كتبت: بسنت الفرماوي
دور الإعلام في تقريب الشعوب يكتسب أهمية قصوى في عصر التحول الرقمي وتطور وسائل التواصل، حيث يشكل الإعلام نافذة مفتوحة على تجارب الشعوب وقيمها المشتركة. أكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن دور الإعلام يتخطى حدود نقل الأخبار ليصبح جسراً يفتح نافذة على الواقع والآمال المشتركة بين الشعوب. كما دعا إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية والصين بهدف بناء منظومة إعلامية متماسكة تدعم التقارب وتواجه محاولات تبديد الحقائق وتوجيه الرأي العام العالمي خارج السياقات الوطنية. يطرح ذلك رؤية متقدمة لدور الإعلام كأداة في بناء الثقة وتسهيل التفاهم بين بلدان تمتلك قدراً من التباين الثقافي والسياسي، لكنها تقر بأن الإعلام يمكن أن يسهم في تعزيز السلام والاستقرار عندما توافر الشفافية والمسؤولية والاحترام المتبادل.
كانت هذه الرسالة ضمن كلمة مسجلة ألقاها أبو الغيط في الجلسة الافتاحية لدورة السابعة من ملتقى التعاون العربي الصيني في مجال الإذاعة والتلفزيون، المنعقد في الصين. وفي مستهل كلمته عبر عن شكره لهيئة الوطنية لإذاعة والتلفزيون بجمهورية الصين الشعبية على جهود تنظيم هذه الفعالية التي تقام كل سنتين وتُشكل منصة مهمة تجمع المسؤولين والإعلامين من الصين والدول العربية المتخصة في الإذاعة والتلفزيون لاستعراض التجارب وتبادل الخبرات وبناء أفق تعاون يعز العلاقات القائمة ويوثّق أواصر الصداقة عبر التاريخ. إن دور الإعلام هنا يظهر في صورة جسر يربط بين حضارتين وتجد فيه الأطراف المعنية مساحة لتبادل المعرفة وتبادل وجهات النظر بما يخدم فهم الآخر وتجاوز الفروقات.
أوضح أبو الغيط أن منتدى التعاون العربي الصيني تأس في عام 204 بمبادرة من جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وأن آليات المنتدى المختلفة شقت طريقها لتصبح قنوات تعاون مثمرة وتنسيقاً مستمراً في شتى المجالات. ويشير في عرضه إلى أن انعقاد القمة العربية الصينية الأولى، التي استضافتها الملكة العربية السعودية في ديسمبر 202، شكل لبنة قوية في البناء المتكامل، وتوج مسار العمل المشترك بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وفتح آفاق أرحب أمام جهود التنمية المتبادلة. هنا يتبين أن دور الإعلام ليس وحده موضوعاً أكاديمياً، بل يعكس أيضاً إرادة سياسية لاستثمار التعاون الإعلامي كرافعة في العلاقات الدولية وتوطيد أواصر الصداقة بين شعوب ذات تاريخ طويل من التفاعل والتبادل.
وعبر عن تطلعه إلى القمة العربية الصينية الثانية في العام المقبل، مشداً على عزْم الجميع على مواصلة الدعم المتبادل في المحافل الدولية والعمل على تعزيز التعاون في مختلف المستويات لمواجهة التحديات التنموية وضمان مستقبل أكثر ازدهاراً لأجيال القادمة، والتشارك في تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” وما تيحه من فرص واعدة لجانبين. كما لفت إلى أن هذه الدورة السابعة من الملتقى تأتي في ظروف دولية وإقليمية بالغة الصعوبة والتعقيد، في ظل استمرار الحرب الغاشمة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الأراضي العربية المحتلة، ولا سيما قطاع غزة الذي يشهد حرب إبادة غير مسبوقة في التاريخ، استُعمل فيها التجويع المنهج سلاحاً في ظل عجز وتخاذل دولين. هنا يبرز دور الإعلام كأداة لوقوف إلى جانب قضايا الشعوب وفضح الانتهاكات ونقل الصورة الحقية إلى العالم، بما يساهم في تعزيز ضمير المجتمع الدولي وبيان الحقيقة أمام الرأي العام العالمي.
ولا يفوتني في هذه المناسبة، ونحن نتحدث عن الإعلام المرئي والمسموع في هذا الملتقى، أن أحي كل الصحفين والمصورين الذين خاطروا بحياتهم لنقل الوقائع بالصوت والصورة من غزة، وفندوا الرواية الإسرائيلية المزيفة لحقائق، وجعلوا العالم يعرف الوجه الحقي لاحتلال. كما أشاد بروح الصمود والمثابرة لدى الصحفين الفلسطينين الذين لا يزالون واقفين وسط القتل والدمار والقصف، متحدين كل أدوات القمع الإسرائيلية لاستمرار في نقل ما يحدث في قطاع غزة. في هذا السياق، يبرز دور الإعلام كأداة حماية لمعلومات الدقيقة وتوثيق الأحداث في زمن يحفل بالتضليل، وهو أمر أساسي لتعزيز الثقة في وسائل الإعلام وتوفير قاعدة موثوقة من الأخبار الصحيحة لمشاهدين.
