كتبت: بسنت الفرماوي
شاركت سفيرة البحرين فوزية بنت عبد الله زينل، سفيرة المملكة لدى جمهورية مصر العربية والمندوبة الدائمة لدى جامعة الدول العربية، في الاجتماع العاشر للمندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية وسفراء اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي، الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل. وتأتي مشاركة سفيرة البحرين كدليل على التواجد المستمر للمملكة في المحافل الدولية، وتؤكد حرص البحرين على تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول العربية والجهة الأوروبية في شتى مناحي الشأن الدولي والإقليمي. هذا الحدث يشكل إحدى حلقات الحوار الاستراتيجي الدوري بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وهو حوار أُعلن عن إطلاقه بموجب إعلان أثينا عام 2014، ويهدف إلى بناء جبهة مشتركة أمام التحديات الراهنة وتبادل الرؤى حول قضايا ذات أبعاد متعددة تؤثر في استقرار المنطقة والعالم. في هذا السياق، ناقش المجتمعون عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على أهمية تنسيق المواقف وتطوير قنوات الشراكة الفاعلة بين الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي. كما شدد الطرفان في كلماتِهما الرسمية على أن التعاون متعدد الأطراف يشكل إطاراً أساسياً لإدارة الأزمات وتخفيف التوترات، وتعهدا باستمرار العمل وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، بما في ذلك مبادئ التسوية السلمية للنزاعات. وفي سياق يخص القضايا الإنسانية والأمنية، رحب الجانبان بالتوافق الذي تحقق حول المرحلة الأولى لخطة الرئيس ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، داعيين جميع الأطراف إلى تنفيذها بشكل كامل ودون تأخير، بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وتوفير آليات وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل يسير وآمن، وتوزيعها بشكل مستمر وواسع على كافة أرجاء غزة. كما استذكر الجانبان المؤتمر رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين الذي عقد في نيويورك، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، مع التأكيد على أهمية مواصلة الجهود الدولية لدعم هذا المسار. وعلى نطاق أوسع، أعرب الطرفان عن دعمهما لس الوُقوف والحلول السياسية المستدامة في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، وذلك في إطار تعزيز الاستقرار الإقليمي وتجنب التصعيد وتوسيع دائرة المصالح المشتركة.
إطار الحوار العربي الأوروبي ودور سفيرة البحرين
تجسدت خلال الاجتماع آليات التعاون بين قارتين تشتركان في تاريخ طويل من التعاون والتفاعل الاقتصادي والسياسي، فضلاً عن التزامات مشتركة نحو منظومة دولية تحرص على تعزيز الأمن والاستقرار العالميين. وفي هذا الإطار، أكدت السفيرة أن البحرين تولي الحوار العربي الأوروبي مكانة خاصة في إطار سعيها إلى تعزيز العلاقات مع شركائها الأوروبيين بما يتناسب مع التزاماتها تجاه ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه. كما أشارت إلى أن الحوار الدوري بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي يشكل قاعدة لبناء سياسات مشتركة وتنسيق سياسات خارجية تقود إلى نتائج ملموسة في مختلف الملفات الإقليمية والدولية. وتؤكد هذه الرؤية أن وجود سفيرة البحرين ضمن وفد المملكة يعزز تموضع المملكة كجزء من منظومة العمل العربي المشترك، ويعكس رغبة البحرين في المشاركة الفاعلة في رسم معالم السياسة الإقليمية على نحو ينسجم مع مصالح بلادها ومصالح الدول العربية الشقيقة. وتضيف المصادر أن وجود هذه المشاركة يتيح تبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادل الخبرات في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية. كما يشير إلى أن السياقات العالمية المتغيرة تستدعي زيادة التكامل بين الحلفاء التقليديين والمتعاونين الجدد من أجل صياغة مواقف أقوى وأكثر اتزاناً في مواجهة التحديات المتنامية.
التزامات متعدد الأطراف والقانون الدولي
يؤكد المجتمعون في نهاية الجلسات على مستوى المندوبين واللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي وعموم المشاركين في الاجتماع بعبارات واضحة، أنهم يؤمنون إيماناً راسخاً بالتعاون متعدد الأطراف كإطارٍ يعمل على تحقيق الاستقرار الدولي وتخفيف أعباء النزاعات المختلفة. وفي هذا السياق، أكدت الأطراف المشاركة التزامها بالعمل وفقاً لفكرة القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مع إدراك أنه لا بديل عن التسوية السلمية للنزاعات كمسار وحيد لمعالجة الخلافات بين الدول. هذا الموقف يعكس قناعة جماعية بأن بناء توافقات إقليمية ودولية يعتمد بالأساس على احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بالإضافة إلى الانخراط في حوار بنّاء يفضي إلى حلول تُرضي جميع الأطراف وتجنب الاحتكاك والصراع المسلح. كما أشار المجتمعون إلى أهمية الإطار المؤسسي المشترك الذي يمثله كل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، مع الإقرار بأن هذا الإطار يحتاج إلى متابعة مستمرة وتحديثات تتواكب مع التطورات الدولية والتحديات الراهنة. وعلى خلفية هذا التزام، تم الترحيب بسجل التعاون الذي راكمته العلاقات العربية الأوروبية عبر سنوات، مع التركيز على أهمية دعم الحوار كآلية أساسية لتعزيز الثقة وتطوير آليات التعاون في مجالات متعددة تشمل السياسية والأمن والتجارة والتنمية. وفي هذا السياق، أشار المشاركون إلى أن الإطار المؤسسي لهذا الحوار يجب أن يبقى مفتوحاً أمام مزيد من المشاركة من الدول الأعضاء، وأن يتمتع بمرونة تسمح بمعالجة الأزمات بصورة أسرع وأكثر فاعلية، بما يخدم مصالح الشعوب العربية والشركاء الأوروبيين على حد سواء.
