كتبت: سلمي السقة
أعلن الدكتور فاروق حسني، وزير الثقافة المصري الأسبق، أن سقوط كتف تمثال أبو الهول شكل أزمة كبيرة بالنظر إلى قيمته الفنية والأثرية، فالسقوط لم يكن حدثاً عابراً وإنما هزّ بنياناً تاريخياً يقتضي التعامل معه بمعرفة وخبرة. وأوضح أن السب وراء السقوط يعود إلى ترميم قديم خاطئ اعتمد الأسمنت وحجارة من القلعة، ما أدى إلى ضعف في بنية الكتف وجعل التمثال أمام خطر الانهيار قبل أن تدارك النيّات المعنية الأمر. وفي حديثه ضمن برنامج الصورة، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحدي على شاشة النهار، أكد أنه عقد مؤتمراً بمشاركة 90 دولة لاستعانة بخبراتهم في الترميم ولتعامل مع الأزمة منظور دولي. وعندما عاينتُ الموقع قلت: لقد فقدنا أبو الهول وعلينا استعادته، وهو تصريح يعبّر عن شعور حازم بالمسؤولية تجاه أحد أبرز رموز الحضارة المصرية. وأوضح كذلك أن النجاح لم يغب بعيداً، فتم ترميم أبو الهول بعد تحليل قطعة مونة فرعونية، وهي خطوة أشار إليها بأنها كانت نقطة التحول التي أعادت التوازن لقطعة الأثرية بعدما كادت على وشك الانهيار. كما لفت إلى أن لآثار الفرعونية مكانة أساسية في حياته، معبّراً عن أن حياته ومتعته تعاظمان حين يندمج مع هذه القطع العريقة، وأنه كان يزور الأقصر وأسوان سنوياً خلال دراسته الجامعية في رحلات فنية تشكّل جزءاً من مساره الإبداعي.
أزمة سقوط كتف أبو الهول وتداعياتها الفنية
سقوط كتف أبو الهول جاء كإشارة إلى التحديات التي تواجها صروح أثرية ذات قيمة عالية، خاصة حين تكون العناية التاريخية بحاجة إلى إعادة تقيم. يرى حسني أن الحدث كان بمثابة جرس إنذار يذكر بضرورة التزام بمعاير ترميم تحافظ على الأصالة وتمنع تكرار الأخطاء السابقة، فالأثر الذي يحمل روح العصر الفرعوني لا يجوز أن يفتقد إلى دلالته الفنية أو أن ينهار بناؤه بفعل تدخلات سابقة قد تكون غير مناسبة. هذا الحدث عرضاً لأسئلة مهمة حول كيفية التعامل مع الترميمات في مواقع أثرية حساسة، وهو ما يحث الجهات المعنية على اعتماد أساليب علمية دقيقة وتنسيق دولي يضمن استدامة القطع التاريخية. كما أن الواقعة تفتح نقاشاً حول المسؤولية الأخلاقية تجاه تراث أجيال قادمة، وتؤكد ضرورة اختيار مواد ترميم تناسب البنية الأصلية وتراعِ التوازن الهندسي لتمثال. فيما يخص تأثير ذلك على الصورة الثقافية المصرية، يظل فخر الحفاظ على واحد من أبرز رموز الحضارة في العالم على رأس الأولويات الوطنية.
التواصل الدولي والترميم بمعاير علمية
أشار فاروق حسني إلى أن المؤتمر الذي عقد بمشاركة 90 دولة جاء في إطار البحث عن خبرات وخيارات متعدة لترميم، وتبادل المعرفة حول أفضل المارسات العلمية في معالجة أزمة كتف أبو الهول. هذا التعاون الدولي يعكس الرغبة في ضبط معاير الترميم بما يضمن سلامة القطع الأثرية ويعز القدرة على الوقاية من أخطاء ماثلة في المستقبل. وقد أكّد في حديثه أن الخبرات البشرية من مختلف الدول تساهم في وضع حلول مستدامة، بعيداً عن الحلول العشوائية، وهو ما يبرز أهمية التفاعل بين المؤسات الثقافية والبحثية في العالم العربي والعالم أجمع. إن مثل هذه المبادرات الدولية، كما يراها حسني، تشجع على تبني منهج حذر وتدريجي يتيح لمختصين اختبار المواد وتقيم النتائج قبل تطبيق أي إجراء على صروح ذات قيمة عالية. في هذا السياق، يرى الخبراء أن تبادل التجارب يعز القدرة على الحفاظ على الهوية التاريخية وتطوير أساليب ترميم تحترم التاريخ وتضمن استمرارية الجمال والحضور الفني لآثار.
