كتبت: سلمي السقا
يستضيف المتحف المصري الكبير النسخة السابعة من معرض فن القاهرة، الحدث الفني الدولي الذي يعقد بين22 و26 يناير 2026، ليؤكّد المكانة المتنامية لهذا الحدث كمنصة حوار ثقافي يتقاطع فيه الإبداع العربي مع اللغة العربية بوصفها أكثر من مجرد وسيلة تواصل. وتُعد هذه النسخة مناسبة لإبراز فاعلية العربية كخيطٍ يجمع بين الماضي والحاضر في ظلّ اهتمامات الفن المعاصر، حيث تُتاح للمشاهدين تجربة تتميز بالتجديد والتواصل المفتوح مع الإبداعات التي تنتمي إلى المنطقة وخارجها. وفي إطار الشعار المعتمد لهذا العام «عربياً هنا الفن»، يلتقي التراث الشعري والثقافي العربي مع إبداع المعاصرة، لتتحول الكلمة إلى شكل، والصوت إلى لون، واللغة إلى فضاء حواري ينهل من الهوية العربية ويطوّعها لتفتح باب الحوار الفني والثقافي.
الشعار وتحوّله إلى تجربة بصرية وفكرية
يختار المعرض هذا العام أن يجعل من اللغة العربية محورا رئيسيا يلتقي مع الفن المعاصر في إطارٍ يحوّل المفردة اللغوية إلى وسيط تعبيري يتيح للمشاركين والمتلقين جسوراً جديدة مع الأعمال الفنية. فالشعار «عربياً هنا الفن» ليس مجرد عنوان، بل هو دعوة لإدراك أن العربية ليست وسيلة اتصالات فحسب، وإنما هي معجزة حضارية تشترك في صناعتها وتبادلها الشعوب والجهات المشاركة في المعرض. ولتثبيت هذا التوجه، يعيد المعرض نفسه إلى صلب الاستمرار الثقافي في مصر، حيث يعزز قدرة العربية على التعبير الفني وتوفير فضاءٍ يسمح بتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات بين الفنانين والجماهير.
المتحف المصري الكبير: فصلٌ جديد في مشهد الثقافة المصرية
يأتي إقامة المعرض في المتحف المصري الكبير في دورته الرابعة داخل هذا الصرح الثقافي الاستثنائي الذي افتُتح رسمياً في 1 نوفمبر 2025. وهذا الافتتاح يعكس رؤية مصر الثقافية ومستقبلها الواعد، حيث أصبح GEM أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة ومعلمًا ثقافيًا بارزًا يعكس طموحات البلد في تعزيز الحوار الفني وتبادل المعرفة داخل مصر وخارجها. وفي هذا السياق، يواصل المتحف المصري الكبير تعزيز مكانته كمنصة عالمية تجمع بين الإبداع المحلي والإسهامات الدولية، ويمثل الحفاظ على التراث والالتزام بالابتكار رسالةً مفتوحة للجميع. وتأتي نسخة هذا العام من فن القاهرة مباشرةً بعد افتتاح المتحف، ما يعزز دوره كمركزٍ إبداعي وحوارٍ ثقافي يربط بين الماضي والحاضر ويتطلع إلى مستقبلٍ يفتح آفاقاً جديدة للفنون.
التنوع العِرقي والإقليمي للمشاركين
يستقطب فن القاهرة في جولته السادسة والسبعين مجموعة واسعة من العارضين من العالم العربي وخارجه، مع مشاركة مؤسسات بارزة من مصر ولبنان والأردن، بالإضافة إلى مشاركات جديدة من المغرب وتونس والجزائر وتركيا والسنغال ونيجيريا. يعكس هذا الشمول مدى اتساع نطاق المعرض وتنوعه، كما يعكس التزام المنظّمين بتوفير منصة تشمل مختلف الأصوات والتجارب الفنية في المنطقة وخارجها. كما يشير هذا التنوع إلى رغبة المعرض في إتاحة مساحة فعلية للمبادرات الفنية التي تولد حوارات وتبادلات ثقافية تجمع ما بين الإبداع المحلي والتجارب الدولية، وتفتح باب التعاون بين صالات العرض الفنية الكبرى من المنطقة والعالم.
