كتب: إسلام السقا
دفع الدكتور محمد عبد الحميد، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، باتجاه تعزيز مسار دمج الاقتصاد غير الرسمى في الاقتصاد الوطنى، محذراً من أن هذه الفئة تشكل نحو 40% من هيكل الاقتصاد المصري، وأن قطاعاً واسعاً منها ينوّع نشاطه في المشروعات الصغيرة والمتوسطة. في حديثه، أشار إلى أن أغلب العاملين في هذا القطاع لا يمانعون الدخول إلى المنظومة الرسمية، لكنهم يواجهون عراقيل متعدة، وعلى رأسها صعوبات التراخيص، خصوصاً في المناطق ذات المباني المخالفة، حيث يصبح ترخيص محل في عقار غير قانونى أمراً شبه مستحيل. كما أوضح أن دمج الاقتصاد غير الرسمى في المنظومة الرسمية لم يعد رفاهية بل ضرورة وطنية لتعظيم الإيرادات العامة وتوسيع قاعدة الضرائب بعدالة، إضافة إلى تعزيز فرص النمو وخلق الوظائف.
أهداف الدمج وتأثيره الاقتصادي
يتضح من تصريحات الدكتور عبد الحميد أن الهدف من الدمج ليس مجرد توصيف اقتصادي، بل مشروع يحظى بالاهتمام الوطني لسد فجوة كبيرة في الاقتصاد. فالدمج المقترح يمكّن من زيادة الإيرادات العامة من خلال توسيع القاعدة الضريبية دون إغراق المواطنين أعباءً جديدة، ويعز كفاءة التمويل البنكي عبر توفير بيانات دقيقة عن حجم النشاط الحقي، وهو ما يساعد في تسهيل حصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التمويل بشروط أكثر عدالة وملاءمة. كما يحفز تنظيم المنتجات والخدمات بما يتوافق معاير الرقابة والجودة، ما يرفع من مستوى الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين على حد سواء. إضافة إلى ذلك، من شأن الدمج تعزيز الحماية الاجتماعية والتأمينية لعاملين في هذا القطاع، وتطوير التخطيط الاقتصادي عبر الاعتماد على بيانات دقيقة ومتاحة، وهذا كله يفتح أفقاً لجذب الاستثمارات الأجنبية في بيئة أكثر شفافية وانضباطاً. من جهة أخرى، يرى المحلون أن هذا المسار سيسهم في توفير قاعدة نمو أوسع وتوزيع عادل لمسؤوليات، وهو ما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني كل.
خطة زمنية ومسؤوليات التنفيذ
في إطار التوجهات المطروحة، أطرح الدكتور عبد الحميد أسئلة مهمة أمام رئيس الوزراء وزراء الصناعة والنقل والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والمالية. يتساءل عن الخطة الزمنية التي اعتمدتها الحكومة لدمج الاقتصاد غير الرسمى في الاقتصاد الرسمى، والجهات المسؤولة عن التنفيذ والمتابعة، وهل تضمن برامج الإصلاح الاقتصادي أهدافاً كمية محدة لزيادة نسبة اندماج الأنشطة غير الرسمية في الناتج المحلى الإجمالى خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. كما يطرح تساؤلاً حول الإجراءات الضريبية المحفزة التي يمكن أن تطمئن أصحاب الأنشطة الصغيرة غير الرسمية وتشجعهم على التسجيل دون أن يواجهوا أعباء أو ملاحقات سابقة. ويستفسر أيضاً عن آليات تبسيط منظومة التراخيص بما يتوافق مع طبيعة المشروعات الصغيرة في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية، إضافة إلى خطة تنظيم ودمج النقل العشوائى (السرفيس، النقل الخفيف، الميكروباصات) ضمن المنظومة الرسمية بما يعز الانضباط ويرفع من الإيرادات. كما يسلّط الضوء على وجود برامج تمويل دولية أو شراكات مع مؤسات تنموية يمكن توجيها لدعم التحول الرسمى لمشروعات الصغيرة والمتوسطة غير المسجلة. هذه الأسئلة تعكس رغبة في وضع إطار عملي وملموس يترجم الكلام إلى خطوات تنفيذية ملموسة، ويحد من التذب في السياسات عبر تحويل النوايا إلى إجراءات قابلة لقياس والمتابعة.
