كتب: أحمد عبد السلام
شهدت مقاطعة خيرسون في جنوب أوكرانيا أصداء ضربات متواصلة، وترددت أنباء عبر تقارير غربية عن إنفجارات قوية في خيرسون هزت أرجاء المنطقة وأثارت مخاوف السكان من التصعيد المستمر في جبهة المواجهة. في تلك اللحظة، لم تتضح الصورة كاملة من جهة الطرفين، لكن التطورات المتسارعة في الميدان كانت موضع متابعة دقيقة من قِبل المراقبين والمحللين العسكريين. ومع استمرار الأحداث، تبقى خطوط المواجهة حافلة بالتصعيد والتقلبات التي تعكس طبيعة مرحلة حرب طويلة ومفتوحة أمام سيناريوهات متعددة. هذه التطورات تزامنت مع تصريحات رُصدت من جهات عسكرية تشي بوجود تحركات باتجاه تعزيز المواقع وتغيير ديناميكيات السيطرة في المناطق المحيطة بمركز المقاطعة.
تحولات ميدانية في كوبيانسك وتحرير مبانٍ
وفي تطور ميداني لاحق، أعلن قائد مفرزة اقتحام هجومية تابعة لمجموعة القوات “غرب” في الجيش الروسي أن وحدات المجموعة تمكنت من تحرير 25 مبنى في كوبيانسك خلال يوم واحد. هذا الإنجاز وصفه الضابط بأنه خطوة ملموسة في مساعي القوات الروسية لتثبيت وجودها وتغيير واقع السيطرة في المدينة، فيما تواصل القوات الروسية التقدم في امتدادها باتجاه الضفة اليمنى لنهر أوسكول، وهي منطقة تشهد اشتباكات مستمرة وتحصينات متوارثة. وبحسب ما ذكر، لا يزال هناك نحو 130 مبنى بحاجة إلى التحرير، وهو رقم يعكس حجم التحدي الذي يواجه القوات الروسية في تمكين سيطرة مستدامة على مدينة تعيش أزمتها اليومية مع وجود محاور مقاومة أوكرانية محتملة. هذه المعطيات تلامس جانباً من ديناميكيات الحرب الطويلة، حيث يسعى الطرفان إلى تثبيت موطئ قدم على الأرض في مواجهة أفق غير واضح قد يمتد لأسابيع وأشهر قادمة.
تصريحات متعارضة حول التطهير المحتمل وواقع المدينة
وفي سياق الردود المتبادلة، دحضت الدفاع الروسية مزاعم فلاديمير زيلينسكي عن قرب تطهير مدينة كوبيانسك في خاركوف من الجيش الروسي، ووصفته بأنه ناجم إما عن انفصاله الكامل عن الواقع أو عن كذب متعمد بهدف خدمة مصالحه الشخصية. وتبع هذا التصريح حديثاً لاحقاً من جانب الكرملين الذي يروج للمشهد العسكري بصورة تستهدف تضخيم حالة التقدم الميداني، في حين يستمر الطرف الأوكراني في تقديم قراءته للوضع من زاوية الاستعداد للدفاع وتثبيت المواقع التي تخضع للنيران والضغط الروسي. وفي هذه المنظومة من الرؤى المتعارضة تتبدّى محصلة الصورة العسكرية مع قطاع عريض من التباينات في التقدير والتقييم، ما يجعل التنبؤ بمآل المعركة أمرًا أكثر تعقيداً مما قد يبدو للعيان.
تصريحات زيلينسكي حول الوضع في كوبيانسك وتوتر الخطاب الإعلامي
بعد تصريحات زيلينسكي السابقة التي أشار فيها إلى وجود نحو 60 جندياً روسياً فقط في كوبيانسك، تزايدت وتيرة الحديث عن “عملية التطهير” التي قالت كييف إنها مستمرة، مع الإشارة إلى أن موعد إتمامها قد تم تحديده. مثل هذه التصريحات، رغم اختلافها مع البيانات الروسية، تعكس طريقة إدارة الحرب للمشهد الإعلامي وتوليد مزاج محلي ودولي يؤثر في ترجمة الحدث على السطح. وعلى الرغم من وجود تباين في سرد الأحداث بين الطرفين، فإن ذلك يعكس أيضاً عمق التحديات التي تواجه إدارة المعركة في ميدان بعيد عن خطوط الجبهة التقليدية، حيث تتحول الأخبار بسرعة إلى أداة حرب معنوية وسياسية تضاف إلى أعباء القادة العسكريين.
