كتب: كريم همام
تُواجه منظومة الرعاية الصحية النفسية إطاراً قانونياً حيوياً يحفظ التوازن بين الحاجة إلى التدخل العلاجي والحقوق الأساسية لمريض. ويتمحور هذا الإطار حول شرط الموافقة الطبية لإدخال الإلزامي في منشآت الصحة النفسية، وهو مسار تنظيمي تستند إليه إجراءات الدخول الإلزامي لضمان وجود دوافع طبية واضحة ومبرات كافية. وبناء على المادة 13 من قانون رعاية المريض النفسي، لا يجوز إدخال أي شخص إلزامياً إلى إحدى منشآت الصحة النفسية دون موافقة طبيب متخص في الطب النفسي، وذلك عند وجود علامات واضحة تدل على مرض نفسي شديد يستدعي العلاج داخل منشأة صحية. وتُطبق هذه القاعدة في حالتين محدتين: الأولى تمثل في وجود احتمال تدهور شديد وشيك لحالة المرضية، والثانية إذا شكلت أعراض المرض النفسي تهديداً جدياً وشيكاً لسلامة المريض أو حياته، أو لسلامة وصحة وحياة الآخرين. وفي هاتين الحالتين يجب أن يكون المريض رافضاً الدخول، مع إلزام الجهات المعنية بإبلاغ الأهل ومدير المنشأة ومكتب الخدمة الاجتماعية التابع له محل إقامة المريض والمجلس القومي لصحة النفسية أو المجلس الإقليمي لصحة النفسية خلال أربع وعشرين ساعة من دخول المريض وتوثيق القرار بتقرير يتضمن تقيماً لحالته الصحية، وفقاً لما تحده الائحة التنفيذية لقانون.
الإطار القانوني: شرط الموافقة الطبية لإدخال الإلزامي
تنص المادة 13 صراحةً على أن الدخول الإلزامي لا يجوز أن يتم إلا بناءً على موافقة طبيب متخص في الطب النفسي عندما توافر علامات تدل على وجود مرض نفسي شديد يتطلب العلاج داخل منشأة الصحة النفسية. ويكون ذلك وفق شرط الموافقة الطبية لإدخال الإلزامي في منشآت الصحة النفسية وبالتحديد في حالتي التدهور أو التهديد الجسيم، وتظل الحالة بحاجة إلى أن المريض يرفض الدخول، مع إبلاغ جميع الأطراف المعنية. كما تؤكد المادة أن الإبلاغ يجب أن يشمل الأهل ومدير المنشأة ومكتب الخدمة الاجتماعية ومجلس الصحة النفسية المعني، وذلك خلال 24 ساعة من قرار الإدخال، مع إرفاق تقرير يقيّم الحالة الصحية لمريض. وتُحدَد التفاصيل والإجراءات من خلال الائحة التنفيذية المرتبطة بهذا القانون، ما يسهم في ضبط حالة الدخول الإلزامي وتوحيد مخرجات التقيم والتوثيق الرسمية.
إجراءات الإدخال الإلزامي وتبادل الإبلاغ
عندما توافر أسباب الإلتزام بالعلاج وفق شرط الموافقة الطبية لإدخال الإلزامي، تبع المؤسات الصحية سلة من الإجراءات المنضبطة. أولاً، يجب أن يكون القرار بالدخول الإلزامي مدعماً بتقيم طبي من طبيب متخص في الطب النفسي يثبت وجود المرض النفسي الشديد وضرورة الدخول إلى منشأة لصحة النفسية. ثانيًا، وبمجرد اتخاذ القرار، يتوجب إبلاغ أقارب المريض وحتى الدرجة الثانية، كما يجب إشعار مدير المنشأة ومكتب الخدمة الاجتماعية التابع له محل إقامة المريض، إضافة إلى المجلس القومي لصحة النفسية أو المجلس الإقليمي لصحة النفسية. ويهدف الإبلاغ إلى ضمان الشفافية وتوفير الدعم الأسري إلى جانب التنسيق بين الجهات المعنية. وثيقة القرار ومرفقها التقيمي يجب أن تكون مرفقة مع البلاغ خلال 24 ساعة من الدخول، وفق ما تنص عليه الائحة التنفيذية. وتخضع هذه الإجراءات لتحريك والتنفيذ وفق الإطار القانوني المعتمد، بهدف تقنين الحالة وتوثيقها بشكل يسهل متابعة حالة المريض والتأكد من سلامة الإجراءات وحماية حقوقه.