تكريم فنانٍ ذي أثرٍ في المشهد المصري
وفي إطار احتفال المعرض بمسارات فنية راسخة، ستُقام تكريمات خاصة للفنان جرجس لطفي، تقديراً لمسيرته الفنية المميزة وإسهاماته المؤثرة في المشهد الفني المصري وتأثيره الكبير على الفن المعاصر. يعكس هذا التكريم التقديرَ لمسيرةٍ إبداعية أثرت المشهد البصري وتولت مهمة تحفيز الأجيال الجديدة وتوفير نموذجٍ يحتذى به في التفاني والابتكار. كما يرسخ التكريم مكانة الفن المصري في سياقه الإقليمي والدولي كجزءٍ لا يتجزّأ من الحوار الفني المفتوح الذي يسعى لإبراز إسهامات الفنانين في تشكيل هوية المكان والزمان من خلال أعمالهم.
أرقام سابقة تعزز مكانة المعرض في المشهد الثقافي
شهدت النسخة السادسة من المعرض حضوراً واسعاً تجاوز 15,000 زائر على مدار خمسة أيام في GEM، وهو رقم يعكس الاهتمام الكبير من قبل الجمهور بالفنون المعاصرة وبالتجربة التي يوفرها المعرض. كما سجلت المبيعات خلال تلك الدورة أكثر من 1.2 مليون دولار، ما يعكس الثقة بفعالية المعرض كمنصة تجارية وثقافية في آن واحد. وتؤكد هذه الأرقام المكانة المتنامية لفن القاهرة كإحدى أبرز الفعاليات الفنية في المنطقة، وتُبرز كذلك نجاح عملية الدمج بين العطاء الفني والتفاعل الجماهيري، وهو ما يعزز استمرار النمو والتوسع في السنين القادمة.
رسالة المعرض ودوره في المشهد الفني المحلي والإقليمي
يُكمل محمد يونس، مؤسس ومدير “فن القاهرة”، رسالته القائلة بأن النسخة السابعة من المعرض ليست مجرد حدث فني، بل منصة تدعم وتمكّن الفنانين وصالات العرض العربية وتبرز المواهب الإبداعية من المنطقة وتوفر مساحة ملهمة ومفتوحة للجميع. يضيف أن الهدف الأساسي للنسخة الراهنة هو تعزيز المشهد الفني المحلي والإقليمي وترسيخ حوار فني وثقافي نابع من المنطقة. في هذا الإطار، يواصل المعرض بحثه عن شبكة تعاون دولية تسمح بتبادل الخبرات بين فنانين ومؤسسات من مصر إلى لبنان والأردن وغيرهم، وتدعو الجماهير إلى المشاركة في تجربة فنية حية تتيح لهم رؤية تنوع الإبداعات العربية وتفاعلها مع الفنون العالمية.
إطارٌ تنظيمي يركز على الهوية والإبداع
إن اختيار شعار عربي ينعكس على جميع عناصر المعرض، من طريقة عرض الأعمال إلى الأساليب والوسائط الفنية المعروضة، ومن الوسائط التي تتكامل مع الكلمة لتخلق فضاءً مفتوحاً للحوار الفني. فبالإضافة إلى الأعمال المعروضة، يشكل ت presenza العربية في هذه النسخة رسالةً إلى العالم بأن الهوية الثقافية العربية لا تزال حاضرة وقادرة على التطور والتجدد عبر الإبداعات المعاصرة. كما أن الجمع بين العربية والفنون المعاصرة يعزز من قدرة المعرض على استقطاب جمهور محلي وعالمي يبحث عن تجربة ثقافية غنية ومميزة تجمع بين التراث والابتكار.
ختام غير مُحدَّد وخيارٌ مفتوح للمستقبل
هذا المعرض ليس حدثاً عادياً في أجندة الفنون، بل هو محطة ثقافية تُبرز كيف يمكن للغة واحدة أن تكون جسراً يربط بين الشعوب، وكيف يمكن لفنٍ يعبر الحدود أن يبني جسور تفاهم وتبادل معرفي وجمالي. ومع افتتاح GEM وبدء النسخة السابعة من فن القاهرة، يتأكد أن مصر تمضي قدماً في تمكين المشهد الفني المحلي والإقليمي من خلال رؤية تُركّز على التواصل والشراكة والابتكار. فيما يظل المستقبل حافلاً بمزيد من المبادرات والتعاونات التي ستواصل تعزيز مكانة فن القاهرة كمنصة إبداعية عالمية تحترم الهوية وتفتح أبواباً جديدة للحوار الفني والثقافي.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































