كتبت: إسراء الشامي
فاز زهران مداني، عضو الحزب الديمقراطي، بمنصب عمدة نيورك في حدث سياسي بارز يعكس تحولا في رؤية المدينة الكبيرة. وفي كوبيه بعد إعلان النتيجة، قال مداني إن بإمكان المدينة أن تحصد المستحيل عندما توفر الإرادة والجهد المكثف، مؤكداً أنه سيعمل ليلاً ونهاراً لتنفيذ ما اتُفق عليه ولنهوض بالمدينة وتقديم الأداء الأفضل لسكانها. جاءت كلمته التأكيدية في لحظة تقاطع فيها أحلام المدينة مع توقعات المهاجرين والمجتمعات المتنوعة التي تعيش في نيورك، وهي الحظة التي يرى فيها مداني أن نيورك ستكون بالفعل مساحة تجمع وتدعم جميع الأفراد من مختلف الخلفيات.
وعلى نحو يعكس طموحه لقيادة التقدمية، أشاد مداني بدور الديمقراطية كأداة لإحداث التغير في مدينة تميز بتنوعها وتعدها السكاني. وقد أشار إلى أن عبء التحديات ليس بسيطاً، لكنه رافقه بتصميم واضح على تنفيذ البرامج التي تم الاتفاق عليها خلال حملته، مع التأكيد على تعزيز الخدمات وتحسين مستوى المعيشة في أحياء المدينة جميعها. كما كر رغبته في أن تكون نيورك مثالاً لنهوض بالخدمات العامة وتحديث البنى التحتية التي تطلبها الحياة اليومية لسكان المدينة المزدحمة والمتنوعة.
في إطار تعهداته، أكد مداني عزمه على وقف “ثقافة الفساد” التي قال إنها سمحت في فترات سابقة لمليارديرات بالتهرب من بعض التزامات الضريبية. وفي هذا السياق، ألقى الضوء على أهمية الشفافية والمساءلة كعناصر أساسية لثقة العامة ولضمان توزيع عادل لموارد. كما نبه إلى أن مارسات ضريبية واجتهادات سياسية خارج إطار العدالة الاقتصادية لا يمكن أن تستمر في مدينة تغنى بتنوعها وثرائها البشري، وهو موقف يعكس رهاناً على سياسات أكثر عدلاً ومسؤولية تجاه الموارد والتزامات الضريبية.
وذهب الحديث إلى ملف العلاجات السياسية خارج حدود نيورك، حيث أشار مداني إلى أنه سيقف أمام الضغوط التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مسألة الضرائب والسياسات الاقتصادية. وفي هذه النقطة، بثّ رسائل تفيد بأن المدينة ستظل صوتاً قوياً لدفاع عن مصالح سكانها والمقيمين فيها، بمن فيهم المهاجرون الذين يشكلون جزءاً حيوياً من النسيج الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لمدينة. من دون الدخول في تفاصيل السياسة الوطنية، عبّر عن طموحه في أن تبقى نيورك مدينة ذات سياسات محلية توازن بين مصالح المدينة وضرائبها واحتياجات أهلها.
إلى جانب هذه التعهدات، شد مداني على أن نيورك ستكون “المدينة التي يعيش فيها المهاجرون” ليس كإشارة كلامية فقط، بل كخطة عمل واقعية تراعِي احتياجات المجتمع المتنوع وتفتح فرص حقية لجميع. وفي هذا الإطار، أكد أيضاً عزمَه على مكافحة أشكال الإسلاموفوبيا والعمل على تعزيز قيم التسامح والاحترام ضمن بنية المدينة، وهو موقف يندرج ضمن سعيه لبناء منظومة مجتمعية متنوعة تقبل الجميع وتوفر لهم الحماية والاندماج بعيداً عن أي تميز. يعكس هذا التصور رغبة قوية في تعزيز الأمن الاجتماعي وتوفير بيئة ملائمة لناس من مختلف الخلفيات.
نيورك مدينة المهاجرين في عهد مداني: تعهدات وسياسات
تضمن الرسالة الأساسية التي يقدمها مداني تصوراً واضحاً لمستقبل المدينة وكيف يمكن أن تحول إلى بيئة أكثر إشراقاً وشمولاً. فالمهاجرون ليسوا مجرد فئة سكان، بل هم جزء لا يتجزأ من الأحياء الاقتصادية والاجتماعية لمدينة. من هذا المنطلق، يتحدث الدعاء إلى العمل المستمر، بما يعنيه من تنظيم عام لموارد وتوجيها نحو المشاريع الخدمية الحيوية. كما يؤكد أن تحسين الصحة والتعليم والشيء نفسه في قطاع الإسكان سيكون ضمن الأولويات التي سيحرص على تنفيذها، مع الحفاظ على قيمة المدينة كمركز تجاري وثقافي عالمي.