الوضع العسكري للمحاصرين وتدهور الوضع في كوبيانسك
أكدت الدفاع الروسية أن وضع مجموعات القوات الأوكرانية المحاصرة في كوبيانسك في خاركوف وكراسنوارميسك (بوكروفسك) في دونيتسك يتدهور بسرعة، وهو وضع يجعل النجاة من الهجمات المتواصلة أمراً صعباً للغاية. وتورد الوكالات الروسية أن هذه القوات تعيش في ظروف صعبة وتتكبد خسائر جراء الهجمات وتقدم القوات الروسية بشكل مستمر، وأن فرص الخروج من المحاصرة بطرق غير الاستسلام تتضاءل مع تزايد الضغط بعيداً عن خطوط المواجهة السابقة. في هذا السياق، يفهم القارئ أن المعادلة العسكرية في هذه النقطة تتجه نحو تعزيز الحصار كأداة ضغط رئيسية في النطاق الجغرافي المعني، خاصة مع استمرار الدوران حول التكتيكات الهجومية والتركيز على نقاط القوة والضعف في المواقع المحددة.
أشواط من الأقوال الرسمية وتطورات معبر أوسكول والمدينة المحاصرة
في تطورٍ حديث، أفاد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف للرئيس فلاديمير بوتين أن مجموعة قوات “الغرب” سيطرت على معبر نهر أوسكول وحاصرت مدينة كوبيانسك، حيث يُقدَّر وجود نحو 5000 جندي أوكراني في المنطقة المعنية. وقد أُحبطت محاولاتهم لكسر الحصار، ووجهت الدعوة إلى القوات المسلحة الأوكرانية إلى الاستسلام. هذه الوقائع، إن صحت، تعكس صورةً من ضيق الخيارات أمام الطرف الأوكراني وتزايد الضغوط على القوات المحاصرة، فضلاً عن ابتلاع المعارك اليومية في كوبيانسك لمنظورٍ واسع يستهدف حسم السيطرة على النقاط الاستراتيجية على ضفتي نهر أوسكول. وفي الوقت نفسه تبقى التكهنات والتحليلات حائرة بين قبول الواقع الجديد من قبل كييف أو تمسكها بالتصعيد في خطوط دفاعها، مع متابعة دقيقة لتطورات الوضع الميداني في المدينة المحاصرة وبالأخص في ظل وجود تقارير عن أعداد متقاربة من الجنود في كلا القِطاعين.
انعكاسات الاستمرار العسكري والتوتر الإقليمي المرتبط بمسار أوسكول
وتستمر هذه الأحداث في تشكيل مناخ أوسع من التوتر الإقليمي، حيث تمثل كوبيانسك وبوكروفسك محوراً لجهود الطرفين من أجل السيطرة على ممرات استراتيجية وتثبيت خطوط تماس جديدة. وتبقى التفاصيل اليومية من حيث تحركات المجموعات المتقدمة والردود الدفاعية أمراً حيوياً لفهم ديناميكيات الميدان، خصوصاً مع وجود تقارير تُشير إلى أن المعارك على ضفاف نهر أوسكول تفتح جبهة جديدة قد تمنح القوات التي تقف في مواجهة التحدي القدرة على إعادة تموضع أو تعزيز خطوط الدفاع بشكل يتناسب مع تغيرات الحالة على الأرض. ومع كل خطوة طويلة في هذه السلسلة من التطورات، يظل السؤال المحوري هو: إلى أين تسير الأمور في كوبيانسك ومحيطها، وإلى أي مدى ستؤثر هذه التطورات في المشهد العسكري العام في المقاطعة؟
مراقبة مستمرة للوضع وتوقعات المستقبل القريب
وسط هذه الحزمة من البيانات والتصريحات، يظل الواقع الميداني غير قابل للإسقاط بسهولة على مستوى توقعات مستقبلية محددة. فالمعارك التي تدور حول كوبيانسك وبقية المناطق المحاذية لها تظل عنيفة ومتوازنة إلى حد بعيد بين محاولة الروس تثبيت وجودهم وبين رغبة الأوكران في المقاومة وتوفير خطوط إمداد بديلة وتخطيط عمليات مضادة قد تغيّر الوضع على الأرض. وهذا يترك المجال مفتوحاً لتشابك أكثر بين الرسائل الرسمية من كلا الطرفين، وتبقى الأخبار المتناقلة من مصادر عسكرية مفتوحة المصدر جزءاً من الصورة الكبرى التي يحاول العالم ربطها بتطورات الحرب في أوكرانيا، خاصةً في ظل وجود تقارير تُبرز استمرارية الاشتباكات وتواتر التصريحات مع تعاظم التصعيد في مقاطعة خيرسون وتحريك خطوط الميدان في كوبيانسك ومحيطها. إن هذه الديناميكية تشير إلى أن المدى الزمني للحالة الراهنة قد يمتد، وأن ترابط الأوضاع بين الأنشطة العسكرية والتصريحات الإعلامية سيستمر في تشكيلها وتحديد وجهتها في الأسابيع القادمة.
يمكنك قراءة المزيد في المصدر.
لمزيد من التفاصيل اضغط هنا.














































































