آليات التسهيل والإجراءات القانونية المقترحة
وصف الدكتور عبد الحميد عداً من الآليات التي من شأنها تخفيف الحواجز أمام الدمج. من بين المقترحات إطلاق منصة رقمية موحدة لتسجيل الأنشطة الصغيرة والمتناهية الصغر بخطوات مبسطة ورسوم رمزية، مع إقرار إعفاء ضريبي مؤقت لمدة عامين لكل من ينضم رسميًا خلال فترة التحول الأولى. كما دعا إلى إنشاء وحدات شباك واحد في كل محافظة لتقديم خدمات الترخيص والتأمين والضرائب مجمعة، بهدف تقليل الوقت والجهد وتسهيل التواصل مع المواطن. إلى جانب ذلك، طالب بتعديل القوانين المنظمة لتراخيص بما يسمح بتوفيق أوضاع الأنشطة المقامة في مبانٍ مخالفة تحت إشراف المحافظات، وتخصيص برامج تمويل بفائدة منخفضة لمشروعات التي تنتقل إلى الاقتصاد الرسمى. ولا يغفل عن أهمية تنفيذ حملات توعية إعلامية وميدانية لشرح فوائد الانضمام الرسمي لعاملين في القطاع غير الرسمى، بما يساعد في بناء ثقافة تنظيمية وتقبل المجتمع لفوائد الطويلة الأجل لدمج.
التنظيم والدمج في النقل العشوائى وتدبير الإيرادات
أشار الحوار إلى أن منظومة النقل العشوائى تمثل قطاعاً حساً من اقتصاد الشارع، وأن دمجه ضمن المنظومة الرسمية سيدفع إلى انضباط أعلى وتنظيم أقوى، إضافة إلى زيادة الإيرادات العامة. تضمن هذه الرؤية إعادة هيكلة مهنية لنقل الخفيف والميكروباصات والسرفيس ضمن إطار تشغيلي مقن، يواكب المعاير الرقابية والضريبية، ويضمن حقوق العاملين وتوفير خدمات آمنة ومستقرة لمواطنين. وتؤكد التصريحات أن الهدف ليس تضيق الخناق على المهن الصغيرة، بل توفير بيئة تشريعية وتكنولوجية تيح الاستمرار في العمل مع حوكمة أعلى وتقيم مستمر لأداء.
أثر الدمج على المجتمع والبيئة الاقتصادية
تؤمن المعطيات أن دمج القطاع غير الرسمي سيغير ديناميكيات السوق لعد من الأسباب. أولاً، ستزداد الموارد الحكومية من الضرائب والأسواق الرسمية، ما يتيح لدولة تقديم خدمات بشكل أفضل وتحسين شبكات الأمان الاجتماعي. ثانياً، سيزداد وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، عبر تحسين جودة البيانات وتوفير قاعدة معلومات موثوقة عن حجم النشاط الاقتصادي الحقي. ثالثاً، ستحسن معاير الإنتاج والخدمات، حيث ستعارض المصالح مع متطلبات الرقابة وتوائم مع المعاير الدولية، ما يرفع من القدرة التنافسية لمنتجات المحلية ويجذب استثمارات جديدة. كما سيتعز إطار التخطيط الاقتصادي بسب توفر بيانات دقيقة تسهم في وضع سياسات أكثر استهدافاً وشفافية أعلى في بيئة الاستثمار.
شراكات وتمويل وتوعية لتحقيق التحول الرسمي
تضمن الرؤية أيضاً استكشاف آفاق التمويل الدولي والشراكات مع مؤسات التنمية الدولية، بما يمكنه من تهيئة بيئة مناسبة لتحول إلى الاقتصاد الرسمى وتقديم الدعم الفني والمالي لمشروعات الصغيرة والمتوسطة غير المسجلة. كما تبنى المقاربات المعلنة حملات توعية إعلامية وميدانية تُبرز مزايا الانضمام الرسمي، وتُجيب عن مخاوف العاملين من التغيرات التنظيمية أو الأعباء المحتملة، ساعية إلى بناء جدار من الثقة يشجع القطاع غير الرسمي على تسجيل أنشطته بشكل رسمي.
آفاق تطبيقية وخطوات عملية مقترحة
تؤكد هذه الخطة وجود خطوات عملية يمكن البدء بها فوراً، منها تفعيل منصة التسجيل الموحدة وتبسيط إجراءاتها لتكون في متناول الجميع، إضافة إلى نافذة خدمات واحدة تيح إجراءات الترخيص والتأمين والضرائب في مكان واحد. كما أن المعروض يحث على وضع حوافز ضريبية مؤقتة، وتوفير قنوات تمويلية بفائدة منخفضة لمشروعات التي تنضم إلى الاقتصاد الرسمى، وتسهيل إجراءات التوفيق لأوضاع في المباني المخالفة، بما يخف من الاعتماد على المحليات فقط في التصحيح التنظيمي. من المتوقع أن تفتح هذه الخطوات باً واسعاً أمام تقليل الفوارق بين القطاعين الرسمي وغير الرسمي، وتوفير بيئة مواتية لنمو المستدام وتوفير فرص عمل جديدة في الاقتصاد الوطني.
<
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.











































































