المادة 14 ودور الأطباء غير المتخصين
إلى جانب المادة 13، نجد المادة 14 التي تسمح لطبيب غير متخص في الطب النفسي داخل إحدى منشآت الصحة النفسية أن يدخل مريضاً دون إرادته لتقيم حالته ولإجراء تقيم لفترة لا تجاوز 48 ساعة. وهذا بموجب طلب كتابي يقدم من أحد الأشخاص المحدين؛ مثل أحد أقارب المريض حتى الدرجة الثانية، أو أحد ضباط قسم الشرطة، أو الإخصائي الاجتماعي بالمنطقة، أو مفتش الصحة المختص، أو قنصل الدولة التي ينتمي إليها المريض الأجنبي، أو أحد متخصي الطب النفسي من لا يعملون بتلك المنشأة ولا تربطهم صلة قرابة بالمريض أو بمدير المنشأة حتى الدرجة الثانية. وبعد ذلك يعرض الأمر على النيابة العامة خلال فترة لا تجاوز 24 ساعة لاتخاذ ما يلزم. وفي هذه الحالة يجب أن يفرض الإجراء وفق الأحكام المنصوص عليها في تلك المادة، مع ضمان التزام بمراعاة حقوق المريض وتقيم حالته بشكل سريع ودقيق، وتحديد ما إذا كان الدخول مطلوباً أو يمكن إلغاؤه مع وجود إشعار المريض وأهله بما يُتخذ من قرات.
إلغاء الدخول الإلزامي وآليات الإبلاغ المستمرة
يجوز لطبيب النفسي المسؤول أن يلغي الدخول الإلزامي قبل انتهاء المدة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة إذا تبيّن أن مبراته قد انتفت. وفي هذه الحالة، يتوجب إبلاغ مدير المنشأة ومكتب الخدمة الاجتماعية والمجلس الإقليمي لصحة النفسية، مع إحاطة المريض وأهله علماً بهذا القرار. ويتعين على الجهات المعنية الاستمرار في متابعة الحالة وفق الإجراءات المتبعة وتوثيق أي تغيّر في الوضع الصحي أو في ضرورة استمرار التدخل، بما يحافظ على حقوق المريض والتزامات المؤسة الصحية. وفي إطار التطبيق التنفيذي، تكون المراقبة والشفافية مطلوبتين لضمان عدم تجاوز المدى الزمني أو الإخلال بالإجراءات المحدة، مع الاستمرار في توفير الرعاية المناسبة لمريض ضمن الإطار القانوني المعتمد.
التوازن بين الحقوق والتزامات ضمن منظومة الرعاية النفسية
يهدف هذا الإطار التشريعي إلى حماية المريض من التدخل القسري غير المبر، مع توفير آليات تدخل سريعة في الحالات الحرجة التي تهد الحياة أو السلامة. وفي الوقت نفسه يتيح لمختصين مساحة لاتخاذ قرات مدروسة في ظل وجود علامات واضحة على مرض نفسي شديد. وقد كشفت التجربة القانونية أن التوازن بين الاحتياج الطبي وحماية الحقوق يتطلب إعداً لائقاً من قبل المنشآت الصحية، وتوثيقاً دقيقاً لقرات والتقيمات المرافقة لها، إضافة إلى إشراك الأسرة والجهات الاجتماعية والصحية في خطوات الإبلاغ والمتابعة. وبناءً عليه، يستمر التفسير والتنفيذ وفق الائحة التنفيذية، مع مراجعة دورية لأي ثغرات قد تظهر في تطبيق النصوص القانونية، وذلك لضمان سلامة المرضى وحسن إدارة الموارد الصحية وتوفير رعاية صحية متكاملة بما يحفظ كرامة المريض ويصون حقوقه في الرعاية والعلاج.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































