كتب: إسلام السقا
نيابة عن الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، شارك رأفت شفيق، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للحماية الاجتماعية وبرامج دعم شبكات الأمان الاجتماعي والتمكين الاقتصادي والتنمية البشرية ومدير برنامج الدعم النقدي “تكافل وكرامة”، في جلسة ضمن فعاليات القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي عقدت في الدوحة، وتأتي هذه المشاركة في إطار نقاش أوسع حول التحول من النمو إلى العدالة الاجتماعية. وفي سياق الجلسة، جرى عرض رؤية تركّز على أن النمو الاقتصادي ليس غاية في ذاته، وإنما وسيلة تتيح تحقيق العدالة الاجتماعية بالشكل الذي يضمن توفير وظائف كريمة ويقود إلى الخروج من دائرة الفقر. كما تناولت الجلسة ثلاث ركائز رئيسية تشكّل حجر الأساس للسياسات الاجتماعية في المرحلة الراهنة: التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، إضافة إلى تحسين البيئة التنظيمية ومناخ الأعمال، ودمج القطاع الخاص في جهود التنمية. وفي إطار الموضوعات ذات الأولوية، تم استعراض القطاعات الحيوية التي تحتاج إلى دعم وتطوير مثل الطاقة والزراعة والصحة والسياحة والصناعات التحويلية، مع الإبقاء على التحديات العالمية الماثلة أمام التنمية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، والفجوة الرقمية، والهشاشة، والنزاعات. وفي هذه الجلسة أُبرز التحول الكبير في تقديم المساعدات النقدية لبرنامج تكافل وكرامة، حيث تمت الإشارة إلى وصول البرامج إلى 7.8 مليون أسرة على مدار عقد من الزمن. كما أشارت المعطيات إلى أن الميزانية المخصصة لهذه البرامج شهدت ارتفاعاً ملحوظاً من 3.4 مليار جنيه في عام 2015 إلى 54 مليار جنيه في عام 2025، وهو ما يعكس التوجه نحو تعزيز الحماية الاجتماعية وتوفير شبكة أمان فعّالة للمواطنين. وتؤكد النقاشات أن البرنامج أصبح يعتمد قاعدة بيانات ضخمة تشمل 55 مليون فرد، وهو ما يربط الأسر بالخدمات الصحية والاجتماعية، مع وجود نظام متكامل لتوجيه الخدمات بدقة وبشكل أكثر كفاءة. هذه التطورات تؤكد أن تكافل وكرامة ليس مجرد آلية دعم نقدي، بل إطاراً تنظيمياً يهدف إلى ترابط الخدمات وتوجيه الموارد نحو الفئات الأكثر حاجة، بما يساهم في بناء منظومة حماية اجتماعية متماسكة وحديثة.
تكافل وكرامة في صلب العدالة الاجتماعية
تأتي هذه الفعالية في الدوحة لتؤكد أن برنامج تكافل وكرامة بات عنصراً محورياً في توجيه السياسات الاجتماعية نحو العدالة العامة. فالمفاهيم المطروحة تركز على ربط المساعدات بالخدمات الحيوية، وتحديداً في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، بما يضمن ليس فقط توفير الدعم النقدي، وإنما أيضاً تعزيز فرص المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. في هذه الرؤية، يعتبر تكافل وكرامة أكثر من مجرد جسر يمر عبره المواطنون إلى الخدمات، بل هو منظومة متكاملة تتيح توجيه الموارد نحو الفئات الأضعف من المجتمع بصورة دائمة ومستدامة. إن الربط بين الحماية الاجتماعية وتطوير البيئة التنظيمية ومناخ الأعمال يعزز من القدرات الوطنية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ويسمح بتخصيص الموارد وفق الأولويات الوطنية، بما يهيئ مناخاً أكثر عدلاً وأكثر كفاءة في توزيع الفرص.
ركائز التنمية الاجتماعية كإطار للسياسات الاقتصادية العامة
خلال الجلسة، تم التركيز على ثلاث ركائز أساسية تشكل إطاراً عاماً للسياسات التي ترسمها وزارة التضامن الاجتماعي وشركاؤها: التعليم الذي يفتح أبواب التمكين والمعرفة، الصحة التي تؤمن رصيداً من العافية والقدرة على الإنتاج، والحماية الاجتماعية التي تضمن شبكة أمان مستدامة. إضافة إلى ذلك، جرى التأكيد على أهمية تحسين البيئة التنظيمية ومناخ الأعمال، مع تعزيز دمج القطاع الخاص في جهود التنمية ليكون شريكاً فاعلاً يمكنه تعزيز الكفاءة وتوفير حلول مبتكرة. كما رُتكزت الرؤية على تحديد القطاعات ذات الأولوية والتي تحتاج إلى دعم مركّز من بينها الطاقة والزراعة والصحة والسياحة والصناعات التحويلية، في إطار سعي الدولة إلى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال مسارات اقتصادية واجتماعية متكاملة تقود إلى الحد من الفقر وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
التحول في آليات الدعم: من الإغاثة إلى الاستدامة
عرضت الجلسة التحول الكبير في آليات تقديم الدعم النقدي عبر برنامج تكافل وكرامة، حيث تمت الإشارة إلى أن البرنامج شهد إسناداً مستمراً وتطوراً على مدى عشر سنوات ليصل إلى 7.8 مليون أسرة. وهذا التحول يعكس التزاماً واضحاً بالاستدامة والفاعلية، مع توسيع قاعدة المستفيدين وتحديث آليات الوصول إلى المساعدات بشكل يضمن الشفافية والدقة في التوزيع. كما أوضحت العروض أن زيادة الميزانية من 3.4 مليار جنيه خلال عام 2015 إلى 54 مليار جنيه في 2025 يمثل تعبيراً حياً عن التزام الحكومة بتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية وتوفير سبل الدعم الموثوقة للمواطنين الأكثر حاجة. هذه الزيادة تمثل خطوة ملموسة نحو تعزيز قدرات البرنامج وتوسيع نطاق خدماته ليشمل فئات أوسع، بما في ذلك أطفال من الولادة حتى سن الخمس عشر سنوات، وهو ما يعكس تنويعاً في البرامج المساندة وتطويراً في آليات التوجيه والخدمات المقدمة.
