كتبت: بسنت الفرماوي
دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته إلى تعزيز التعاون بين الحلف والصناعات الدفاعية لتسريع الإنتاج والابتكار الدفاعي، في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة. وخلال كلمته في منتدى صناعة الناتو الذي انطلق اليوم في بوخارست، شكر روته رومانيا ورئيسها نيكوشور دان على استضافة المنتدى، وهو واحد من أكبر الفعاليات التي تجمع قادة الحلف وصناع القرار التنفيذيين في قطاع الصناعات الدفاعية من أوروبا وأميركا الشمالية. وأكّد أن الشركات الصناعية هي المكوّن الأساسي لردع الناتو ودفاعه الجماعي. كما أشار إلى أن القرارات التي اتُخذت خلال قمة الناتو في لاهاي هذا العام كانت تاريخية، حيث اتفق القادة على الاستثمار بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع بحلول عام 2035، مؤكداً أن هذا الإنفاق جاد لكنه ضروري للحفاظ على الأمن. وتشمل هذه الاستثمارات شراء مقاتلات ودبابات وسفن وطائرات مسيّرة وذخائر، إضافة إلى قدرات في مجالي الفضاء والأمن السيبراني. وأوضح أن تحويل هذه القرارات إلى واقع يعتمد على شراكة وثيقة مع القطاع الصناعي، مؤكداً أن العديد من الدول الأوروبية، بما فيها رومانيا، بدأت زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل غير مسبوق، حيث تخطط بوخارست لرفع الإنفاق إلى 3.5% من ناتجها المحلي بحلول عام 2030. وقال أمين عام الناتو: “النقود وحدها لا توفر الأمن، نحتاج إلى القدرات، إلى المعدات، إلى القوة النارية الحقيقية، وإلى التكنولوجيا الأكثر تقدمًا، لأن التهديدات التي نواجهها حقيقية ودائمة.” وأوضح أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا تظل أبرز مثال على هذه التهديدات، محذراً من أن “خطر روسيا لن ينتهي بانتهاء الحرب” طالما أنها مستمرة في تطوير صناعة التسلّح. وأكد روته أن الحلف يواجه مرحلة تتطلب “قوة، وابتكارًا، وتعاونًا”، موضحاً أن ثلاثة محركات رئيسية يجب أن تقود هذه الجهود وهي الكمية، الإبداع، والتعاون. فمن حيث الكمية، أشار إلى أن الناتو يمتلك بالفعل أنظمة متقدمة “لكننا نحتاج إلى المزيد وبسرعة”، مشيراً إلى أن الحلف نجح مؤخرًا في مضاعفة إنتاج الذخائر بعد أن كانت روسيا تتفوق عليه في هذا المجال. أما في مجال الإبداع، فحث روته الشركات الكبرى والناشئة على “توظيف أفكارها المبتكرة لخدمة الأمن الجماعي”، مبرزاً دور مبادرة “ديانا” لتسريع الابتكار الدفاعي وصندوق الابتكار التابع للناتو، وهو أول صندوق استثماري سيادي متعدد الدول في العالم لدعم التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام. وفيما يخص التعاون، أكد الأمين العام أن هذا المجال “هو جوهر عمل الناتو”، مشيراً إلى أهمية التنسيق مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ودول المحيطين الهندي والهادئ مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، لتعزيز الابتكار والإنتاج المشترك. ودعا روته الشركات الدفاعية إلى زيادة الإنتاج وتوسيع خطوط التصنيع دون الخوف من فائض في القدرات مستقبلاً، مؤكدًا أن “ما تنتجونه سيجد من يشتريه”. وأضاف أن هذه الجهود ستؤدي إلى أمن أقوى ونمو اقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، واصفاً ذلك بـ “عائد الدفاع” الذي يعود بالنفع على الجميع. وختم الأمين العام كلمته بدعوة إلى “العمل معًا من أجل مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا”، قائلاً: “لدينا الإرادة السياسية والموارد والطلب، وما علينا سوى أن نحول هذه الإرادة إلى أفعال. فالأمن المشترك هو أعظم استثمار يمكننا القيام اليوم.” تأتي مشاركة أمين عام الناتو في منتدى صناعة الدفاع ببوخارست في إطار زيارته الحالية إلى رومانيا حيث عقد مباحثات ثنائية مع الرئيس الروماني نيكشور دان ورئيس الوزراء إيلي بولوغان وعدد من كبار المسئولين الرومانيين، كما تأتي هذه الزيارة في إطار جهود الناتو لتعزيز القدرات الدفاعية المشتركة ودعم التعاون مع الدول الأعضاء على الجناح الشرقي للحلف.
ركائز التحرك نحو الإنتاج والابتكار الدفاعي
تؤكد كلمة روته في بوخارست أن الناتو يضع الإنتاج والابتكار الدفاعي في صلب استراتيجيته. فبينما أشار إلى أن الاتفاقات التاريخية في لاهاي تشكل إطاراً واضحاً للمضي قدماً، شدد على أن سرعة تطبيق هذه القرارات تخص صناعات الدول الأعضاء وشركاتها. وفي هذا السياق، لفت إلى أهمية تحويل الأموال المخصصة للدفاع إلى قدرات قابلة للاستخدام في ساحات الحروب والتهديدات الرقمية والفضائية، مع الحفاظ على توازن يضمن استدامة وتمويل هذه القدرات على المدى الطويل. كما أشار إلى أن التغيرات العالمية المتسارعة تستدعي تعزيز القدرة على الإنتاج السريع والتحديث المستمر للمعدات التي يعتمد عليها الحلف في ردع تهديدات معاصرة.