ثم تناول الأمين العام دور جمهورية الصين الشعبية كعضو دائم في مجلس الأمن في دعم القضية الفلسطينية ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما أشاد بموقف الصين من الحرب على غزة الذي وُصف بأنه موقف ثابت ومبدئي ولم يتغير منذ اليوم الأول. وتأكيده على التعاون بين الصين والدول العربية في مجال الإعلام يعكس تقدماً ملحوظاً في بناء جسور معرفية وتبادل خبرات، حيث يُعد ملتقى التعاون العربي الصيني في مجال الإذاعة والتلفزيون منصة مهمة يلتقي من خلالها المسؤولون والعاملون في المجال الإعلامي من الطرفين كل سنتين لتبادل الخبرات والمعارف وتوسيع نطاق التعاون بما يعز العلاقات القائمة ويعكس عمقها عبر التاريخ.
ورغم كل التطور الذي شهده قطاع الإعلام، أشار أبو الغيط إلى أن القنوات الإذاعية والتلفزيونية تظل مصادر موثوقة لأخبار الرسمية في خضم التدفق الإعلامي عبر المنصات الرقمية. وفي ختام كلمته جد التأكيد على حرص جامعة الدول العربية على العمل لتطوير العلاقة العربية الصينية بما فيه مصلحة وخير شعوبنا، وبما يحق المستقبل الذي نطمح إليه جميعاً في عالم يسوده السلام والازدهار، وهو أمر يصب في تعزيز الوعي المشترك والإدراك المتبادل حول قضايا العالم وتحدياته الكبرى.
إطار وتاريخ التعاون الإعلامي العربي-الصيني
يستعرض هذا المحور التاريخ العريق لمنتدى، منذ انطلاقه في 204، كجهود مشتركة بين جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، وما حقه من مكاسب على مستوى تبادل الخبرات والتنسيق في مجالات الإذاعة والتلفزيون والمدى الواسع لعلاقات الثنائية، وهو ما يعكس عمق العلاقات التي تجمع الطرفين والتعويل على أن الإعلام يشكل رافعة أساسية لتواصل والشراكة.
دور الإعلام في مواجهة التحديات الإعلامية العالمية
يتناول هذا المحور التحديات التي يواجها الإعلام في عصر الإعلام الرقمي والمنصات المتعدة، وكيف أن المنظومة الغربية لا تزال تحاول السيطرة على الأخبار وتوجيه الرأي العام العالمي، الأمر الذي يجعل تعزيز التعاون العربي-الصيني في قطاع الإعلام أمراً ضرورياً لتوفير بدائل إعلامية مسؤولة وموضوعية.
إشادة الصحفين والدبلوماسية الإعلامية
يبرز هذا المحور الدور البطولي لصحفين والمصورين الذين يواجهون مخاطر كبيرة من أجل نقل الحقيقة إلى العالم، كما يبرز أهمية التغطية الإعلامية الواقعية في غزة وفضح الروايات المضلة، وهو جزء لا يتجزأ من مهمة الإعلام في دعم القضايا العادلة ونقلها إلى الرأي العام الدولي.
التعاون العربي-الصيني كرافعة تنموية وإعلامية
يركز على الدور التنموي لإعلام ضمن إطار العلاقات العربية الصينية، بما في ذلك دعم مبادرة الحزام والطريق وتوفير فرص جديدة لتعاون بين الجانبين في مجالات الإعلام والإذاعة والتلفزيون، وكل ذلك في سياق تعزيز التنمية وبناء شراكات استراتيجية تخدم شعوب المنطقة.
رؤية المستقبل والتزام الجانبين بالعلاقة العربية الصينية
يتناول هذا المحور آفاق المستقبل وكيفية تعزيز التعاون في مختلف المستويات لمواجهة التحديات التنموية، مع التأكيد على استمرار الدعم المتبادل والعمل المشترك في المحافل الدولية، والتزام بمواصلة بناء علاقات إعلامية تقود إلى عالم أكثر ازدهاراً وسلاماً، وفق ما عبر عنه الأمين العام من حرص على المصالح المشتركة لشعوب الدول العربية والصين.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.















































































































