد السداد في إهداء شيء من باب الشكر والمودة دون اتفاق مسبق أو اشتراط، فإن ذلك جائز ولا يدخل في الربا، لأنه من باب الإكرام لا من باب الربا.
تنبيه عملي: أطر تطبيقية لتجنب الربا وفتح آفاق التمويل المسؤول
تؤكد هذه المعطيات أن الأساس في الحكم الشرعي هو وجود ضرورة حقيقية وتوافر بدائل، إلى جانب أن المخرج الأمثل يبقى في تجنّب القروض عندما لا تكون هناك ضرورة ملحّة. وتبرز أهمية التخطيط المالي الأسري وتقدير الاحتياجات بدقة، مع الحرص على اختيار مسارات التمويل التي تضمن سداداً منظماً وتقلل من مخاطر الدخول في ديون بفوائد عالية. كما تشدد التوجيهات على أن الاعتماد على المساعدة الأسرية أو الجمعيات يجب أن يكون خياراً أول، قبل التفكير في اللجوء إلى الاقتراض، حتى لا تتفاقم الأعباء وتنتقل المسألة من حاجة ضرورية إلى عبء مستمر يؤثر في استقرار الأسرة. وتلفت إلى أن إدراك الحدود الشرعية وتطبيقها عملياً يساهم في حماية المجتمع من الوقوع في الربا ومن المخاطر المالية التي قد تعوق مسيرة الزواج وتؤثر في الأسر بشكل عام.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