التزامات القادة وتوجيه الإنفاق الدفاعي
أكد الأمين العام أن قمة لاهاي أطلقت مساراً قائماً على زيادة مستدامة في الإنفاق، مع التزام الاستثمار بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع بحلول 2035. وتطرق إلى أن هذا الالتزام ليس ترفاً بل ضرورة للحفاظ على الأمن والاستقرار في وجه تهديدات متجددة. كما أشار إلى أن الدول الأوروبية، من بينها رومانيا، بادرت إلى رفع إنفاقها بشكل غير مسبوق، وهو ما يعكس إدراكاً عميقاً بأن الأمن ليس مجرد جاهزية عسكرية، بل بنية صناعية داعمة للردع والتوازن في المجمل. وتطرق إلى أن هذا التحرك يتجاوز بند الإنفاق ليشمل فروعاً مثل القدرات في الفضاء والأمن السيبراني، بما يعزز منظومة الدفاع الشاملة.
أدوار القطاع الصناعي والشراكات الدولية في الإنتاج والابتكار الدفاعي
أبرز روته ضرورة وجود شراكة واسعة مع القطاع الصناعي لضمان تحويل القرارات إلى منتجات وخدمات قابلة للإنتاج والبيع. وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الشركات الكبيرة والناشئة ينبغي أن تتبنى وتوظف أفكارها الإبداعية لخدمة الأمن الجماعي، وأن مبادرات مثل «ديانا» ورأس مال الابتكار التابع للناتو يلعبان دوراً مركزياً في تسريع الابتكار الدفاعي. كما لفت إلى أن صندوق الابتكار التابع للناتو، وهو أول صندوق استثماري سيادي متعدد الدول في العالم لدعم التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام، يمثل نموذجاً فريداً للتعاون الاقتصادي والتقني بين الدول الأعضاء.
التعاون الدولي كركيزة للإنتاج والابتكار الدفاعي
كشف الأمين العام عن أهمية التنسيق مع شركاء دوليين مهمين، من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا إلى دول المحيطين الهندي والهادئ مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، لتعزيز الابتكار والإنتاج المشترك. وفي هذا السياق، أكد أن الجهود التعاونية ليست خياراً بل ضرورة في عصر تتزايد فيه التحديات والخطر المشترك، مع التأكيد على أن العمل الجماعي سيؤدي إلى تقوية القدرات الدفاعية والتكنولوجية عبر الحدود.
خطوط الإنتاج والقدرات التكنولوجية ومستقبل الصناعة الدفاعية
دعا روته الشركات الدفاعية إلى زيادة الإنتاج وتوسيع خطوط التصنيع دون الخوف من وجود فائض في القدرات مستقبلاً. وأكد أن ما تنتجه الشركات سيجد من يشتريه، وهو قول يعكس ثقة الناتو في قدرة السوق الدولية على استيعاب منتجات الدفاع، ويؤكد أن الاستثمار في القدرات سيؤدي إلى أمن أقوى ونمو اقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وهو ما يسميه البعض عائداً للدفاع يعود بالنفع على الجميع. كما أشار إلى أن الإنتاج ليس غاية في حد ذاته، بل هو جزء من منظومة أوسع تستند إلى الابتكار والتحديث المستمرين لمواجهة التهديدات المتغيرة.
زيارة بوخارست وآفاق تعزيز الدفاع المشترك
خلال هذه الزيارة، أجرى أمين عام الناتو مباحثات ثنائية مع الرئيس الروماني نيكشور دان ورئيس الوزراء إيلي بولوغان وعدد من كبار المسؤولين الرومانيين. وتندرج هذه الأنشطة ضمن إطار جهود الحلف لتعزيز القدرات الدفاعية المشتركة ودعم التعاون مع الدول الأعضاء على الجناح الشرقي للحلف. وتأتي هذه اللقاءات في سياق مساعٍ أوسع لتنسيق السياسات الدفاعية والابتكارية مع شركاء الحلف في منطقة أوروبا وأجندات الأمن الدولي، بما يعزز من واقع الأمن والاستقرار في الوجهة الشرقية للحلف وحتى في مجالات التعاون على الصعيد العالمي.
أطر تعزيز القدرات الدفاعية عند الناتو
ختم روته حديثه بتأكيده أن الأمن المشترك هو أعظم استثمار يمكن للدول القيام به اليوم، وأن الإرادة السياسية والموارد والطلب موجودة، ما على إلى تحويل هذه الإرادة إلى أفعال. وفي هذه الرسالة، شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب ليس فقط التزاماً سياسياً بل أيضاً تطبيقاً فعالاً يترك أثراً ملموساً في القدرات الدفاعية والتكنولوجية للحلف. ولكل ذلك، فإن التعاون بين الدول الأعضاء والقطاع الخاص والشركاء الدوليين يبقى حجر الأساس في بناء مستقبل أمني واقتصادي أقوى وأكثر استدامة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































