كتب: صهيب شمس
كشف عالم الآثار الياباني ساكوجي يوشيمورا عن عمق ارتباطه بمصر، البلد الذي وصفه بأنه وطنه الثاني، وهو الوصف الذي يعكس مدى الانتماء الذي ربطه بالبلد عبر سنوات طويلة من العمل والاكتشاف. أشار يوشيمورا في لقاء مع جريدة اليوم السابع إلى أن بداية مسيرته في الأراضي المصرية تعود إلى عام 196، حين تولى قيادة بعثة أثرية في مصر، ليكون بذلك أول ياباني يتولى زمام بعثة أثرية في هذا البلد العريق. وفي حديثه الذي يؤكد أن العلاقة مع مصر ليست مجرد علاقة مهنية، قال يوشيمورا: “علاقتي بمصر ليست مهنية فقط، بل هي جزء من حياتي الشخصية والعلمية. جئت إلى هنا منذ أكثر من ستين عامًا، ومنذ ذلك الحين أعتبرها وطني الثاني.” كما أشار إلى وجود أبعاد أخرى لهذه العلاقة التي تواصلت عبر عقود من البحث والاحترام المتبادل بين الحضارة المصرية القديمة وعلوم الآثار الحديثة. وخلال حديثه مع اليوم السابع، أوضح أنه سيتيح نشر الحوار بالكامل لاحقًا، وهو ما يعكس حرصه على مشاركة تجربته الطويلة مع الجمهور والمهتمين بالتراث المصري.
العلاقة العميقة بين يوشيمورا ومصر: مصر وطني الثاني في العمق والروابط
من الواضح أن يوشيمورا ظل يربط حياته البحثية بشريان متين يربط بين اليابان ومصر من خلال العمل الأكاديمي والاكتشافات الميدانية. فقد أشار إلى أن مصر ليست مكاناً يطارد فيه النتائج فحسب، بل هي وطن يضفي على وجوده وهويته العلمية معنى أعمق. هذا التصور لا يغيب عنه تاريخ طويل من العمل في موقع أثري؛ فهو يعز فكرة أن بلداً مثل مصر يظل جزءاً من الهوية الشخصية لمؤرّخ والباحث حين يتحول العمل العلمي إلى أسلوب حياة. ولدى قراءة تصريحاته، يتضح أن مصر بالنسبة له ليست مجرد محطة في مسار مهني، بل هي محور تشكل شخصية علمية وثقافة إنسانية يتجاوز فيها القارئ حدود المكان والزمان. وفي سياق هذا الارتباط، يتبين أن مفهوم “الوطن الثاني” ليس خياراً عابراً، بل تعبير عن علاقة طويلة تمتد لأكثر من ستة عقود من التفاعل مع مواقع أثرية، من colaboration مع نظراء محلين إلى المشاركة في اكتشافات تفرض حضورها في سجل الحضارة الإنسانية.
بداية المشوار في مصر وتولي قيادة أول بعثة أثرية يابانية
بدأت قصة ساكوجي يوشيمورا في مصر منذ عام 196، حين اتخذ خطوة تاريخية بأن يكون أول ياباني يتولى قيادة بعثة أثرية في الأراضي المصرية. هذه الخطوة لم تكن مجرد ترقية وظيفية، بل مثلت انعطافاً تاريخياً في مسار العلاقات العلمية بين بلدين يمتلك كل منهما حضارته الغنية. من خلال قيادته لهذه البعثة، أتاح يوشيمورا نفسه لأفقٍ أوسع من البحث والتنقيب، وهو ما يمثل علامة فارقة في تاريخ الاستكشاف العلمي في المنطقة. ويعكس اختياره لمغامرة الأكاديمية في مصر رغبة عميقة في فهم الحضارة المصرية القديمة من زاوية علمية دقيقة وتقديم مساهمة ملموسة في رصيد الاكتشافات الأثرية. بخصوص هذه النقطة الحرجة، يؤكد الباحث دائماً على أن العلاقات العلمية بين الدول يمكن أن تكون جسوراً لسلام والتعاون من خلال العلم والتعليم، وأن العمل في مصر هو في النهاية شرف كبير لأي باحث أثري في العالم.
الإسهامات والاكتشافات الكبرى: دور يوشيمورا في رصد مراكب الملك خوفو
لا تقتصر سيرة يوشيمورا على كونه رائداً في مجال إدارة بعثات أثرية، بل تمتد إلى مساهماته الموسة في الاكتشافات الأثرية الكبرى. من بين هذه الإسهامات البارزة الإشارة إلى مساهمته في اكتشاف إحدى مراكب الملك خوفو، وهو اكتشاف يحمل قيمة تاريخية وإثرية كبيرة في سجل الحضارة المصرية. هذه المساهمة تعكس مدى التفاعل المتبادل بين الخبرة البحثية والتقنيات العلمية الحديثة في مصر، وتؤكد أن العمل في هذه المنطقة ظل يؤدي إلى نتائج ذات أثر عالمي. كما أن وجود مثل هذه الاكتشافات يعز مكانة مصر كمنصة مهمة لبحوث الأثرية العالمية، ويرسخ في الذاكرة البحثية أن جهود العلماء من مختلف البلدان يمكن أن تثمر في مواد تاريخية تعيد رسم ملامح فترات بعينها من تاريخ البشرية. وعلى صعيد آخر، يشير يوشيمورا إلى أن العمل في مصر كان دائماً مصدر فخر واعتزاز لأي باحث، كونه يجمع بين التقاليد العلمية والإنجازات الموسة في ميادين البحث.