قاعدة البيانات والتوجيه الدقيق للخدمات
يُبرز العرض المقدم خلال الجلسة أن تكافل وكرامة يعتمد قاعدة بيانات ضخمة تبلغ 55 مليون فرد، وهو رقم يعكس حجم التغطية الذي يستهدفه البرنامج وأثره المحتمل في ربط الأسر بالخدمات الصحية والاجتماعية. هذه القاعدة تُعد أحد الأعمدة الأساسية في منظومة التكامل بين برامج الدعم والخدمات العامة، حيث تتيح ربط المستفيدين بمختلف الخدمات بآليات واضحة وفعالة، وتدعم اتخاذ القرار على مستوى السياسات من خلال بيانات دقيقة وشاملة. كما يركز النظام المتكامل لتوجيه الخدمات على ضمان وصول الدعم إلى الأشخاص والأسر الأكثر احتياجاً، وتخصيص الموارد وفق معايير محددة تتيح تحسين فعالية الإنفاق وتعميق أثر الحماية الاجتماعية على مستوى الأفراد والمجتمعات. في هذا الإطار، يتضح أن تكافل وكرامة يتحول من مجرد آلية توزيع نقدي إلى بنية تنظيمية تدير وتراقب توجيه الخدمات بشكل يساعد في بناء شبكة أمان شاملة ومتكاملة.
التحديات العالمية وفرص الدمج مع القطاع الخاص
لا يغيب عن النقاش في هذه الجلسة الحديث عن التحديات العالمية التي تواجه جهود التنمية، مثل تطورات الذكاء الاصطناعي والفجوة الرقمية والهشاشة في بعض المناطق، إضافة إلى النزاعات التي تؤثر سلباً على الاقتصادات المحلية وسبل العيش. وتؤكد الرؤية المطروحة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتبني آليات أكثر فاعلية في تصميم السياسات العامة وتوجيه الاستثمار بما يواكب التطورات التقنية ويقلل من أثرها السلبي، مع العمل على رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين. كما يجري التأكيد على أهمية إدماج القطاع الخاص في جهود التنمية كدعامة لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث يسهم ذلك في توفير فرص عمل وتحفيز الابتكار ونقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى الاقتصاد الوطني، وهو ما يتكامل مع أهداف التكافل وكرامة في بناء أساس اجتماعي أقوى وأكثر قدرة على تحمل التغيرات المستقبلية.
خلال الجلسة: رسائل واضحة لمستقبل التكافل وكرامة
يمكن اختزال الرسالة التي خرجت بها الجلسة في عدد من النقاط الأساسية: أولاً، أن تكافل وكرامة يمثل إطاراً وطنياً يمتد ليشمل قاعدة بيانات كبيرة تعزز من دقة الاستهداف وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية والاجتماعية. ثانياً، أن الاستثمار في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية يمثل ركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية، وأن هذا الاستثمار يترجم إلى فرص حقيقية للكرامة الإنسانية ولتحسّن مستويات المعيشة. ثالثاً، أن تكامل القطاعين العام والخاص يمكن أن يسرّع وتير النمو ويخلق قنوات جديدة للتمكين الاقتصادي، وهو ما يتوافق مع فكرة أن النمو ليس نهاية المطاف بل وسيلة لخدمة العدالة الاجتماعية. وأخيراً، أن مقاومة التحديات العالمية وتبني أدوات حديثة في الإدارة الحكومية سيعزز من فاعلية برامج الحماية الاجتماعية ويُعزر من قدرة المجتمع على الصمود أمام الأزمات المستقبلية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المسار الذي يسير به برنامج تكافل وكرامة يعكس استراتيجية وطنية في البناء على النجاحات السابقة وتوسيعها بما يحقق حماية اجتماعية أكثر استدامة وفعالية. ومن الواضح أن التوجه الحالي يدمج بين الدعم النقدي والتوجيه إلى الخدمات، وهو ما يسهم في تقديم أطر أكثر تماسكا لتقديم الحماية الاجتماعية ويعزز من قدرة الحكومة على التواصل مع المواطنين وتلبية احتياجاتهم وفق معايير دقيقة وشفافة. وبذلك يصبح تكافل وكرامة جزءاً لا يتجزأ من منظومة العدالة الاجتماعية التي تسعى الدولة إلى ترسيخها عبر سياسات متماسكة وتدابير ملموسة في المدى القريب والمتوسط.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