رؤية شاملة لإدارة المدينة والشفافية الاقتصادية
تمحور رؤية مداني حول تعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة ومحاربة كل أشكال التلاعب والفساد. وهو يربط بين هذه الرؤية وبين حماية أموال المدينة من أي اختلاسات محتملة أو استغلال سياسي لموارد. كما يركّز على أهمية أن تكون سياسات الضرائب عادلة ومتوازنة، وأن تخذ المدينة موقفاً صارماً ضد أي شكل من أشكال التهرب من التزامات المالية أمام الخزينة العامة. في هذا السياق، تؤكد كلماته على أن سياسات المدينة يجب أن تكون شفافة ومتاحة لمراجعة والمساءلة من قبل الجمهور والمجتمع المدني والجهات الرقابية.
مواجهة التحديات الاقتصادية وتوجيه الموارد
يطرح مداني إطاراً عاماً لإدارة التحديات الاقتصادية في مدينة كبيرة كالنيورك، مع حث السكان على التحلي بالصبر والانخراط في العمل الجاد. يربط بين تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين الخدمات اليومية لمواطنين، ويرى أن توفير فرص العمل والتعليم والتدريب يمكن أن يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتقليل الفوارق. كما يشير إلى أهمية تلافي التوترات الاقتصادية عبر سياسات متوازنة ترعى مصالح المدينة كيان تعاوني، وتدفع نحو نمو مستدام يدمج فئات المجتمع بصورة عادلة.
التزاماته تجاه المجتمع الإسلامي والمهاجرين
تجسّد تعهدات مداني في هذا الجانب سعيه إلى بناء مجتمع يحترم التعدية ويرفض كافة أشكال التميز. وهو يؤكد من جديد أنه سيعمل على إنهاء مظاهر الإسلاموفوبيا في المدينة عبر سياسات ومبادرات تعليمية وتثقيفية وتوعوية، إضافة إلى تحسين خدمات الدعم لمجتمعات المهاجرة. يعيد التأكيد على أن نيورك يجب أن تظل مدينة حاضنة لمهاجرين وتوفيراً لفرصهم، وأن قيمها يجب أن تعكس التنوع والاحترام المتبادل.
إطاره القيادي وأثره على أحياء المدينة
ينظر كثيرون إلى فوز مداني باعتباره علامة على إمكانية قيادة المدينة بمقاربات جديدة تجمع بين الحزم في مواجهة الفساد والتفهم لاحتياجات سكانها. يتركز الحديث حول إمكانية أن تُترجم كلماته إلى أفعال ملموسة تحسن من نوعية الحياة في أحياء المدينة، وتوفر حلولاً عملية لمشكلات اليومية مثل النقل والسكن والخدمات الأساسية. وبقدر ما يعكس التزامه بالعمل المستمر، يظل الحوار العام مفتوحاً حول آليات تنفيذ التغيرات وضمان الاستدامة على المدى الطويل.
التواصل مع السكان وتفعيل المشاركة المجتمعية
يشير تناول مداني لموضوع إلى أهمية إشراك المجتمع المحلي في عمليات التخطيط واتخاذ القرار. فالتواصل المستمر مع قادة المجتمع ومثلي المهاجرين والمجموعات الدينية والثقافية كافة يمكن أن يسهم في بناء جبهات عمل موحدة تعز الثقة وتُعز من قدرة المدينة على تحقيق تطلعاتها. من هذا المنطلق، يبدو أن النهج المزدوج بين الحزم والشفافية والمشاركة سيُكوّن محوراً رئيسياً في إدارة المدينة خلال الفترة القادمة، بما يدعم رؤية نيورك مدينة المهاجرين كواقع عملي وليس كتصور نظري فحسب.
بوعي واضح بالإرشاد العام والمتابعة الدائمة، يعمل مداني على أن تبقى نيورك مدينة تسع لجميع وتحول إلى نموذج حي لتعايش والتقدم. وهو يؤمن بأن العمل المستمر والتزام بالمبادئ الأساسية سيجعلان من المدينة مكاناً يحترم حقوق الإنسان ويعز العدالة الاجتماعية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على مكانة نيورك كوجهة لمهاجرين وأسرهم وبقية فئات المجتمع. في هذا السياق، يبقى السؤال مفتوحاً أمام سكان المدينة حول قدرة هذه الرؤية على الخروج من حيز الخطاب إلى فضاء التنفيذ الفعلي، وهو ما ستكشفه الأشهر القادمة من عمر الإدارة الجديدة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































