كتبت: بسنت الفرماوي
لم يكن اسم ترامب على ورقة الاقتراع، كما قال في منشور غير رسمي نشره على حسابه في منصة تروث سوشيال، لكن كلامه لم يمنع من أن تُسجل نتائج الانتخابات التي جرت اليلة هزيمة لجمهورين أمام الديمقراطين. وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه النتائج بأنها “انتكاسة نكراء”، ثم سارع إلى التنصل من المسؤولية عنها، مبراً خسارة حزبه بأن الإغلاق الحكومي، وهو العامل الأكثر تكراً في تعليقاته، كان سباً رئيسياً في تراجع الجمهورين في مزيج من الولايات والمدن الكبرى. وتزامنت تصريحات ترامب مع موجة من الانتصارات الديمقراطية، وهو ما تعز منذ الآن كإشارات مبكرة عن تغير في المزاج السياسي الأمريكي تجاه إدارة ترامب خلال الشهور التسعة الأولى من ولايته. وفقاً لآراء خبراء استطلاعات الرأي الذين تابعوا النتائج، فإن الإقرار بالهزيمة لا ينفي وجود عوامل سياسية أخرى تساهم في تراجع الحزب الجمهوري أمام الديمقراطين في سلة من الانتخابات التي جرت في أوقات حساسة لمشهد السياسي الأمريكي.
إقرار ترامب بهزيمة الجمهورين وتفسيراته السياسية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمرة الأولى بعد إعلان نتائج الانتخابات، اعترافه بهزيمة الجمهورين أمام الديمقراطين. أشار إلى أن عدم ظهور اسمه على ورقة الاقتراع كان أحد الأسباب أو العوامل التي أسهمت في الخسارة، مبراً ذلك بإغلاق حكومي وصفه بأنه العنصر الآخر الذي أثر سلباً على حظوظ الجمهورين في هذه الانتخابات. جاءت هذه التصريحات بعدما ظل ترامب يحذر من وجوب تقيم نتائج الانتخابات من زاوية المسؤولية الشخصية لحزب الحاكم، مع الإشارة إلى أنه لن يتحمل تبعات النتائج وحده. كما أشار إلى أن ما حدث ليس انعكاساً شاملاً لسياسات الدولة، وإنما تداخل عوامل انتخابية محدودة بجغرافية معينة وبطبيعة التنافس القائم. وتؤكد هذه التصريحات وجود رغبة في إرجاع الوم إلى عوامل خارجية وشخصية، وهو ما يعكس رغبة في حماية موقعه السياسي وشق طريقه في إطار المعركة الانتخابية المقبلة. وتكتسب هذه التصريحات أهمية خاصة في ظل وجود استنتاجات متواترة لدى بعض المحلين حول أن التغير في المزاج الشعبي ليس مرتبطاً بعامل واحد، بل بمجموع تأثيرات متداخلة تعلق بالتوقيت والموارد الحكومية والأداء في المنظومات المحلية.
انتصارات الديمقراطين في مدن ولايات كبرى وتداعياتها
بالإطار نفسه، سجلت الديمقراطية فوزاً واضحاً في عد من الولايات والمدن الكبرى، وهو ما يعز حضور الحزب في مواقع السلطة المحلية ويطرح أسئلة حول نمط ومحتوى القيادة المقبلة. من أبرز النتائج أن زهران مداني فاز بمنصب عمدة مدينة نيورك ليصبح أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ المدينة، متفوقاً على المرشح الجمهوري كورتس سليوا، والمرشح المستقل أندرو كومو، وهو الأخير الذي حظي بدعم من ترامب. ومع أن مداني يبلغ من العمر 3 عاماً، إلا أن فوزه وضع الديمقراطين في موقع أقوى من حيث تمثيل الأقليات والتنوع العِرقي والديني في هيئة المدينة الأهم اقتصادياً وثقافياً في الولايات المتحدة. وتأتي هذه النتائج في سياق تعز فيه الصورة العامة بأن الديمقراطين يحقون نتائج ملموسة في معارك الانتخابات المحلية، وهو ما يُعز فرص الحزب في توظيف هذه الانتصارات كرافعة سياسية خلال الشهور المقبلة في مسارات الحكم المحلي والوطني. وتأتي الانتصارات المحسوبة في نيورك في وقت تشهد فيه البلاد جدلاً متزايداً حول ملامح الدستور السياسي والاتجاهات الحزبية، وهو ما يجعل فوز مداني أمراً ذا دلات رمزية عميقة، خصوصاً مع الحديث عن تمثيل أقليات دينية وعرقية في مناصب قيادية هامة ومفصلية.