رؤية علمية وتقدير مهني: قيمة العمل في مصر كمعيار لشرف الأكاديمي
يتسق حديث يوشيمورا مع فهم عميق لقيمة البحث العلمي في مصر، حيث يرى أن العمل هناك ليس مجرد وظيفة أو مهمة بحثية، بل يمثل شرفاً عظيماً في عالم الآثار. فالمكان الذي يحوي حضارة عريقة كحضارة مصر القديمة يوفر لعلماء فرصة لا تعوض لاستكشاف تاريخ طويل ومتنوع، كما يمنحهم منصة لتطوير أساليبهم وتحسين تقنياتهم وتوثيقهم لنتائجهم بدقة. وفي سياق هذا الرؤية، يشد على أن أي باحث أثري يتعامل مع مصر يدرك أن التحديات والفرص موجودة معاً، وأن الإسهام في هذا المجال يمنح المرء مكانة ميزة في المجتمع الأكاديمي العالمي. إن مثل هذه التصورات تعكس تقديراً عميقاً لتاريخ المصري وقدرته على إلهام الباحثين من جميع أنحاء العالم، وتؤكد أن مصر تظل وجهة بحثية راسخة تبقى محط أنظار المجتمع العلمي.
الوطن الثاني وتكامل الهوية بين الحياة الشخصية والبحث العلمي
يؤكد يوشيمورا أن مصر ليست مجرد بلد عمل بالنسبة له، بل هي جزء من حياته الشخصية والعلمية، وهو ما ينعكس في عبارة وطنه الثاني التي يكرها عندما يتحدث عن علاقته بمصر. هذا التكامل بين الهوية والبحث يعكس كيف يمكن لعلم أن ينسج الإنسان مع المكان الذي يعشقه ويؤمن بجدوى وجوده فيه. مستقبل الباحث لا يقتصر على نتائج الدراسات فحسب، بل يربط أيضاً بتجربة الحياة اليومية، وبالاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة التي يسعى إلى فهمها ونقلها إلى جمهور أوسع. إن رؤية يوشيمورا لهذه العلاقة تعلمنا أن العلم ليس نشاطاً منعزلاً، بل هو مسار يفتح أبواب التفاهم والتبادل الثقافي بين الشعوب. وفي إطار هذه الرؤية، تبقى مصر في قلب تجربته العلمية والشخصية، وهو ما يجعل من هذا البلد وطني الثاني بالمعنى الروحي والمهني على حد سواء.
الإفصاح عن الحوار الكامل والتأمل المستقبلي في المسار العلمي
في ختام حديثه مع اليوم السابع، أشار ساكوجي يوشيمورا إلى أنه سيقوم بنشر الحوار بالكامل لاحقاً، وهو إعلان يعكس أهمية الاستماع إلى صوت الباحثين وتجاربهم الطويلة في ميادين الاكتشاف. هذا الوعد يعز فكرة أن المعرفة العلمية يمكن أن تسع لتشمل تفاصيل وتشابكات تجربة الباحثين، وأن مشاركة مثل هذه التفاصيل تثري القارئ والمهتمين بالمجال. كما يفتح الباب أمام نقاش موسع حول مستقبل الأبحاث في مصر وخارجها، وكيف يمكن لخبرات المتراكمة لعالمين أن تُسهم في تعزيز فهم الماضي وتوجيه البحث العلمي إلى آفاق جديدة. وبينما ينتظر الجمهور الحوار الكامل، يظل ارتباطه بمصر مثالاً حياً على كيف يمكن لعلم أن يخلق جسوراً بين الشعوب، ويؤس احتراماً متبادلاً يُسهم في تقوية الروابط الأكاديمية والثقافية.
خلاصة الروابط بين العلم والتاريخ في تجربة يوشيمورا
إن تجربة يوشيمورا في مصر تكشف عن قيمة التاريخ كمرجع حي يتجد مع كل بحث جديد، وتبرز كيف أن وجود باحث عنصره الأساسي هو الإلتزام بنقل المعرفة إلى الأجيال القادمة. من خلال عمله الذي امتد لأكثر من ستين عاماً، يظل الدور الذي لعبه في مصر مثالاً يقتدي به الباحثون في مجال الآثار عن كيفية بناء مسيرة مهنية تجمع بين الانخراط العميق في تاريخ بلد ما واحترامه لثقافة شعبه. كما تؤكد القص التي يرويها أن المعارف القديمة لا تأفل، بل تجد حين يلمسها التفتح العلمي والتزام الأخلاقي تجاه الحضارة والشعوب التي صنعت تلك الحضارة. وفي ظل هذه الحقيقة، يظل اسم ساكوجي يوشيمورا مرتبطاً بمكانٍ يتخطى زمانه، وهو مصر التي لطالما كانت وستظل مصدراً لإلهام والاكتشاف.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