دور مونة فرعونية في ترميم كتف أبو الهول
أوضح حسني أن عملية ترميم كتف أبو الهول لم يكن ليتم دون الاعتماد على تحليل قطعة مونة فرعونية، وهي العامل الذي وُجِد أنه يحمل مفتاحاً لفهم كيفية تثبيت القطع وإعادة توازن التمثال. وأكد أن هذه المونة الفرعونية كانت النواة التي ارتكزت عليها خطوات الإصلاح، وأن نتائج التحليل أسهمت في توجيه الاختيارات الفنية ومواد الترميم بما يحفظ البنية ويقل من احتمالية تكرار أخطاء الماضي. وقد أشار إلى أن النجاح في استعادة أبو الهول إلى حالته السابقة جاء ثمرة اعتماد منهجي على هذه القطعة الأثرية الدالة، وهو ما يعكس أهمية وجود مواد أصلية وملامح بنائية تاريخية كمصادر لمقارنة والتوجيه في العمل الترمي. كذلك أشار إلى أن الاعتماد على تحاليل مونية فرعونية يبرز علاقة التراث بالعلم والتقنية، وتأكيداً على أن التمسك بالموروث يمكن أن يزود الحاضر بأساليب دقيقة وفعّالة لإعادة الحياة إلى القطع التي تواجه مخاطر التآكل أو الانهيار. إن الاعتماد على هذه العناصر التاريخية يسري كتقليد علمي في ميدان الترميم، ويؤكد أن الحفاظ على الميراث يتطلب تفكيراً عميقاً وتطبيقاً دقيقاً لمعاير الفنية.
الآثار الفرعونية في حياة فاروق حسني
ذكر فاروق حسني أن الآثار الفرعونية تشغل مكانة أساسية في حياته، وأن وجود هذه القطع يمنحه معنى عميقاً يعز لديه إحساسه بالهوية الثقافية والفنية. أشار إلى أن البحث، والقاءات، والرحلات الفنية جميعها تستلهم من عبق الحضارة الفرعونية، وهذا الارتباط ينعكس في حماسه لمطالبة بحقوق التراث والتعاطي مع القضايا التي تمس معانيه الإنسانية والحضارية. وفي حديثه عن الحياة المهنية والشخصية، أكد أن الآثار الفرعونية تمنحه سبيلاً لتطوير الرؤية الجمالية ويقودانه إلى تأمل أبعاد التاريخ وإدراك عمق المصادر الفنية التي تشكل الإطار الذي يكوّن النظرة إلى الفن والدين والهوية. كما أشار إلى أن هذه القطع ليست مجرد أشياء قديمة، بل هي شهادات حية على تقدم الشعوب وتفاعلها مع الزمن، وهذا ما يجعلها في صميم اهتمامه الشخصي والمهني.
ذكريات العمر ورحلات الأقصر وأسوان
وفي توثيق لمرحلة حياته العلمية، ذكر حسني أنه خلال فترة دراسته الجامعية كان يزور الأقصر وأسوان سنويًا في رحلات فنية تسهم في توسيع آفاقه الفنية وفهمه العميق لمكان والمواد التاريخية. هذه الذكريات يبدو أنها جسدت جزءاً من مسيرته التي ارتبطت بالمواقع الأثرية وبتلك الرحلات التي صقلت خبرته وأثرت في تطوره المهني. ويشير إلى أن هذه الزيارات لم تقتصر على الاستمتاع بالجمال فحسب، بل مثلت فرصاً لتعلم والتنمية، وأسهمت في بناء علاقة مستمرة مع المواقع القديمة وموادها وألوانها وتكويناتها التي تشكل لغة الفن المصري القديم. وفي ضوء ذلك، يظل حسني مُؤكداً على أن علاقتَه بالآثار الفرعونية هي محور أساسي في حياته، وأن كل خطوة من خطواته المهنية تُبنى على قيم التراث وحرصه على نقاء العمل الترمي واحترام دوره في تشكيل الهوية الثقافية.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