تقدم الديمقراطين في مناصب حاكمة محلية أخرى
إلى جانب فوز مداني، سجلت الديمقراطية فوزاً بارزاً في انتخابات حاكمة ولاية فرجينيا عبر فوز أبيجيل سبانبرجر بمنصب الحاكم، لتصبح أول امرأة تولى هذا المنصب في تاريخ الولاية. كما تمكنت المرشحة الديمقراطية ميكي شيريل من حصد منصب حاكمة ولاية نيوجيرسي، وهو ما يعز حضور الحزب الديمقراطي في مواقع الحكم المحلية ويُعدّ علامة مهمة على تطور المزاج السياسي في الولايات ذاتها وفي مدنها الكبرى. هذه الانتصارات المتعاقبة تشير إلى أن الديمقراطين يمكن أن يعزوا وجودهم المؤسي في آنٍ مع تقوية مواقعهم في هيئات الحكومات الإقليمية، وهو ما قد يسهم في وضع تصورات جديدة حول شكل الإدارة المحلية مستقبلاً. ويُنظر إلى هذه النتائج كإشارات مبكرة إلى توجهات قد تغير في مراكز السلطة المحلية، وهو ما قد يؤثر في طريقة تفاعل الإدارتين المركزية والمحلية مع قضايا الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم في الولايات التي شهدت تغيرات كبيرة في قياداتها.
حملة ترامب والوبي الصهيوني وتأثيرها على المزاج السياسي
أشار النص في سياق تقريره إلى وجود حملة شرسة شُنَّت ضد زهران مداني من جانب الرئيس الأمريكي والوبي الصهيوني، وهو ما يوضح أن العلاقة بين القوى المؤثرة وعمليات الترشح في الولايات الكبرى تلعب دوراً حاسماً في نتائج الانتخابات. وتحدثت التحليلات عن وجود ضغوط وتكتيكات تسبت في توجيه رسائل حاسمة إلى الناخبين حول قضايا متصلة بالسياسة الخارجية والتمثيل الديني، ما يجعل المعركة الانتخابية أكثر تشابكاً من مجرد جدل محلي. هذه العوامل، بجانب الاعتبارات الأخرى المذكورة، تكامل لتكريس واقع أن النتائج لم تكن محلية فحسب، بل انعكاس لطبيعة تفاعل القوى السياسية الوطنية مع تأثيرات السلوك القيادي، وهو ما يفتح باً لنقاش حول كيفية تعامل الحزبين الأساسين مع التحديات القائمة على مستوى البلاد.
مؤشرات تبدل المزاج السياسي وتداعياتها المحتملة
يختم هذا السياق بمؤشرات تبدل المزاج السياسي الأمريكي تجاه إدارة ترامب، وهو ما يعتبره المحلون دلالة مبكرة على قدرة الديمقراطين في استغلال الرصيد الشعبي المتغير لصالحهم في مواجهة سياسات الإدارة الحالية. فوز الديمقراطين في مناصب حاكمة وأبرز المناصب البلدية يمنح الحزبين قاعدة أكثر اتساعاً لعمل السياسي على المستوى المحلي، كما يعز وجوده في صناديق الاقتراع خلال الانتخابات القادمة. وفي المقابل، يعكس الاعتراف من قبل ترامب بخسارة الجمهورين إحجاماً عن تحمل كامل المسؤولية وتوجيه الوم إلى عوامل محدة قد تكون خارجية بقدر ما هي بنيوية ضمن السياق السياسي العام. هذا التفاعل بين الاعتراف بالهزيمة ورؤية الحزب لمسؤولية يشير إلى أن المشهد السياسي قد يشهد تغيراً تدريجياً في تحالفاته وتوجهاته، وهو ما يجعل من الانتخابات القادمة محطة مهمة في مسار الحزبين قبل الدخول في سياق أوسع من الاستحقات الوطنية المقبلة. وإن كانت نتائج هذه الانتخابات تمثل عبئاً سياً على الإدارة الأمريكية، فإنها أيضاً تعكس قدرة الديمقراطين على توظيف مناخ الفوز في المدن الكبرى والولايات الحاسمة كأداة سياسية في السباقات الانتخابية التالية، وهو أمر قد يغير من المعادلة الانتخابية خلال الفترة المقبلة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