غزة والجهود الإنسانية ضمن إطار الاجتماع
من بين محاور النقاش التي حظيت باهتمام واضح خلال اللقاء، تناول الطرفان التطورات الإنسانية في قطاع غزة، وأكدا الدعوة إلى تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق المعني بوقف الأعمال العدائية. وقد تمت الإشارة إلى أن هذه المرحلة تمثل خطوة مهمة用于 تخفيف المعاناة الإنسانية وتمكين وصول المساعدات إلى السكان في غزة، مع العمل على توزيعها بشكل مستدام وعلى نحو ينسجم مع احتياجات المناطق كافة. كما أُكد أن تحقيق هذه البنود ليس أمراً منفصلاً عن المسار السياسي العام، فوقف الأعمال العدائية وتيسير الإغاثة الإنسانية يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب مع جهود التسوية السياسية التي تدعم حل الدولتين وتؤسس لمرحلة مستقبلية يسودها الاستقرار. وفي هذا السياق، أشار المسؤولون إلى أن المؤتمر رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية الذي انعقد في نيويورك، كان مناسبة مهمة لإبراز الدور الدولي في القضية الفلسطينية، وإبراز الموقف المشترك بين المملكة العربية السعودية وفرنسا في قيادة هذه المساعي. كما شددوا على أن هذه المواقف تعكس رغبة المجتمع الدولي في رؤية تقدم حقيقي في مسألة غزة، وتؤكد استعداد الأطراف للمضي قدماً في مسار يسعى إلى حماية المدنيين وتخفيف المعاناة الإنسانية وتوفير الدعم اللازم دون تشويش على عملية السلام الشاملة. كما جرى التأكيد على أهمية الاستمرار في تعزيز التفاهم والتنسيق بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي حول القضايا الإنسانية في غزة، بما يعزز الثقة ويقلل من مخاطر الانزلاق في مسارات قد تعيد إشعال أزمات قديمة أو تفتح أبواباً لمخاطر جديدة.
آفاق الحلول السياسية المستدامة في المنطقة
إلى جانب ملف غزة، تطرق الاجتماع إلى آفاق الحلول السياسية المستدامة في عدة دول تشهد أزمات وتحديات مستمرة. وتم التأكيد على أن الاستعداد لتبني حلول سياسية في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن يمثل هدفاً رئيسياً للمجتمعين، مع الإشارة إلى أن الاستقرار في هذه الدول المبذول كفيل بتعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق مصالح شعوب المنطقة. وتؤكد هذه النقاط أن الحوار العربي الأوروبي ليس مجرد لقاء ديبلوماسي، بل إطار عملي يسعى إلى وضع خرائط طريق واضحة يمكن تطبيقها من قبل الأطراف المعنية، بما يحفظ البلدين والشعبين من تداعيات الصراعات الطويلة. ويُفهم من ذلك أيضاً أن التزام البحرين وغيرها من الدول العربية بالعمل مع شركائها الأوروبيين يقوم على أساس دعم حلول دائمة تقوم على الحوار وتغليب منطق التفاهم، وتجنب الإجراءات التي قد تزيد من حدة التوترات في ساحات إقليمية مختلفة. وتبقى الدعوات إلى التسوية السلمية للنزاعات هي المعيار الأساسي، مع الإبقاء على نافذة مفتوحة للحوار في وجه التحديات الإقليمية الشركاء الأوروبيين، بما يرفع من مستوى الثقة ويحفز على استثمار الجهود المشتركة نحو تحقيق الاستقرار والازدهار للمجتمعات المعنية. وتظل هذه المطالب جزءاً من منظور أوسع يركز على تقاطع المصالح العربية والأوروبية في منطقة تعيش تحولات مستمرة، وهو ما يستدعي تقييمات دورية وتحديثات مستمرة للسياسات من أجل الحفاظ على مسار تعاوني فعال يخدم مصالح الجميع دون استثناء.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































