كتب: صهيب شمس
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هجوماً استهدف أحد عناصر قوة الرضوان التابعة لحزب الله في لبنان، وفقاً لما تداوله الإعلام الإسرائيلي. أشار المتحدث باسم الجيش إلى أن حسين جابر ديب روّج للهجمات ضد إسرائيل، وأن الشهر الماضي شهد استهدافاً نحو 20 من عناصر حزب الله. ويُنظر إلى هذه التصريحات ضمن إطار سلسلة من الإجراءات العسكرية التي تشهدها الحدود الشمالية وتثير جملة من الأسئلة حول مستوى التصعيد ومعادلات الردع المتبادلة في المنطقة. وفي سياق متصل، أوردت تقارير أن عملية الاستهداف تأتي ضمن إطار متابعة دقيقة لمخرجات الصراع الدائر بين الجانبين، مع ترقب لخطوات مقبلة قد تفرضها التطورات الميدانية والسياسية.
استهداف 20 من عناصر حزب الله: قراءة للوضع الميداني
على صعيد الواقع الميداني، تتواصل وتيرة الاستهداف بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مع إشارة إلى وجود هدف محدد في سياق القوة التي تتبعها الرضوان. التحركات العسكرية لا تزال تدفع بمسألة الردع إلى صدارة المشهد الأمني، حيث يسعى كل طرف إلى ضبط قدرته على الرد والردع في مواجهة أي خطوة قد تُفسر كتهديد مباشر. في عرض المعلومات العسكرية، يشير البيان إلى أن المعني كان ناشطاً في نشر أو تشجيع عمليات ضد إسرائيل، وهو ما يطرح مسألة مدى ارتباط هذه الحوادث بسياق أوسع من التهديدات المتبادلة في منطقة تشهد تغيرات مستمرة في التوازنات العسكرية. وتُبرز هذه التطورات أن الساحة الحدودية تبقى بيئةً حساسة، إذ أن أي تصعيد محدود قد يتحول إلى دينامية أوسع وتتسع دائرة المسؤولين عن اتخاذ القرار في كلا الطرفين.
حذف محتوى فلسطيني من يوتيوب وتداعياته
في جانب مختلف من المشهد الرقمي، كشفت تقارير عن خطوة كبيرة تابعة لمنصة يوتيوب المملوكة لشركة جوجل؛ فقد حرمت المنصة أكثر من 700 فيديو يوثق جرائم وانتهاكات إسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى إغلاق حسابات بعض المؤسسات الفلسطينية المعنية بحقوق الإنسان. تغير هذا المشهد الرقمي جرى بطريقته المعلنة في مطلع أكتوبر الماضي، حيث تمت إزالة القنوات كاملة بما فيها أرشيفها المصوَّر، مما أدى إلى اختفاء ساعات طويلة من المواد التي توثق قتل المدنيين وتدمير المنازل والانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، كان ضمن المواد المحذوفة فيلم وثائقي يحكي قصص أمهات ناجيات من الإبادة الإسرائيلية في غزة، وفيلم تحقيق حول اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، إلى جانب لقطات توثق هدم المنازل في الضفة الغربية المحتلة. وقد أوضحت يوتيوب أن الحذف جاء امتثالاً لعقوبات فرضتها وزارة الخارجية الأمريكية على المؤسسات المعنية، بينها منظمات حقوق الإنسان مثل الحق ومراكز الميزان للحقوق البشرية وحقوق الإنسان في فلسطين. في المقابل، أثارت هذه الخطوة استياءً عميقاً لدى المؤسسات الفلسطينية والحقوقية، حيث اعتبرت أنها تقيد حرية التعبير وتحد من إمكانية التوثيق الموضوعي لانتهاكات الحرب. ويُشدد المتابعون على أن هذه الإجراءات تمثل صفحة جديدة في سياق الصراعات الرقمية والسياسية، وتفتح نقاشاً بشأن حدود حرية النشر والضوابط الحكومية والتزامات الشركات الكبرى تجاه الحقوق الإنسانية.
ردود الفعل الحقوقية الفلسطينية
ردت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بسرعة على حظر المحتوى وفتح ملفات النقاش حول طبيعة التدخلات الرقمية في أوقات التوتر السياسي. وصفت منظمات حقوق الإنسان الحادثة بأنها ضربة للحق في الوصول إلى المعلومات وتوثيق الانتهاكات، كما اعتبرت أن الإغلاق يشكل تهديداً لاستمرارية الرصد المستقل لجرائم الحرب ومعاقبة مرتكبيها. وفي تصريح لجهة حقوق الإنسان، قال أحد المتحدثين إن الحذف يمثل “انتكاسة خطيرة لحقوق الإنسان” ويعرقل قدرة المجتمع الدولي والمحلي على متابعة الانتهاكات وتوثيقها. من جهة أخرى، حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أن الإجراء يساهم في “حماية الجناة من المساءلة الدولية” ويمثل تقييداً واضحاً للفضاءات التي تسمح بمساءلة الجرائم، وهو موقف يحظى بتأييد من قِبل جزءٍ كبير من المجتمع المدني. وتأتي ردود الفعل هذه في سياق انتقادات مستمرة تتعلق بممارسات المنصات الرقمية والإجراءات التي تتخذها بموجب ضغوط سياسية أو قانونية، وهو ما يفتح باباً للنقاش حول دور الشركات الكبرى في حماية حقوق الإنسان وملاحقة الانتهاكات، خاصةً عندما تكون هذه الانتهاكات جزءاً من صراعات إقليمية طويلة الأمد.
انعكاسات وتوازنات على المدى القريب والمتوسط
في ضوء التطورات، يبدو أن المنطقة تشهد تحركات مركبة بين أبعاد عسكرية وسياسية وحقوقية. من ناحية الأمن، تبقى مسألة الردع وسيلةً رئيسية لتحديد حدود التصعيد وإعادة ضبط ملامح التوازن في الحدود اللبنانية. هذه الملامح قد تتبدل وفقاً لتطورات الميدان ورؤية الجهات الفاعلة الكبرى في المنطقة. أما على مستوى المحتوى الرقمي وحقوق الإنسان، فإن النقاش يتركز حول مدى توازن حرية التعبير مع سياسات الرقابة والقيود التي تفرضها الدول والمنصات العالمية، خاصة عندما ترتبط بمراجعة وثائق الجرائم والانتهاكات وطرق توثيقها. هؤلاء المسؤولون عن الرصد الرقمي يواجهون معضلة حماية أسماء الضحايا وتوثيق الوقائع، وفي الوقت نفسه امتثال المنصات للسياسات الدولية والقرارات الحكومية. وتبقى العيون موجهة نحو كيفية تفاعل المجتمع الدولي مع هذا الواقع: هل ستُفسح المجالات الرقمية لحرية أكبر في نشر الحقيقة أم ستخضع للقيود التي تستهدف تقليل مخاطر التعبئة والتحريض؟ كما أن ما ستنتجه التطورات القادمة من لبنان وفلسطين من تقارير وتحليلات سيؤثر في تشكيل الرؤية المستقبلية لكيفية التعامل مع هذه القضايا من قبل الدول والمنظمات الدولية، ويعطي إشارات حول مآل موجات التوتر المحتملة في المنطقة. في النهاية، يظل المشهد معلقاً بين سياسات الردع العسكري وحرية الإعلام وحقوق الإنسان، وهو مزيج يعكس تعقيد العلاقات الدولية في منطقة تتسم بالتعقيد والاستمرار في التأثير على حياة السكان المدنيين في لبنان وفلسطين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































